القضية الفلسطينية

نهايـــــة الجـــبـــروت / «تـــرامب» يصــــارع نــفــســــه

أ. محمد الحسن أكيلال /

كان لا بد للعدالة الإلهية أن تتدخل وتوقف المأساة التي تعانيها البشرية، خاصة في العقد الأخير الماضي، حيث ظهر للعيان أن النظام الرأسمالي لم يعد يبحث عن شيء سوى إنقاذ نفسه من الورطة التي أوقع نفسه فيها في منتصف القرن الماضي حين أرغم العالم استعمال الدولار كعملة وحيدة في المبادلات التجارية بعد أن أبعدها عن قيمة الذهب كقيمة لها ليتسنى للإمبراطورية الأعظم التحكم المطلق في حياة البشر في كل أقطار العالم موظفا في ذلك كل الوسائل والأساليب الابتزازية والإرهابية ووضع اليد بالقوة على كل موقع يرى فيه مصلحته.
ولكي يغري أكثر بدل اقتصاده في الولايات المتحدة من اقتصاد يعتمد على الانتاج والانتاج الصناعي خاصة إلى اقتصاد مالي صرف يعتمد المضاربة والفوائد الربوية التي لا حدود لها وأرغم العالم أجمع على التعامل بالأسلوب والكيفية التي يفعل فيها ما يشاء في رفع سعر الدولار وتخفيضه أوأسعار المواد الأولية بل والغذائية والدوائية كيفما شاء.
وضع النظام الرأسمالي العالمي عامة والأمريكي خاصة لنفسه واجهة عقائدية براقة تتمثل في الديمقراطية وحقوق الإنسان، لقد استعملها على مدى قرن من الزمن ليتحجج بها في التدخل في بلدان ليسقط فيها أنظمة الحكم المعارضة لتوجهه ولجشعه وانتهى به المطاف في العقود الثلاثة الماضية إلى التصفية الجسدية لقادة دول مثلما حدث في العراق وليبيا وقبل ذلك في عام 1974 في التشيلي أين اغتال الرئيس المنتخب «سلفادور أليندي» وجعل مكانه الجنرال الدموي «بينوشي».
هذه العقيدة لم تثبت حجتها في الأعوام الأخيرة، لأن العقيدة الموازية لها «الصهيونية» كشفتها بالجرائم التي يرتكبها جيش الكيان الصهيوني في فلسطين ثم في لبنان وسوريا برعاية كاملة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الحليفة التي أسست دولة لهذا الكيان في أربعينيات القرن الماضي.
النظام الرأسمالي تأسس بمجموعة من الدول لشعوب اعتنقت ديانة محرفة من دين الله الذي هوالنظام الذي ارتضاه للبشرية جمعاء، وبانتقال قيادة هذا النظام إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث اشتد طغيانها وجبروتها بقيامها بإبادة جماعية لشعوب بكاملها منذ تأسيسها وخلال كل مراحل نموها وتطورها إلى أن بلغت الحد الذي ظن فيه قادتها أن لا حدود لقوتهم وجبروتهم فقوض لهم من بينهم نخبة أعمى أبصارها وبصيرتها لتختار متهورا أرعن يريد أن يتحدى قوة الله ومشيئته وقضاءه في مواجهة نازلة منه لم تعرف البشرية مثلها، فأصبح يتصرف باستهتار واستهانة دون مراعاة للأرواح البشرية التي تقضي ، وكل همه الفوز في الانتخابات القادمة فوجد نفسه يصارع في بلاده مواطنيه، ثم أخيرًا يبدوأنه يصارع نفسه بعد أن أحس أن الأوان أوان سقوطه وسقوط نظامه وعقيدته الصهيونية.
إن الله عز وجل هذه المرة تجلت قدرته أراد تصحيح المسار للإنسان فوق هذا الكوكب ويعيده إلى المسار الأصلي الذي اختاره له فبعث هذا الوباء كسلاح عات لا تقف في وجهه كل الأسلحة التي تفنن في صناعتها الجبروت والطغيان تحديا منه ليريهم أن كائنا بحجم وضآلة فيروس «كورونا» يجعل كل عقولهم وكل أسلحتهم عديمة الصلاحية أمامه.
والسلاح موجه هذه المرة بدقة متناهية إلى الأمم التي أسست هذا النظام منذ العهد الروماني إلى اليوم، كل الإمبراطوريات الاستعمارية الكبرى أصيبت منه بقدر ما قدمت أيديها من شر وفساد في الأرض.
الدور القادم للنتائج الكارثية التي سيخلفها الوباء على الصعيد الاقتصادي البداية الحقيقية للتغيير الجذري للنظام العالمي الذي لا شك هذه المرة سيكون نقيضا للنظام المنهار من حيث إنسانيته في توزيع أسباب العيش والحياة للبشر ولكل المخلوقات على الأرض.
إن سعر البترول الأمريكي بلغ مساء أمس أدنى سعر منذ أكثر من خمسين سنة فقد انخفض بنسبة 94 % ليصبح سعره 1,04 دولار للبرميل وهذا سيجعل البورصات أيضا تزداد انهيار عن الانهيار الذي وقع خلال الأيام الماضية.
إن المشيئة الإلهية قضت بتفكيك الجهاز الرأسمالي بداية ثم النظام ككل من أساسه إلى نتائجه، الأسباب واضحة الآن كل الوضوح، أما النتائج فستظهر خلال السنوات الخمسة القادمة إن شاء الله.
الدور القادم للكيان الصهيوني
في فلسطين المحتلة الوضع أسوء، ارتباك جعل المتطرفين من المستوطنين يتمردون على إجراءات الحجر الصحي ويرفضون الانصياع ما جعل الحكومة ترغمهم بقوة الشرطة ؛ قيادة الأركان تعلن عن اكتشاف ثلاثة ثغور في الأسلاك الشائكة على الحدود الشمالية، ثلاثة ثغور في ثلاثة مناطق مختلفة كلها تحرسها كتيبة من القوات الخاصة، وبقي أن تعلن أن المتهم هوحزب اللـه. أمن اسرائيل إذن مهدد جدًّا من طرف حزب اللـه اللبناني الذي رفض الادلاء بأي تصريح للنفي أوللتأكيد؛ المهم أن الهلع والرعب بدأ في الأراضي المحتلة، وكرد فعل أنشأ المستوطنون جماعات إرهابية على غرار الجماعات الإرهابية التي بدأت بها احتلال فلسطين في ثلاثينيات القرن الماضي، جماعات من الشباب المراهقين المسلحين يهاجمون المواطنين الفلسطينيين العزل لإرهابهم والدفع بهم إلى الهرب من أراضيهم، هكذا كانت البداية، وستكون النهاية هذه المرة، إنهم شعروا ببداية النهاية، إعلان الحرب ضد حزب اللـه ممكنة ولكنها مجهولة العواقب، وخاصة وأن حربا كهذه يمكنها أن تصبح حربا شاملة للمنطقة، وفي ذلك إحاطة الدولة العبرية بسوار من نار لن تنجومنه، وهذا يعني نهاية الكيان، والكثير من المحللين والمتنبئين اليهود والأمريكيين الصهاينة تحدثوا في موضوع نهاية إسرائيل خلال السنوات الخمسة القادمة.
هذه أول النتائج التي حققها هجوم «الكورونا» على النظام الرأسمالي الإمبريالي الغربي ونتائج أخرى لا شك ستتحقق أيضا في أمريكا نفسها إذ يمكن أيضا أن تندلع حرب أهلية وخاصة وأن 40 % من المواطنين الأمريكيين مسلحون والغضب جامح من المعاناة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com