فتاوى

الفتوى/ رقم: 188 الموضوع: الذمة المالية الخاصة بالولد، في حياة الوالدين./ محمد مكركب

 

قالت السائلة:

        إن أحد إخوتها وهو (أحمد) بنى بيتا بماله الخاص، في حياة والدهم، ولما مات الوالد ترك مالا وأرضا، أخذ هذا الولد(أحمد) حقه من الميراث كسائر إخوته، ولكن أحد الإخوة طالبه بإدخال بيته الخاص في التركة، وتقسيمه مع ما ترك الوالد. فرفض أحمد، بحجة أن البيت الذي بناه بماله الخاص ملك له وحده. فهل هذا القول صحيح؟ أم أن البيت الخاص بأحمد يقسم بين الورثة، على أساس بناه في حياة والده؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسول الله.

1 ـ يجوز شرعا وعقلا أن يكون لكل ولد، ذكرا كان أو أنثى، ذمة مالية، أي ملكية خاصة به. ولو في حياة الوالدين، كما يكون للزوجة ذمة مالية خاصة بها، إن كان لها ما تملكه، من صداق، أو ميراث، أو هبات، أو هدايا، أو مرتب شهري، أو تجارة خاصة بها. فالبيت الذي بناه الولد (أحمد) أخو السائلة، هو ملك خاص له، لأنه حسب السؤال. بناه بماله الخاص. فلا يقسم مع التركة التي تركها الوالد. ولاحق لإخوته في بيته الخاص به.

والله تعالى أعلم.

للنصح: نوصي في مثل هذه الحالات بالتوثيق، والوضوح، والشفافية، وقاية من سوء الظن، واجتنابا للشنآن الذي ينفخ من خلاله الشيطان. ومن القضايا التي تثير المشاكل بين الورثة، ويجب اجتنابها. كأحد الإخوة الذي يبني باسم والده، يعني بماله الخاص وحده، ولكن الملكية مسجلة على الأب. أو عندما يشترك أخوان أو ثلاثة في ملكية خاصة بهم، دون باقي الإخوة، ويسجل العقد على واحد. أو أحد الإخوة يبني على أرض الوالد، وباسم الوالد، ولكنه من ماله الخاص. كل هذه الحالات التي تثير المشاكل، وغيرها، مما يبقى بدون بيانات توثيقية صريحة يجب اجتنابه، وإبداله بما هو مشروع مبين.

والله تعالى أعلم.

3 ـ للتوضيح: عندما يكون الإخوة مع الوالدين في عائلة مجتمعة، وفي بيوت وأملاك مشتركة، كل ما يصرفونه بدون توثيق صريح، وغير معلوم بين الإخوة، بأنه ملك خاص لفلان، أو فلانة، فإنه يعد من ملكية الوالدين، يدخل في التركة العامة إن توفي الوالد يقسم بين الورثة. فإذا أراد أحد الإخوة أن يملك شيئا خاصا به، يجب أن لا يكون متعلقا بمال الوالد، كأن يبني على أرض مشتركة، وأن لا يقيم مشروعا على شبهة الشراكة مع إخوته. كتجارة في دكان مملوك للوالد. وإذا كان الولد يدير المال العام للعائلة، فلا يشتري ملكية خاصة به، كسيارة، أو بيت، إلا بعد أن يحاسبهم، ويبين لهم الميزانية العامة بالتفاصيل، ويعلمون أن له مال خاص ليشتري به ما يريد. ومن جهة أخرى: لا يجوز للإخوة إن كانوا يعلمون أن شيئا ما هو لأخيهم فلان، ولو لم يكن له وثائق، فلا يجوز لهم ظلمه، بل يجب أن يعترفوا لكل ذي حق حقه، ولكل ذي مِلك ملكه.

وختام النصيحة هنا، حديث رسول الله صل الله عليه وسلم. [الحَلاَلُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ].

والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com