قضية البسملة: إنه الصراع بين الإسلام والعلمانية/ بقلم: عبد العزيز كحيل
قضية البسملة حلقة في مسلسل التآمر العلماني على الإسلام لمحو آثاره، ويمكن تلخيص “إصلاحات” بن زاغو التي أصبحت قرآن النظام وسنّته في هذا: تغريب المدرسة الجزائرية بسرعة جنونية كخطوة فاعلة لتغريب المجتمع وضرب ثوابته في الصميم بقوة القانون والإعلام.
أنا في الحقيقة لا يعنيني تصرّف اللّائكيين المتطرفين، فهذا سعيُهم العلني والخفي منذ الاستقلال، لكني أندهش من سلبية الأمة ونخبتها، فقد أصبح ردّ فعلها ينحصر في الشكوى الخافتة وسبّ الظلام أو السكوت.
اسمحوا لي أن أسأل بصراحة: ماذا كان يحدث لو أعلنت الوزارة عن المساس ببعض حقوق المعلمين المادية مثلا؟
نتذكّر السنوات الدراسية البيضاء في واقع الأمر بسبب مثل هذه الإجراءات، نتذكر الإضرابات المتواصلة من أجل السكنات والتقاعد والخدمات الاجتماعية، نتذكر إضراب المحافظ من أجل أهداف أقلّ شأنا من المساس بالإسلام.
أين هذه الذكريات الحلوة أو المرّة؟
لا أسأل أين الأحزاب الإسلامية؟ فكلنا نعرف أين هي..؟! وأين اهتماماتها وما وزنها…؟!
لا أسأل أين النقابات التي كنا نظنّ أنها نخبة لها مبادئ وقيم وثوابت؟ أين نشاطها في هذه الليالي الحالكات؟
لا أسأل أين جمعيات أولياء التلاميذ؟ فهي مجرد ديكور!
أسأل: أين تلك الجمعية الوطنية الكبرى؟ – لا أقصد جمعية العلماء بل الأخرى– التي توارت عن الأنظار وصارت لا تشوّش على السلطة لأنها تتركها تفتح ورشات لتعليم الخياطة وأقساما لدروس الدعم؟ أتؤثر السلامة على مواجهة التحديات المصيرية الكبرى وهي سليلة الحركة الاسلامية الواعية؟
لا بدّ هنا من تحية خالصة قوية لجمعية العلماء التي بقيت وحيدة في الميدان، غريبة غربة صالح في ثمود، لا تغيب حتى أحرجت “العقلانيين” أدعياء الرقي والتحضّر الذين يتضايقون من القرآن والسنة ويقدسون ديكارت (نظريا فقط).
حبذا لو آزرها أنصار الانتماء الأصيل، ودعموها وشدّوا أزرها من أجل مدرسة تنطلق من الإسلام والعربية لبلوغ مراتب العلم النافع الغزير بدل المسخ العلماني التغريبي.
وتحية لجنود الخفاء من أساتذة وأولياء ومربّين وفاعلين اجتماعيين الذين لم يقدروا على المواجهة الصريحة فعمدوا إلى الدفاع الإيجابي القوي عن الإسلام، كلٌ من موقعه وبإمكاناته، يهيئون البديل الأصيل للأجيال.
أما المتفرّجون… فيوشك أن يُقال عنهم: أُكلوا يوم أُكل الثور الأبيض!
أرجو من إخواني وأخواتي الأساتذة والأولياء أن يحثوا تلاميذهم وأولادهم على كتابة “بسم الله الرحمن الرحيم” على الصفحة الأولى من كتبهم وكراريسهم لإفشال مخطط إقصاء الإسلام من المناهج الدراسية، كما أدعو المعلمين إلى افتتاح جميع حصصهم الدراسية بالبسملة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر” – [رواه أصحاب السنن].
وردّا على من يصرّح – في تناقض عجيب لا يُستغرب من مثله – أن البسملة شعار يمكن محوُه نقول يجب إزعاج التغريبيين بترديدها في كل مناسبة وكتابتها والانتصار لها، فإننا نحبها بقدر ما يكرهونها ونتشبّث بما تمثله بقدر انزعاجهم منه.
يجب أن يستمرّ الاحتجاج على تغريب المجتمع بتبصير الأمة وابتكار أساليب حضارية تنتصر للهوية وتعرقل مساعي جرّنا إلى شخصية ممسوخة هجينة.
إلى جانب هذا ينبغي على الرجال والنساء المتمسكين بانتمائهم الأصيل أن يربطوا أبناءهم بالقرآن الكريم والتربية الإسلامية، ربطا قويا لا ينقطع، بشتى الوسائل المتاحة، وألا يستسلموا لإملاءات الأقلية الأيديولوجية، بل يقاومونها حتى ينتصر الحق.
في الأخير أنصح الجميع بالإطلاع على الصفحة 111 من كتاب: “روتور أونالجيري” “Retour en Algérie” للكاتب: “ألان فورنيَي” “Alain Fournier”- فإن فيها من الحقائق ما يستحسن معرفته.