عين البصائر

إصلاح الباطن ومراقبة الخواطر

أ. لخضر لقدي /


خواطر القلوب لا تدخل في دائرة الحساب، ولا يترتب عليها عقاب, وربنا سبحانه يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ, ولكنه رحيم تَجَاوَزَ عَنْ أُمّة محمد صلى الله عليه وسلم مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ. وإصلاح الظاهر مرتبط بإصلاح الباطن, كما أن لصلاح الظاهر تأثير في صلاح الباطن ,ومن التزم بسنة ظاهرة كان له فيها نوع من العون والمدد. ونحن مطالبون بإظهار الإسلام بين الناس حتى لا يضعف الإسلام ويموت بين عباد الله تعالى, ومطالبون أن نلزم أنفسنا الخشية من الله تبارك وتعالى في الخلوات. وحين ينشأ خوف الله في القلب فلن يتجرأ عبد على معصية خالقه, فمن السَبْعَة الذين يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: …َرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ . والناس يُخْدَعُونَ بالمظاهر ويقَيِّمون الناس على أساسها وهم واهمون، ولكن الله لا يخدع, فعَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا. ، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا. ابن ماجة والطبراني. والخواطر هي شرارة العمل الأولى، وهي بذور الشيطان في أرض القلب، يبذرها ويتعاهدها ويسقيها حتى تصير إرادات، ثم يسقيها حتى تكون عزائم، ثم لا يزال بها حتى تثمر أعمالا. والقلب عمله الاعتقاد والعزم، واللسان عمله النطق بالكلام، والجوارح عملها معروف, وهي تتحرك وفق ما يبثه القلب, وما يقع من تفكير سيئ وأمنية خبيثة وداع إلى الهوى ويكون عارضا غير مستقر فلا يضر المؤمن ولا يلام عليه, وينبغي له أن يقطع هذه الخطرات, ويستعيذ بالله من الشيطان, ويذكر الله ويقبل على العمل الصالح ,وبذلك أرشد الله في قوله تعالى:وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. وقد تظاهرت نصوص الشرع بالمؤاخذة بعزم القلب المستقر من ذلك قوله تعالى:إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَ.النور: 19.وقوله: اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ. الحجرات 12. وأجمع العلماء على تحريم الحسد ، واحتقار المسلمين ، وإرادة المكروه بهم ، وغير ذلك من أعمال القلوب،وعزمها . فوطن نفسك على مراقبة خواطرك ودفع السيء منها ، وعمّر قلبك بنور الإيمان والتقوى، وأدم محاسبةَ نفسك، وقوَّمها بميزان القرآن، واعلم أن َّ العبرةَ ليست بنواظرِ العيون، وإنَّما ببصائر القلوب، ومن مأثور حِكَمِ الشِّعْر: لَعَمْرُكَ مَا الأَبْصَارُ تَنْفَعُ أَهْلَهَا … إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلمُبْصِرِينَ بَصَائِرُ

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com