الموضوع: حساب زكاة الزروع والثمار والمواشي. وإخراج الزكاة نقدا.
الفتوى رقم:226
الموضوع: حساب زكاة الزروع والثمار والمواشي. وإخراج الزكاة نقدا.
قال السائل نحن جماعة شركاء لنا مزرعة من فضل الله، وفيها حقول من الزرع والعنب والبرتقال، وزريبة من الغنم. وعندما نحصد الزرع في الصيف ننتظر حتى يتم بيعه، ويلحق عليه العنب، فنخرج الزكاة على الجميع. وزكاة البرتقال نخرج من قيمتها هي والعنب وليس من العين، فهل هذا صحيح؟ ولمعرفة حولان الحول لإخراج زكاة الغنم هل نحسب باليومية الرسمية التي تصدرها وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في الجزائر؟ أم لابد من مراقبة الهلال بأنفسنا؟ وهل يجوز إخراج القيمة أيضا في زكاة الغنم كما هي في الخضر؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله
أولا: قال الله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾(البقرة:267) هذا خطاب لجميع المسلمين بالإنفاق من كل ما أخرج الله تعالى لنا من الأرض. وأن نتصدق بالجيد الطيب الصالح، لا من الرديء. وهل النهي عن الرديء في الزكاة المفروضة فقط أم في التطوع أيضا؟ فالمؤمن في كل يتقرب به إلى الله جل جلاله يجب أن يكون من أجود ما عنده.
فالزكاة عبادة تعبدنا الله بها، وهي ركن عظيم من أركان العبادات، كما أن الزكاة ركن عظيم من أركان الاقتصاد. ونقول لأصحاب السؤال: الواجب عليكم إخراج الزكاة من كل ما تنتفعون به مما أخرج الله لكم من الأرض في مزرعتكم، من تين وزيتون، ورمان، وخضر، وزروع، وسائر الفواكه. أن تخرجوا يوم جني الغلة العشر مما سقت السماء، ونصف العشر مما سقي بالنضح. ففي الموطأ. عن سليمان بن يسار وعن بسر بن سعيد؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ وَالْبَعْلُ؛ الْعُشْرُ. وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ] وفي صحيح مسلم. عن جابر بن عبد الله، يذكر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم، قال: [فِيمَا سَقَتِ الْأَنْهَارُ، وَالْغَيْمُ الْعُشُورُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ](981).
ووقت إخراج الزكاة هو يوم الحصاد، في الأيام التي تجمعون فيها المنتوجات الزراعية، قال الله تعالى:﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾(الأنعام:141) ففي هذه الآية:﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ﴾ أي وآتوا الحق المعلوم من الزكاة، فيما ذكر من الزرع وغيره لمستحقيه من ذوى القربى واليتامى والمساكين زمن حصاده جملة، ويدخل في الحصاد جني العنب وصرم النخل، وقطف البرتقال، والتين، والرمان، والجوز، والشاي، والكاكاو، والتوابل، وكل ما يقيم بالمال ﴿ مِنْ طَيِّباتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ حتى ولو لم يكن مما يدخر كالبطيخ، والمشمش. فإذا كان لدى الفلاح ما يبلغ النصاب ويفوق من الغلال الزراعية يخرج منه الزكاة. والنصاب مقدار خمسة أوسق، من الحبوب، ففي الحديث: عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ، وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ] (مسلم.كتاب الزكاة.979).
وخمسة أوسق تساوي نحو: (653 كيلوغراما) ستة قناطير ونصف. أو القياس على قيمة خمسة أوسق من القمح، إذا رزق الله تعالى عبده خيرا كالعسل مثلا، فما هو النصاب، إذا جمع من العسل قيمة خمسة أسوق من القمح وما فوقه، يخرج العشر منه. ومن ذلك زيت الزيتون. قال مالك: (وإنما يؤخذ من الزيتون العشر، بعد أن يعصر ويبلغ زيتونه خمسة أوسق. فما لم يبلغ زيتونه خمسة أوسق، فلا زكاة فيه). والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: قال السائل: (وعندما نحصد الزرع في الصيف ننتظر حتى يتم بيعه، ويلحق عليه العنب) والجواب أن الزارع إذا حصد وتم جمع الغلة، وهيأها للبيع، أو للادخار والتخزين، وجب أن يخرج الزكاة، ولا ينتظر حتى يجني غلة أخرى. عملا بقول الله تعالى:﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ﴾. لأن الزكاة التي يخرجها الغني حق الفقراء فلا يجوز أن يُحْبَسَ عنهم حقُّهم.
والله تعالى أعلم وهو العليم الحكيم.
ثالثا: وأما زكاة الغنم، والمعز، فإذا بلغت أربعين شاة، وحال الحول، يُخرج صاحبها شاة واحدة زكاة يتصدق بها. ومن أربعين إلى مئة وعشرين شاة وحدة. ومن مائة وواحد وعشرين إلى مائتين، شاتان اثنتان. ومن مائتين وواحد، إلى ثلاثمائة وتسع وتسعين ثلاث شياه. ثم كلما زادت مائة زاد شاة. وفي الموطأ: [في سائمة الغنم، إذا بلغت أربعين، إلى عشرين ومائة، شاة. وفيما فوق ذلك إلى مائتين، شاتان. وفيما فوق ذلك إلى ثلاثمائة، ثلاث شياه. فما زاد على ذلك، ففي كل مائة، شاة. ولا يخرج في الصدقة تيس، ولا هرمة، ولا ذات عَوَارٍ (التي فيها عيب)، إلا ما شاء المصدق. ولا يجمع بين متفرق. ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة].
والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
رابعا: قال السائل: (هل نحسب بيومية الحساب القمري التي تصدرها وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في الجزائر؟ أم لابد من مراقبة الهلال بأنفسنا؟) نعم يجوز الحساب بتلك اليومية، وليس شرطا أن تراقبوا الهلال بأنفسكم، وإن كان ذلك سهلا وميسورا، ولكن احسبوا باليومية الرسمية لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، بالجزائر، وذلك كاف وصحيح والحمد لله.
والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
خامسا: قال السائل: وهل يجوز إخراج القيمة أيضا في زكاة الغنم بدل العين؟ قال الله تعالى: ﴿وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾(الذاريات) قال القرطبي:[والحق المعلوم هو الزكاة التي بَيَّنَ الشرع قدرها وجنسها ووقتها] وفي سورة المعارج:﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ . لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ ووجه الاستدلال هنا: أن النقود عامة من ذهب وورق، وغيرهما، هي المعروفة عند العام والخاص بالمال. وقيمة النقود، تُقَدَّرُ بقيمة الذهب، وتُثَمَّن بها قيمة الأشياء كلها. وفي اللسان:[المالُ: مَعْرُوفٌ مَا مَلَكْتَه مِنْ جَمِيعِ الأَشياء. قال: وقال ابن الأثير: المال في الأصل ما يُمْلك من الذهب والفضة. ثم أطلق على كل ما يُقتنى ويملك من الأعيان، وأكثر ما يطلق المال عند العرب على الإبل لأنها كانت أكثر أموالهم] فيجوز للمزكي (الغني الذي يخرج الزكاة) أن يحرجها من العين إذا كان مما يُدَّخَرُ، أو يقدر ويخرجها قيمتها. بل وإخراجها جميعها قيمة بالنقود أيسر وأنفع، للغني المزكي، وللفقير الذي يأخذ الزكاة، وهذا الذي يحقق مقاصد الزكاة عبادة، واقتصادا. فيقدر ثمن الشاة، وذلك الثمن يتصدق به زكاة. أو ثمن بقرة، أو ثمن قناطير البطاطا، أو الخوخ، أو العنب، وغير ذلك.
والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.