الفتوى رقم:232 الموضوع: محارم المرأة زوجُها، وكلُّ ذكر تحرم عليه تحريما مؤبدا./محمد مكركب
السؤال: ورد إلينا سؤال هذا نصه:
أنا امرأة مسلمة والحمد لله، لم يسبق لي الحج إلى بيت الله الحرام إلا هذا العام، كتب الله تعالى لي أن أحج مع ابن زوجي وزوجته، وحفيدتي وزوجها، ولما رجعت من رحلة الحج، قيل لي إنني ارتكبت إثما وحجي ناقص، لأنِّي لم أحج مع زوجي أو أحد المحارم من آبائي أو أبنائي أو إخوتي، وأما ابن زوجي فليس من المحارم، وكذا زوج حفيدتي، وكنت قبل الذهاب سألت إماما فقال لي: ابن زوجك، وزوج حفيدتك من المحارم. قالت السائلة: فما حكم الشرع في صحة الحج؟ ومن هم محارم المرأة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: يقول الله تعالى: ﴿فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل:43] وأنت أيتها السائلة، أتيت إماما وسألته، فأجابك جوابا صحيحا، ومن هذه الناحية، أي في مسألة المرافق المحرم فحجك صحيح. لأن ابن زوج المرأة من محارمها، وكذلك زوج ابنتها، وزوج بنت ابنتها من محارمها. وبارك الله فيك، فأنت تريدين أن تعلمي الحق لتتبعيه، وتريدين أن تكون عبادتك لربك صحيحة. فاطمئني فإن حجك صحيح إذا كانت الأركان كاملة، والشروط الأخرى تامة.
والله تعالى أعلم.
ثانيا: إن مسألة معرفة المحارم لا تحتاجينها في المرافقة في السفر فقط، وإنما على المرأة أن تعرف من هم المحارم، لأن هذه المسألة تحتاجها المرأة في كثير من معاملاتها مع الأقارب. فكان عليك أيتها السائلة، أن تجلسي إلى مرشدة في حلقات علمية، وتتفقهي في الموضوع تماما.كما جاء في الحديث النبوي: [من يرد الله به خيرا يفقه في الدين]. فالواجب على كل مسلمة أن تتفقه في هذا الموضوع وفي غيره مما هو متعلق بواجباتها الدينية. واعلمي أن طلب العلم فريضة. فالمرأة تحتاج إلى معرفة من هم المحارم، بشأن اللباس، والخلوة، والمجالسة، والسفر، والمصاهرة، وغير ذلك.
والله تعالى أعلم.
ثالثا: من هم محارم المرأة؟ (محارم المرأة زوجها، وكل ذكر تحرم عليه تحريما مؤبدا)، وهم على ثلاث مراتب:
1 ـ محارم من النسب، وهم: الأب، وأب الأب، وأب الأم. والأبناء وأبناء الأبناء، وأبناء البنات. والإخوة الأشقاء، والإخوة لأب، ولإخوة لأم. وأعمام المرأة، وأعمام أبيها، أو أعمام أمها. وأخوال المرأة، وأخوال أبيها، وأخوال أمها. وأبناء الإخوة، وأبناء أبنائهم، وأبناء بناتهم. وأبناء الأخوات، وأبناء أبنائهن، وأبناء بناتهن.
2 ـ المحارم من الرضاع، وهم: هم كما هي علاقة النسب. عملا بالحديث الشريف: ففي صحيح مسلم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:[يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ] [مسلم. كتاب الرضاع، رقم:1444].
3 ـ المحارم بالمصاهرة، وهم: أبناء زوج المرأة، وأبناء أبنائه، وأبناء بناته. وأب زوج المرأة، وأبو أبيه، وأبو أمه. وأزواج بنات المرأة، وأزواج بنات أبنائها، وأزواج بنات بناتها. وزوج أم المرأة، وزوج جدتها.
والله تعالى أعلم.
رابعا: من بين الآيات المحكمات التي يجب تدبرها في الموضوع: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْها وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ {النور:31}
وقول الله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً﴾ {النساء:23}.
عن عمرة، أن عائشة رضي الله عنها، أخبرتها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عندها، وإنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة، قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله، هذا رجل يستأذن في بيتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أُرَاهُ فُلَانًا] لعم حفصة من الرضاعة، فقالت عائشة: يا رسول الله، لو كان فلان حيا، لعمها من الرضاعة، دخل علي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [نَعَمْ، إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ] [مسلم. كتاب الرضاع]؛ وآيات وأحاديث أخرى. منها: عن نافع، عن عبد الله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: [لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ، تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، تُسَافِرُ مَسِيرَةَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ] [مسلم.كتاب الحج.رقم:1338].
والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.