هل لهذه الوعود أثر واقعي/ د. عمار طالبي
كل حكومة تأتي تعد وعودا ببرامج تنهض باقتصاد البلاد، وتؤدي إلى التنمية، ونحن نسمع السيد أويحيى الذي جاء لإنقاذ ما انهار من اقتصاد ومال، وقيمة الدينار الذي أخذ ينزل كل يوم عن قيمته.
ولكن هل الحلول غير التقليدية تضمن الإنقاذ؟ وهل مجرد توفير السيولة في البنوك، وزيادة إنتاج الأوراق المالية في السوق وتداولها يحل الإشكال؟ ليست المشكلة في مجرد المال الذي أخذ يفقد قيمته، وربما يقع الاضطرار إلى التداين الخارجي لندرة العملة الصعبة.
إن الاستثمار الحقيقي إنما هو الاستثمار الاجتماعي وإطلاق الطاقة البشرية والعمل، والإنتاج، أما مجرد الوعد بالحقوق وتوفير الاستهلاك فإنه يؤدي إلى الإفلاس ما لم يهب المجتمع لبذل الطاقة، وتعمير الأرض بالزراعة، وهي لا تستورد من الخارج، وقد وهبنا الله أرضا خصبة ولودا واسعة أخذت تبور، وفي مقدمتها متيجة التي نهبتها الإسمنت، والبناء، وأهمل بعض مساحاتها، وأصبحت تكسوها الأحراش وقد بقينا إلى يومنا هذا نعتمد على الغاز والبترول ونتكلم عن البديل، والاستثمار في غير هذا المجال، ولكن لم نفعل شيئا يتجه هذا الاتجاه؛ مثل بناء سدود صغيرة كثيرة، وتشجيع الشباب على الزراعة، وهم يهاجرون إلى أوروبا، وينتحرون في البحار.
الطاقة الاجتماعية الشبابية معطلة، وزادها عطالة ما مكنوا به من أموال للاستثمار ولكن فشلوا إلا ما ندر.
ويبدو أن الحكومة تتجه إلى العناية بالشباب واستثماره، وهم يمثلون الحيوية الاجتماعية، كما أن الإدارة الجزائرية ينبغي أن تتخلى عن الروتين، والتراخي في دراسة الملفات، والتأخر الفظيع الذي يعانيه الناس في قضاء حاجاتهم وأعمالهم.
بل بالتجربة اتصل شخصيا بعدة إدارات هاتفيا فلا تجيب، وإذا أجابت تقول إن المسؤول في اجتماع أو غير موجود، وهذا الاجتماع ليس له نهاية، وشعرت أن هذا السلوك إهانة للمواطن واحتقار، ما كان ينبغي أن يحدث في بلادنا التي ضحت بشهدائها في سبيل كرامة الإنسان في وطننا.
إننا ندعو النخبة السياسية في بلادنا أن تعنى بالمجتمع وتحريكه، وتوجيهه إلى واجباته بدل طلب الحقوق، وقطع الطرق، ونسمع من هؤلاء دائما كلمة ” والو ، والو”.
ويعتقدون أن الدولة لها يد سحرية، مع ما تعانيه من خلل في التنسيق، والانجاز، والعامل الجزائري والموظف لحد اليوم لا ينتج، بالنسبة للصيني والمصري والمغربي، لابد من بحث هذا الأمر ومعالجته، لا بالوعود ولكن بالتوجيه، والقيادة الرشيدة التي تعمل للبحث على القيام بالواجب بدل الوعود بالحقوق، فإن الحق أو الاستثمار يسبق القيام بالواجب أو الإنتاج إنه التغيير في الأفكار والمناهج الذي يجب أن تقوم به النخبة السياسية، والأحزاب التي ما تزال لا يهمها إلا الانتخاب، والوصول إلى سدة الحكم والحصول على المناصب.
إننا ما دمنا على هذا الوضع من الوعود بالحقوق ولم نضع لأنفسنا استراتيجية بعيدة المدى ونلتزم بإنجازها بالصرامة الضرورية، وعدم التساهل في أي تراخ أو إهمال، فإن الوضع سيزداد سوءا.