فتاوى

الموضوع: حكم صيام يوم عاشوراء، وهل يجوز صيام اليوم العاشر وحده؟

قالت السائلة: أنا مواظبة على صيام يوم عاشوراء، وأصوم التاسع والعاشر من المحرم، وهذه السنة أكون يوم التاسع  من المحرم قادمة من سفر، وأَصِلُ إلى بيتي مساء ولا ستطيع الصيام في السفر، فهل يجوز لي صيام يوم العاشر محرم، فقط؟ وهل يكون لي أجر صيام عاشوراء؟ أي أديت السنة؟ وما سبب صيام عاشوراء.؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم،  الحمد لله رب العالمين،  والصلاة والسلام على رسول الله.

أولا: صيام يوم عاشوراء من النوافل المستحبة أي سنة مستحبة. التي يحسن أن يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى، وليس من الصيام الواجب، فصيام الفرض الواجب في الإسلام هو رمضان فقط. فعن عائشة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: [كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه في الجاهلية. فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، صامه، وأمر بصيامه. فلما فرض رمضان، كان (رمضان) هو الفريضة. وترك يوم عاشوراء. فمن شاء صامه، ومن شاء تركه.] ( الموطأ) وعند مسلم قال:[ من شاء صامه ومن شاء تركه] يعني النبي صلى لله عليه وسلم هو الذي قال.

وعن حميد بن عبد الرحمن بن عوف؛ أنه سمع معاوية بن أبي سفيان، يوم عاشوراء، عام حج، وهو على المنبر، يقول: يا أهل المدينة، أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول لهذا اليوم: [هذا يوم عاشوراء. ولم يُكتب عليكم صيامُه. وأنا صائم. فمن شاء فليصم، ومن شاء فليفطر] قال النووي:{ وأما قول معاويَةَ (أَين عُلَمَاؤُكمْ) إِلى آخرِه فَظَاهِرهُ أَنَّه سمعَ مَنْ يُوجِبُهُ، أَوْ يُحَرِّمُه، أَو يكْرَهه، فأرادَ إِعلامَهم وَأَنهُ لَيْسَ بِوَاجِب، وَلَا مُحَرَّمٍ، ولا مكرُوهٍ، وَخطب به في ذلك الْجَمع العظِيم ولَم يُنْكَر عليهِ قَولُه: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِهَذَا الْيَوْمِ:[ هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يَكْتُبِ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ وَأَنَا صَائِمٌ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَصُومَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُفْطِرَ فَلْيُفْطِرْ] هَذَا كله مِنْ كلام النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلم هَكذَا.} قلت: وشرح النووي بيانٌ طيِّبٌ مفيد، لتعليل سبب قول معاوية رضي الله عنه:(أَين عُلَمَاؤُكمْ) فقصد المتنطعين الذين يثيرون القلاقل والفتن في كثير من الأزمنة عندما يخرج على الأمة علماء التبديع والتفسيق، والهجرة والتكفير، فأراد معاوية رضي الله عنه أن يقول لهم أين العلماء الذي يفتونكم؟ ليكفوا عن القول بما يفتن الناس.  والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.

ثانيا: نعم، يجوز للمسلم أن يكتفي بصيام اليوم العاشر فقط، وهو المقصود بيوم عاشوراء. وقد ثبت في الموطأ أيضا. {أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أرسل إلى الحارث بن هشام: أن غدا يوم عاشوراء. فصم ومُر أهلك أن يصوموا}. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.

ثالثا: وأما سبب صيام يوم عاشوراء. ففي صحيح البخاري، عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: كان يوم عاشوراء تعده اليهود عيدا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: [فصوموه أنتم] (البخاري.كتاب الصوم.2005) وفي صحيح مسلم. عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسئلوا عن ذلك؟ فقالوا: هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى، وبني إسرائيل على فرعون، فنحن نصومه تعظيما له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [نحن أولى بموسى منكم فأمر بصومه] ( مسلم. كتاب الصيام.1130) وحين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع] قال: فلم يأت العام المقبل، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.

رابعا: فضل صيام يوم عاشوراء: نعرف فضل صيامه من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام. عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، سئل عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: [يكفر السنة الماضية] (مسلم.كتاب الصيام.رقم:1162) وفي رواية أخرى: وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ] (مسلم.1161) وفي هذا البيان النبوي كفاية. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.

خامسا: وهل لمن استطاع أن يصوم التاسع والعاشر أحسن؟ نقول إن الأصل في صيام عاشوراء هو صيام اليوم العاشر من شهر الله المحرم. لكن يحسن لزيادة الأجر صوم اليوم التاسع. فيصوم التاسع والعاشر. عملا بما أجاب به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك الذي قال له: إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى. فقال:  [فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع]. ولكن ما بينه النبي عليه الصلاة والسلام من صيام عاشوراء، وفعله فعلا بتوفيق من الله تعالى، فهو سنة كاملة. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com