وراء الأحداث

تراجع القضية الفلسطينية في اهتمامات هيئة الأمم المتحدة!بقلم/ عبد الحميد عبدوس

تراجع حضور القضية الفلسطينية بشكل ملحوظ في خطابات جلسات الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي افتتحت أشغالها بنيويورك يوم الثلاثاء الماضي (19 سبتمبر2017م) وعرفت مشاركة أكثر من 120 رئيس دولة أو رئيس حكومة، وحضور ممثلي 192 دولة.

كانت دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة في السابق توفر منبرا عالميا للدفاع عن القضية الفلسطينية، خصوصا من طرف الدول العربية والإسلامية والدول المدافعة عن الحرية والسلام وحق الشعوب في تقرير مصيرها. وفي هذه الدورة الثانية والسبعين طغت الخلافات العربية على منبر الهيئة الأممية وتبادلت أطراف عربية التهم بخصوص الأزمة المستمرة منذ أشهر بين دولة قطر والدول الأربعة المقاطعة لها.

فبينما التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأمير دولة قطر وصرح عقب اللقاء قائلا: «لدي شعور قوي أن الأزمة ستحل سريعا جدا»، إلا أنه تجاهل في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أي إشارة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، واكتفى بالتركيز على الملفين الإيراني والكوري الشمالي.

الرئيس المصري عبد الفتاح  السيسي وجه في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة دعوة الشعب الفلسطيني حثه على “عدم إضاعة الفرصة، والاستعداد لقبول التعايش مع الآخر مع الإسرائيليين في أمان وسلام”، وكأنما الفلسطينيين الذين قبلوا بجميع القرارات والمعاهدات والمبادرات الدولية هم الذين يرفضون التعايش السلمي مع الإسرائيليين في حال الموافقة على حل الدولتين اللتين تعيشان جنبا إلى جنب بسلام.كما وجه نداء للإسرائيليين قائلا: “… وأوجه ندائي للشعب الإسرائيلي، وأقول لدينا في مصر تجربة رائعة وعظيمة للسلام معكم منذ أكثر من أربعين سنة، ويمكن أن نكرر هذه التجربة والخطوة الرائعة مرة أخري.. أمن وسلامة المواطن الإسرائيلي جنباً إلى جنب، مع أمن وسلامة المواطن الفلسطيني. ندائي إليكم أن تقفوا خلف قيادتكم السياسية وتدعموها ولا تترددوا…”

وأشاد الإعلام الإسرائيلي بكلمة الرئيس السيسي معتبرا أن “السيسي يعتمد في تحركه هذا على نجاح السلام الموقع بين مصر القاهرة وتل أبيب منذ عام 1979م”، وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية إن “كلمة السيسي والتي توجه فيها لرام الله وتل أبيب من أجل السلام هي كلمة استثنائية ونادرة والتي قيلت من فوق مسرح الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تحدث الرجل بعد خطاب آخر لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي التقاه قبلها في نيويورك”.

وفي مقابلة تلفزيونية قالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية الأسبق تسيبي ليفني إن: “موافقة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على اللقاء علنا مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وجملة المواقف التي عبر عنها تدل على أنه بالإمكان تدشين جبهة إسرائيلية عربية موحدة لمواجهة التحديات المشتركة”.

وقال الوزير الإسرائيلي “تساحي هنجبي” إن “إسرائيل يمكنها أن تكون سعيدة وراضية جدًا بسبب الأيام الماضية؛ فهذا الأسبوع دراماتيكي وذلك بسبب اللقاء الطيب بين نتنياهو والرئيس الأمريكي من ناحية وبين نتنياهو والرئيس السيسي، وهو اللقاء الذي يعتبر هامًا جدًا من ناحية أخرى”.

أما رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس فقد ذكر في كلمته على منبر الأمم المتحدة المجتمع الدولي بأنه بعد أربعة وعشرين عاما على توقيع اتفاق أوسلو الانتقالي الذي حدد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بعد خمس سنوات، ومنح الفلسطينيين الأمل في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين…مازالت إسرائيل ترفض حل الدولتين وتتنكر لكل التزاماتها والمواثيق والقرارات الدولية لحل القضية الفلسطينية. وأكد أن تجاهل الاحتلال لقرارات مجلس الأمن كأعلى هيئة دولية لن يدفع الفلسطينيين إلى العنف والإرهاب.

وكأن محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية أصبح في صف الذين يعتبرون مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بكل وسائل المقاومة “ضربا من العنف والإرهاب”. ولذلك اقتصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطابه أمام الاجتماع السنوي لزعماء العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإشارة إلى أن إسرائيل معنية بتحقيق السلام مع العرب والفلسطينيين.، ولكنه استهزأ علانية بقرارات الأمم المتحدة ضد إسرائيل التي أعتبرها بأنها “تحرف التاريخ وهي أسوأ من الأخبار الكاذبة”.

لاشك أن تهلهل الواقع العربي وانتكاسة التضامن القومي، جعل إسرائيل تزداد غطرسة والعرب يزدادون انهيارا وتشتتا.

فكم أصبحنا بعيدين عن الدورة 29 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي عقدت في عام 1974م، وترأستها الجزائر ممثلة في وزير الخارجية ـ آنذاك ـ   الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة، وأصبحت القضية الفلسطينية هي محور الاهتمام السياسي والإعلامي في تلك الدورة التي استطاعت فيها الجزائر فرض منظمة التحرير الفلسطينية بصفة مراقب في الأمم المتحدة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com