المرأة و الأسرة

عليك المعوّل في التصدي للــ: “كورونا “

بقلم/أ. أمال السائحي

 

قدر الله للجزائر أن تبتلى شأنها شأن الكثير من بلدان العالم بهذا الوباء المسمى بالـ:”كرونا” فما هو الوباء؟

يعرف الوباء بأنه: “حالة انتشار لمرض معين، حيث يكون عدد حالات الإصابة أكبر مما هو متوقع في مجتمع محدد أو مساحة جغرافية معينة أو موسم أو مدة زمنية”.

وهذا وفقا لتعريف منظمة الصحة العالمية. وقد يحدث الوباء في منطقة جغرافية محصورة أو يمتد إلى عدة دول، وقد يستمر لعدة أيام أو أسابيع، وربما يستمر لسنوات.

وهناك مصطلحان شائعان، هما وباء (epidemic) وتفشٍّ (outbreak)، وفيما يعد بعض علماء الوبائيات هذين المصطلحين متطابقين، يرى بعضهم أن مصطلح وباء يصف حالة تشمل منطقة واسعة وترتبط بأزمة كبيرة، أما التفشي فيعبر عن حالة انتشار مرضية في منطقة أو مناطق محددة أصغر من الوباء.

وعادة ما تضطر الدول التي ينتشر فيها الوباء إلى عدة إجراءات تهدف إلى:

ـ محاصرة الوباء للحد من انتشاره

ـ الحذر منه واتقائه ومنع انتقاله بالعدوى من العليل إلى السليم

ـ حسمه والتخلص منه وذلك بابتكار الأدوية ت وتطبيق العلاج المناسب

وفي الشريعة الإسلامية السمحاء ما يرشدنا  إلى الكثير من الأساليب والطرق التي ينبغي اعتمادها في التعامل مع الوباء وذلك بالنظر إلى كيف كان يتعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع هكذا ظروف، وقد بين صلوات ربي وسلامه عليه، في عدد من الأحاديث، مبادئ الحجر الصحي بأوضح بيان، فمنع الناس من الدخول إلى البلدة المصابة بالطاعون، ومنع كذلك أهل تلك البلدة من الخروج منها، بل جعل الخروج منها كالفرار من الزحف الذي هو من كبائر الذنوب، وجعل للصابر في الطاعون أجر الشهيد.

فقد روى البخاري في صحيحه قصة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حين خرج إلى الشام، فلما وصل إلى منطقة قريبة منها يقال لها: “سرغ”، بالقرب من اليرموك، لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام، فقال عمر ادع لي المهاجرين الأولين، فدعاهم فاستشارهم، وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام، فاختلفوا، فقال بعضهم: قد خرجتَ لأمر ولا نرى أن ترجع عنه، وقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نرى أن تُقْدِمَهم على هذا الوباء، فقال: ارتفعوا عني، ثمّ قال: ادعوا لي الأنصار، فدعاهم فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عني، ثمّ قال: ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، فدعاهم فلم يختلف منهم عليه رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تُقْدِمَهم على هذا الوباء.

فنادى عمر في الناس إني مُصَبِّح على ظَهْرٍ فأَصْبِحوا عليه، فقال أبو عبيدة بن الجراح: أفرارا من قدر الله؟ فقال عمر لو غيرُك قالها يا أبا عبيدة نعم، نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله، أرأيتَ لو كان لك إبل هبطت واديا له عدوتان إحداهما خصبة والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيبا في بعض حاجته، فقال: إن عندي في هذا علما، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه) قال: فحمد اللهَ عمرُ ثم انصرف.

فاليوم وكل يوم  ونحن تحت وطأة الرحمن الرحيم ننتظر الفرج في كل ساعة وحين، كأمهات، وكأعمدة للبيوت، يجب أن يكون وعينا في هذه النوائب أكثر مما نراه ونسمعه على شبكات التواصل من نكت واستهتار بصحة الجميع، وعلينا أن ندرك أن المرأة كيفما كان دورها في الأسرة عليها أن تكون على قدر كبير من الفهم، وأن تتخذ جميع الأسباب وتسلك مختلف الطرق لحماية نفسها وعائلتها، وهذا بتفانيها أولا بالعودة إلى الله تقربا وطاعة واستغفارا، ثم تليها قائمة الأخذ بالأسباب وتتمثل  في تقديم النصائح المفيدة، والرعاية الصحية لبيتها، والحرص على التغذية السليمة التي تساعد في تقوية جهاز المناعة لدى أفراد أسرتها، والسهر على نظافة البيت  واحترام الجميع لإجراءات الوقاية من العدوى، سواء أكان ذلك في البيت أو في المحيط الخارجي، تكفلها بوضع برنامج يساعد الأطفال على تمضية وقت فراغهم دون أن يشعروا بثقل الوقت طيلة أيام الحجر الصحي، كأن تخصص لهم وقتا للمطالعة، ووقتا لحفظ القرآن، ووقتا للرسم أو الأشغال اليدوية، ووقتا للرياضة، وتكليف النجباء من أبنائها بالتكلف بمساعدة إخوانهم على تدارك ما يعنون منه من تأخر دراسي، إلى غير ذلك من الأنشطة المفيدة النافعة التي يمكن أن تلجأ إليها لمساعدة أبنائها على ملء فراغهم بما ينفع ويمتع.

إنّ دور المرأة في التصدي لهذا الوباء لا ينكر، وحتى لو اقتصر دورها على حماية أفراد أسرتها من أن ينتقل إليهم الوباء لكفاه ذلك، فكيف بها إذا كانت تسهر على تقديم الدعم المادي والمعنوي للرجل في كل الجبهات وعلى كل المستويات، وهذا ما يجعلني وأنا أرفع لها التحية وأدعوه وألح عليها على حسن تحمل هذه المسئولية…

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com