قضايا و آراء

العظمــــاء لا يمــــوتـــــــــــون

م ع/ حديبي عبد الله /

عندما يتجدد فيك والدك ومعلمك، وترى اثارهم وسيرهم تعود معك، تملأ سمعك وبصرك وفؤادك، فاعلم يقينا ان هؤلاء لم يموتوا وأنهم باقون في وجدانك وفيك ومن خلالك، فترى جمالا لأخلاق عالية، وكمالا لهمم سامية.
ان طيف هؤلاء يعود دائما، يملأ المكان، فأينما اِلتفت تحس بوجودهم وأينما جلست كانوا بجوارك،في شارعك،في منزلك،في مسجدك، يمشون معك في تسوقك و يجالسونك في عملك.
وطيفهم يملأ الزمان، فهم موجودون في الليل وفي النهار، يتجدَّد أْلقُهم كل ساعة، وتشعر بوجودهم في كل آن، وقت الطعام، وقت الصلاة، وايام الاعياد.
ان تواتر الاجيال وتتابعها يخلف اثارا مادية مهمة، لكن اثاره المعنوية لا تخلو من الجمال
والأسرار، قد يحدثك والدك او معلمك عن اشياء تبدو غريبة، بل مبالغ فيها احيانا، فيتضح لك بعد ذلك انهم كانوا لطفاء في توصيفهم ومعتدلون في تقديمهم، بل كان ذلك منهم مراعاة لمستوى فهمك، وتبسيطا لقدرة ادراكك، وتعلم حينها اي صبر وأية قوة نفسية كانت عندهم، وان الحلم والأناة ليست شعارات يرددونها بقدر ماهي اصل فيهم وعمل يحسنون اتقانه.
عند هذا وعند هذا فقط تدرك معنى قول الله عز وجل : ( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14) )الواقعة، ان النجاح والفوز كان للثلَّة عند الاولين ولا يكون الا للقلة في الاخرين، ان هذا ليس صراعا لأجيال بقدر ما هو تثمين لأخلاق رجال ونساء كانوا اكبر من اجسامهم، واقوى من واقعهم :
وَإِذا كانَتِ النُفوسُ كِبارا
 تَعِبَت في مُرادِها الأَجسامُ
ان العظماء ليسوا فقط عظماء ذكرهم التاريخ، ان بعضهم عظماء عندك وحدك،لا يحس بعظمتهم الا انت، لا يرى بطولاتهم الا انت، لا يتلمس سُموّهم الا انت، يحسبهم كل الناس من العامة وهم عندك من خاصة الخاصة، يعتقد بعضهم ان حَظٌّهم من العلم قليل وهم عندك اعلم العلماء.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com