في رحاب رمضان

غنيمـــة رمضـــان هــذا العام

الشيخ نــور الدين رزيق * /

ان الحجر الصحي المنزلي يعتبرها بعض الناس عقوبة وهي عند المتبصر فرصة للمحاسبة ومراجعة الذات ووقفة للخلوات، العبد في حاجة ماسة إلى الخلوة و الاعتزال في هذا الزمان وها هي الفرصة والمناسبة شهر رمضان شهر العبادة والقرآن، شهر جمع الله فيه اركان الاسلام: بعد الشهادتين إقامة الصلاة والزكاة (الفطر) والحج (عمرة في رمضان كحجة مع النبي صلى الله عليه وسلم)، و لا نقصد صلاة الفريضة فهي مأمور بها سائر الايام والشهور و انما سنة القيام ما يصطلح عليها صلاة التراويح ، روى البخاري و مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم (من قام رمضان إيمان و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)، فهي تؤدى جماعة كما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ليالي وسنها عمر بن الخطاب اقتداء، ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم (قام بأصحابه ثلاث ليال وفي الثالثة أوفي الرابعة لم يُصلّ، وقال: إني خشيت أن تُفرض عليكم) رواه البخاري (872) وفي لفظ مسلم (ولكني خشيت أن تُفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها ) ( 1271) فثبتت التراويح بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم المانع من الاستمرار فيها، وهو خوف أن تُفرض، وهذا الخوف قد زال بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه لما مات صلى الله عليه وسلم انقطع الوحي فأمن من فرضيتها، فلما زالت العلة وهو خوف الفريضة بانقطاع الوحي ثبت زوال المعلول وحينئذ تعود السنية لها.
وثبت في الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَدَعُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ … رواه البخاري ( الجمعة/1060 ) ومسلم (صلاة المسافرين/1174)
قال النووي : وَفِيهِ : بَيَان كَمَالِ شَفَقَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأْفَته بِأُمَّتِهِ .أهـ
بل هي من سنة النبي صلى الله عليه وسلم تركها خشية أن تُفرض على الأمة فلما مات زالت هذه الخشية، وكان أبو بكر رضي الله عنه منشغلاً بحروب المرتدين وخلافته قصيرة (سنتان)، فلما كان عهد عمر واستتب أمر المسلمين جمع الناس على صلاة التراويح في رمضان كما اجتمعوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، «خرج عمرَ بن الخطاب – رضي الله عنه – ليلةً في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاعٌ متفرّقون يُصلِّي الرجل لنفسِه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهْطُ، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئٍ واحدٍ لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أُبَيِّ بن كعبٍ، ثُم خرجتُ معه ليلةً أخرى والناسُ يصلُّون بصلاة قارئهم، قال عمر: نِعْم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل مِن التي يقومون، يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله»؛ رواه البخاري
وفي روايةٍ لمالكٍ أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أَمَر أبيَّ بن كعبٍ وتميمًا الداري أنْ يقوما بالناس بإحدى عشرة ركعةً، قال: وقد كان القارئ يقرأ بالمئينَ، حتى كنا نعتمد على العصيِّ من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فُرُوع الفجر.
فقصارى ما فعله عمر رضي الله عنه العودة إلى تلك السنة وإحياؤها.
يحافظوا عليها في البيوت مع الاهل و الاولاد يجمعوا فيها بين الاقتداء بالنبي صلى الله وطلب الحسنات في زمن فرضت علينا العزلة تحقيقا للمقصد شرعي وهو حفظ النفس، وعملا بما نقوله بعد الصلوات اللهم اعنا على ذكرك و شكرك وحسن عبادتك امين.
* أمين المال جمعية العلماء المسلمين

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com