التجديد المتهافت اللاهــــث…
مداني حديبي /
هناك من يريد باسم التجديد والابداع والتميز أن يجدد كل شيء ..بدعوى أنه يتكرر لدرجة الملل وأنه خطاب مستهلك سئمنا من سماعه ومن مشاهدة نفس تفاصيله …
فيود لو يجدد القمر والشمس ليبدو الكون أكثر جاذبية و جمالا ..
و يناشد الزهرة التي يتأملها كل صباح لو تغير لونها
وشكلها لتبدو أكثر سحرا ودلالا.
ويتمنى لو يطبع القرآن طبعة منقحة يحذف فيه كل تكرار.. فقصة موسى شبعنا من تلاوتها في الكثير من السور..
وحتى الفاتحة أم الكتاب التي تتكرر في سبع عشرة ركعة في اليوم.. أما آن لاجتهاد فقهي أن يبرز ليحذف هذه النمطية التي تذهب حلاوة الخشوع ولذة الجديد.. ائت بقرآن غير هذا أو بدله…
حتى صار للشذوذات الفقهية والاجتهادات الصادمة سوق رائجة..
و حتى على مستوى المطالعة .. السؤال الذي يتردد دائما هل من عنوان جديد..؟.. وهو لم يطالع إلا بعض الصفحات من تلك الكتب التي يكدسها كل مرة وهو يبحث عن الجديد… فهو ينتقل من مؤلف إلى مؤلف ومن محاضر إلى محاضر لا بحثا عن الفائدة والتنويع بل اشباعا لرغبة كامنة لا هم لها إلا الجديد.
حتى بعض المنشورات الفيسبوكية والمقالات والسلاسل
صارت تراعي هذا الجانب فتكتب بأسلوب غامض غريب
حتى لا تبدو رتيبة باهتة.. فهي تتكلف وتتعسف لدرجة التصنع المقيت.
فالبعض في محاضراته ومقالاته يغير حتى المصطلحات الثابتة ليبدو جديدا ..لا نمطيا متكلسا..
الاجتهاد الضروري المطلوب…
صحيح أن التجديد فريضة وأبجدية على مستوى الكتابة
والمحاضرة والممارسة.. فالنمطية الرتيبة قتلت فينا اللذائذ والمتع وجعلتنا ننفر من اسطوانة مشروخة تتكرر كل مرة… لكن في نفس الوقت الألفة الغافلة جعلتنا نمل من رؤية الشمس كل مرة في حين يدهشنا اختراع بشري لأنه جديد…
فالتاجر الذي لا يحسن عرض سلعته من يشتري منه..؟
والزوجة التي تكرر نفس الأكلة بنفس المواصفات من يشتهي طبخها..؟
والمؤلف الذي يكرر نفسه في جل كتبه من يقبل على مطالعة كتبه؟
فالتنويع و التجديد والتميز يفعل فعله في النفس اقبالا ولهفة ..
أما التجديد لمجرد التجديد فمرض نفسي مستهلك مقيت.