البحث عن السلام -3-/ الأستاذ محمد الحسن أكـــيـــلال

السلام.. من أسماء الله الحسنى..عندنا نحن المسلمين، والمفروض أن الإسلام هو دين سيدنا إبراهيم عليه السلام، قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يعني أن الدينين السماويين اللذين سبقا رسالة محمد عليه الصلاة والسلام خير الأنام أيضا هما من الإسلام، لكن مشيئة الله سبقت وقضت أن تحارب الديانتان الأولى والثانية، اليهودية والنصرانية، دين الإسلام، منذ بزوغ فجره إلى اليوم.
السلام.. يعني الطمأنينة والأمن والاستقرار والهدوء الذي يريده كل بشري على هذا الكوكب.. وهو نقيض الحرب والصراع والفوضى والخوف، وهذا أيضا من مشيئة الله عز وجل منذ أن أمر آدم عليه السلام وحواء بالنزول إلى الأرض.
ولأن السلام من أسمائه الحسنى وهو نقيض الحرب، فقد أمر في كل كتبه التي أنزلها على أنبيائه عليهم الصلاة والسلام أن يسعى المؤمنون بهذه الكتب إلى إقامته في الأرض والتمكين له لتحيا البشرية عليها في أمن واستقرار.
لقد حدث العكس تماما، منذ ظهرت إلى الوجود فئة من البشر سمت نفسها بني إسرائيل، والقرآن الكريم قد فصل كثيرا في سلوكات وأخلاق وعدوانية هذه الفئة حتى للأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام.
ثم جاءت النصرانية بسيدنا عيسى عليه السلام لتصحح الانحراف والتحريف الذي أحدثه اليهود في التوراة والدين، فكان مصير النبي عيسى عليه السلام ما يغني القرآن الكريم عن الحديث عنه، وحدث للنصرانية ما حدث لليهودية من الانحراف والتحريف، ويقرر الله عز وجل أن يبعث آخر الأنبياء وآخر الكتب والرسائل للفصل نهائيا فيما أراد أن يكون عليه البشر فوق الأرض، لكن اليهود والنصارى ازدادوا غيًّا وضلالاً ومحاربة للدين الجديد أينما ظهر وللمسلمين أينما وجدوا؛ والأدهى والأمر أن يتحالف اليهود والنصارى ويدمجوا ما في الكتابين بما فيهما من التحريف ليشكلوا حلفا مقدسا ضد الإسلام والمسلمين، وقد بدأ ذلك في الحروب الصليبية الأولى التي ما زالت متواصلة إلى اليوم وبأشكال وأفكار وأسلحة مختلفة، وآخر ما تفتقت عنه عبقريتهم في العصر الحديث مصطلح الإرهاب الذي ألصقوه بالدين الإسلامي الحنيف وبكل مسلم مضطهد مظلوم يريد الدفاع عن حقه أو أرضه أو عرضه، وقد جندوا العالم بأسره بما في ذلك بعض الحكام المسلمين الذين خضعوا لمشيئتهم وانجروا وراءهم يدمرون بأسلحتهم دول وبلدان إخوانهم ويقتلون أبناءهم وشيوخهم ونساءهم كما يحدث الآن في أكثر من قطر عربي أو مسلم، وآخر ما طفا على سطح الأحداث ما حدث لمسلمي الروهينغا في ميانمار، وللأسف لم يحاول أحد من رجالات الفكر السياسي من العرب والمسلمين التحري عن الجهات التي كانت تقف وراء هذه الجريمة في حق الإنسان والإنسانية، رغم أن ما يجري في العالم عامة والعالم الإسلامي خاصة يكاد ينطق أو يشير بأصابع الاتهام إلى المخابرات الغربية عامة والأمريكية خاصة والصهيونية العالمية بصفة أخص، وذلك مدرج بوضوح في منهجية كاملة متكاملة تحقق أهداف الإمبريالية الأمريكية والصهيونية في السيطرة على العالم عموما والعالم الإسلامي والعربي خصوصا.
إننا على بعد شهرين من الذكرى المئوية لصدور “وعد بلفور” ولا شك أن حكومة “نتانياهو” تعد للاحتفال بها احتفالا يعطي الذكرى حقها وثقلها بالنسبة لليهود والمحتلين لأرض فلسطين، وفي هذا لابد من الوقوف مليا أمام المفاجأة التي أحدثتها مجموعة من الحوادث المتتالية، بداية من جريمة (ميانمار) على الأقل على الصعيد الإعلامي.
لابد من الإشارة إلى الموقع الذي توجد فيه القضية الفلسطينية في وسائل الإعلام العالمية مقابل ما يجري في العراق وسوريا واليمن وليبيا التي استغلتها وسائل الإعلام الغربية لإزاحة القضية الفلسطينية إلى مؤخرة الترتيب للأحداث؛ ولأن تطورات هذه الأحداث في المنطقة أظهرت مؤشرات بداية انهيار التنظيمات الإرهابية في المنطقة، سارعت إسرائيل على لسان وزير دفاعها السابق إلى طلب المساعدة الأمريكية لضرب إيران، ثم قامت القوات الإسرائيلية بقصف منطقة طرطوس السورية بدعوى وجود قاعدة ومصنع إنتاج أسلحة كيميائية فيها، ثم يتدخل “نتانياهو” ليحذر أمريكا والغرب من إمكانية بقاء القوات الإسرائيلية في سوريا بعد القضاء على داعش، وفي هذا إشارات واضحة على إمكانية قيام القوات الإسرائيلية بتوجيه ضربات إلى قواعد محددة في الأراضي الإيرانية للتخلص من أسلحتها النووية والبالستية إن أمكن، أو على الأقل لخلق وضع جديد تستغله لإطالة أمد عدم الاهتمام بما يجري في فلسطين المحتلة حتى تفرض على العالم الأمر الواقع الذي تريد باستكمال احتلال كل الأرض الفلسطينية التي يمكن أن تقام عليها الدولة المنتظرة.
في كل هذا لم يفكر العالم عامة والأمم المتحدة خاصة حتى في مجرد الانتباه إلى أصل الداء أو المهدد الحقيقي للسلام في العالم، ومن هو الإرهابي الحقيقي في العالم.
إن دولة إسرائيل أقيمت على أساس الدين، في حين يمنع على المجتمعات الإسلامية إقامة دولهم على أساس الدين.
إن إسرائيل منذ تأسست وهي تمارس الإرهاب الممنهج ضد الشعب الفلسطيني، ولم يفكر أحد في وصفها بالدولة الإرهابية.
كيف يتحقق السلام في العالم وإسرائيل تحاربه بالأسلحة الأمريكية؟