مأساة الروهينغا والإرهاب البوذي/ بقلم أمال السائحي
إنها مأساة وآلام أن نسمع ونرى عبر القنوات الإعلامية هذه الوحشية التي ترتكبها الإرهابية البوذية هي وجنودها، اتجاه شعب أعزل، ذنبه الوحيد أنه يوحد الواحد الأحد، أنه مسلم…
لقد تناقضت مع نفسها كثيرا، ومع رحلتها الطويلة في أدعاء حرية الفكر، والمكين للاعنف… والكثير من الشعارات التي توهم بإنسانيتها الباذخة؛ لكن حين تعلقت هذه الحرية بمن يخالفها في الدين والمعتقد، كشفت عن روح شريرة، ونفس متجردة من الرحمة، حيال نساء وأطفال يبادون بوحشية بالغة، نددت بها جل المنظمات العالمية…
بوذية حاصلة على جائزة سخاروف لحرية الفكر عام 1990م، وجائزة نوبل للسلام سنة 1991م، وذلك من أجل دعمها للنضال واللاعنف، وفي العام 1992م: حصلت على جائزة جواهر لآل نهرو من الحكومة الهندية، كما حصلت على عدد من الجوائز العالمية في مجال حرية الفكر! بل إن مجلس الشيوخ الأمريكي: قرر بالإجماع منحها ميدالية الكونجرس الذهبية، وهي أرفع تكريم مدني في الولايات المتحدة؛ لدورها الحقوقي ودعهما للسلام!!
وفي العام 2012م تعرضت هذه المرأة لانتقادات لموقفها من المسلمين في ولاية راخين، التي تكررت عام 2015م أثناء أزمة مسلمي الروهنغيا، إلى جانب عدم مبالاتها بما يتعرضون له من اضطهاد عرقي وديني.(1)
ما يقارب المليون مسلم يعيشون على أرض ميانمار بإقليم أراكان، منذ أكثر من ألف عام ومع ذلك فإن حكومة ميانمار ذات الأغلبية البوذية ترفض أن تتعايش معهم، وتأبى أن تتعامل معهم كبشر… لأنهم مسلمون؟ أهذا هو السبب، أم هي أسباب أخرى في عقول هؤلاء؟
إن هؤلاء البوذيين قد ظهروا بمظهر الحيوانية بل أكثر من ذلك …فالحيوان لا يسطو على فريسته إلا إذا تملكه إحساسه بالجوع فقط، بينما هؤلاء البوذيون المتعصبون يقتلون مسلمي الروهينغا دونما سبب ولا غاية، وكل ما في الأمر أنهم ينكرون عليهم مخالفتهم في الدين… لقد أجبروهم على تغيير دينهم، وعن عدم تسمية أبنائهم بأسماء إسلامية، ومنعوهم من إقامة شعائرهم الدينية، وكل هذا وذاك من أجل كلمة “ربنا الله”…
لقد أصبح واضحا وجليا أن العنصر المسلم غير مرغوب به على وجه هذه المعمورة، وإلا كيف نفسر هذا الاضطهاد وهذا الدمار، ولا يوجد طرف من القوى العظمى يحرك ساكنا، أين هي منظمات حقوق الإنسان عبر مشارق الأرض ومغاربها؟ أين هو دور الأمم المتحدة؟ التي تحمي هذه الأقليات؟ ورفعها الغبن عن الأقليات المستضعفة، أم أنه إذا ارتبط الأمر بالإسلام، كانت العيون لا تبصر والآذان لا تسمع، والقلوب مغلقة مقفلة، أين من يدعون للسلام؟ أين الذين حازوا على “جائزة نوبل للسلام” وغيرها من الجوائز؟ لماذا يصمتون ولا يتكلمون؟ لماذا لم يحتجوا على الذين روعوا الروهينغا في أراكان؟ أم لأن نساء وأطفال وشيوخ أراكان لا يستحقون أن ينعموا بالسلام الذي يعملون لأجله…؟
إن نزول السيدة حرم الرئيس رجب طيب أردوغان، إلى ساحة هؤلاء المكلومين والممزقين نفسيا وجسديا، تتفقدهم وتواسيهم بالتبرعات وبالكلمات التي عسى ولعل أن تشفي بعض الجراح التي ألمت بهم، وهم ما بين فقيد لا يعرف خبره ولا ما ألم به، وناج لا يزال تحت وطأة الصدمة، إن هؤلاء الذين يبادرون إلى المواساة في الملمات، ومداواة الجروح، هم من يضفون لمسة الإنسانية الرحيمة، وهم من يستحقون “جائزة نوبل” وغيرها من الجوائز التي ترفع من شأن صاحبها، وتدفعه إلى عمل كل ما في وسعه من أجل التخفيف من آلام الإنسانية، حتى يحافظ على هذه الجوائز، التي هي إن كانت تدل على شيء إنما تدل على الإنسانية والرحمة التي أودعها الله فينا كبشر.
إن هذه الإبادة التي جرت ولا تزال تجري في أراكان ليست بالأولى ولا الأخيرة، فقد حدثت من قبل في البوسنة والهرسك، وهي لا تزال تحدث في أفغانستان، وسوريا، والعراق، واليمن، وها هي اليوم تتجدد مع الروهينغا، إنها مأساة مفتعلة، هدفها إبادة العنصر المسلم ككل، لأن الإسلام بات اليوم هو العدو الإيديولوجي رقم واحد بالنسبة لكل المستبدين في العالم أجمع، وبغصة شديدة ومرارة بغيضة في حلوقنا، نختم بهذا التساؤل:
ترى…ماذا كان سيكون الموقف العالمي لو كان هؤلاء المضطهدون مسيحيون… أم يهود؟!