اتهام الناس جريمة، ونقل الخبر الكاذب والتحدث به حرام.

1 ـ الفتوى رقم:419
الشيخ محمد مكركب أبران
Oulamas.fetwa@gmail.com
قالت السائلة: استغربت من ابني وعمره خمس عشرة سنة رجع من المسجد ذات مساء فقال لي: قال المدرس عن الشيخ الإمام فلان وسماه، أنه مبتدع، وأنه ليس له علم، وراح يروي ماسمعه من (الواعظ!! الذي نصب نفسه قاضيا على الناس) فزجرت ابني ونبهته بأن لايتكلم بهذا، وأنه لا يجوز للمسلم أن يغتاب مسلما، فقلت له: هذا حرام، لاتَعُدْ إلى هذا الكلام. فرد علي قائلا: وهل المدرس لايعلم الحرام؟!!!. قالت السائلة:فكيف نتعامل مع أولادنا في هذه الحال؟ ومع أولئك (الدعاة المتطفلين على الدعوة) والفتانين؟
الجواب
بسم الله، الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: نتأسف كل الأسف على هذه الظاهرة الممقوتة والغلو المشين، الذي يصدر (حسب رسالة السائلة) نتأسف ممن يسمونهم “دعاة” يُنَصِّبون أنفسهم بين أتباعهم وهم مع الأسف فتانون، ليخوضوا في أعراض الناس، من باب خالف تعرف، فهم بهذه الطريقة أي باتهام العلماء يجعلون أنفسهم أداة سيئة في يد الطاعنين في الدين والمستهزئين بالمسلمين، والله تعالى قال: ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً﴾ (الإسراء:36) قال القرطبي:{وأصل القَفْوِ البهتُ والقذْفُ بالباطل} ولا يجوز لأحد أن يغتاب أحدا، فلا يجوز اغتياب ولا اتهام عالم ولا حاكم، ولا وزير ولامدير، ولا غيرهم. فمن أراد أن ينصح فلتكن النصيحة بينه وبين المنصوح، ولا تتحول النصيحة إلى الفضيحة وإلى التشهير والغيبة والنميمة والبهتان، لايجوز بأي حال من الأحوال أن يكتب أو يصرح عبر كل الوسائل المكتوبة والمقروءة والمسموعة، ولا في المسجد ولافي الطريق ولا في المقهى ولا في أي مكان. قال الله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ (الحجرات:12)
ثانيا: هذا الذي تكلم في إمام أو في أي مسلم حسب سؤال السائلة، كان الواجب على أولي الأمر أن يحاكموه وأن يعزروه ويعاقبوه على فعله هذا، وأن لا يتركوا المتنطعين والغلاة والفتانين يتهمون الناس على منابر المساجد، وكما يقال عنهم يغردون بالغيبة والنميمة كما يحلو لهم، وتصبح أعراض الناس وكرامتهم معرضة للألسنة الجاهلة تلوكها في المقاهي والأسواق. ففي الحديث. عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: [أتدرون ما الغيبة؟] قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: [ذكرك أخاك بما يكره] قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: [إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته] ( مسلم:2589) والله تعالى أعلم.
ثالثا: إن الذي يغتاب الناس عن طريق التصريح في خطاب، أو على صفحة جريدة، أو وسائل الأنترنيت أو غيرها، والذي ينقل ذلك أو يتحدث به، كلهم شركاء في الإثم والجريمة، وعقابهم شديد. والله تعالى أعلم.
رابعا: قالت السائلة حفظها الله:{فكيف نتعامل مع أولادنا في هذه الحال؟ ومع أولئك (الدعاة المتطفلين على الدعوة) الفتانين؟} فعلا إنها مسألة محيرة فكيف يجلس مسلم على أنه واعظ يدعو إلى الله ورسوله، وهو يعصي الله ورسوله ويخالف أمرهما، مخالفة فسوق وعصيان عن عمد،؟ فنقول لها: علمي ابنك الآية القرآنية، والحديث النبوي الواردين في هذه الفتوى، ولا تسمحين لأولادك بنقل الغيبة والنميمة أبدا، واتركي أمر من يفتن الناس ويغتابهم ويخوض في أعراضهم لاتتكلمي فيه، فاتركي أمره إلى رب الناس سبحانه وتعالى فهو الذي يحاسب الناس يوم القيامة. والله تعالى أعلم.