المنظومة التربوية ما تزال تعاني/ د, عملر طالبي
هذا الدخول المدرسي قد تمَّ في ظروف يفتقد فيها الكتاب المدرسي في المدارس، وتجد –كما نرى- صفوفا متربصة في نقاط البيع، تضيع أوقات الناس للحصول على الكتاب، وما يقال عن تجديد المنظومة التربوية وتحديثها ما هو إلا ترقيع، فالتجديد يكون لتحديد الغايات الكلية ثم المناهج التي تكون أداة لتحقيقها في الواقع، وما نراه من الترقيع الذي يتم في الباكالوريا وحده مثلا ليس إلا تجزئة، فالعلاج لا يكون من المصب وإنما يكون في المنبع، بنظرة متكاملة شاملة.
والنقص الفادح في هذه المنظومة أن المعلم يأتي بعد تخرجه من الجامعات أو غيرها مباشرة ليتولى التدريس وهو لا خبرة له بطرق التدريس، ولم يكن له تدريب على أساليب التعليم، فكيف تكون العواقب؟
هذا إفساد واضح للمنظومة التربوية، وخلل فادح يصيب التلاميذ، وهم الضحايا، والحصيلة تكون ضحلة وهزيلة والمعلم إلا من رحم ربك يتخبط في تعليمه، ومهما يكن دور المرشد أو المفتش لا يكفي إذا لم يدرب المعلم على أساسيات التعليم قبل انخراطه في التعليم، والمفتش يعمل على ترقيته بعد ذلك إذا زاره ربما مرة واحدة.وقد درست لجنة التربية بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين الكتب المدرسية التي طبعتها وزارة التربية وسلمت لخبراء في هذا المجال، وقدم تقرير مفصل للمسؤولين في الوزارة، ولم نسمع صدى هذا التقرير لا قبولا، ولا رفضا، لا استحسانا ولا استهجانا. مع أنهم رحبوا بأي اقتراح أو نقد.
فإذا اختل أمر الكتاب، واختل أمر المعلم اختلت المنظومة التربوية، وأصبح التلميذ ضحية، لا يرتقي تفكيره في كل مراحل التعليم، ويصبح الطالب الجامعي شبه أمي في لغته وثقافته، وإدراكه لمسؤوليته.
وبهذا نفقد قاطرة التقدم، والخروج من التخلف فإن البحث العلمي اليوم، وترقية التعليم، بما وصل إليه العلم ووسائل الاتصال هو أساس الخروج مما نعانيه من التخلف في جميع المجالات.
ويبدو أن المسؤول الأول عن التربية في البلاد لحد اليوم فشل في ترقية المنظومة، بل أفسدها، وما يزال مصرا على النظرة الضيقة ولعلها إيديولوجية معينة لتشويه الثقافة في الوطن، وتحريفها عن أصولها وخصائصها، بإبعاد الثقافة الإسلامية، وتهميشها ليبقى شبابنا ضحية للدعوات الدينية المنحرفة لعدم تحصينهم بهذه الثقافة بما يكفي حتى لا ينجروا وراء التضليل والتطرف.
إن التحريف والتزييف علامته حذف البسملة من الكتب المدرسية ما عدا كتاب التربية الإسلامية، كأن التلميذ مسلم في التربية الإسلامية ويتخلى عن ثقافته الإسلامية في بقية الكتب.
إننا ندعو إلى وقف هذا النمط من إفساد الثقافة الخاصة ببلادنا، يتولاها بعض الذين لا يؤمنون بخصائص هذه الثقافة.
فيكون كل هذا بترا وقطعا، للعمل المبارك كما ورد في الحديث، كل عمل لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر أو أقطع، أو كما قال.
على كل ولي للتلميذ أن يتولى كتابة البسملة في كل كتاب مدرسي من كتب ابنه لإصلاح ما أفسده، قد يقال إن مسألة البسملة مسألة جزئية ولا تستحق هذا كله، ولكن النَّار تبدأ من مستصغر الشرر.
إن تهميش كل ما يمت بصلة بالثقافة الإسلامية وإبعاده لون من التآمر والعبث بخصائص الشعب الجزائري ورموزه، وقيمه الثابتة.
نحن تعلمنا صغارا أن نبدأ أكلنا وشربنا بالبسملة ونختمه بالحمد لله على نعمه.
وما كان لنا أن نسكت عن أمثال هذه المهازل واحتقار رموز الأمة وثقافتها الدينية، والاجتماعية.
فمن كان لا يؤمن بهذه الثقافة فلا يحق له أن يسلك هذا السلوك، ولا أن يتولى مسؤولية المنظومة التربوية ذات الخطورة في حياة المجتمع. فليرجع هذا المسؤول عن غيه، ولا يلقي المسؤولية على الناشرين بهتانا، فالناشر لا يتدخل في الكتاب ويطبعه كما سلم له.
إننا نبرأ إلى الله من هذا السوء والانحراف.