حول زيارة الرئيس التركي للجزائر/ عبد القادر قلاتي
![](https://cdn.elbassair.dz/wp-content/uploads/2019/11/gullati-310x165-copie.jpg)
عندما كنت أكتب هذا العمود كنت أشاهد على شاشة التلفاز وصول الرئيس التركي إلى الجزائر في الزيارة التي جاءت استجابة لدعوة من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ولذا ليس المقصود هنا الكلام حول آثار الزيارة وما تمخضت عنه من قرارات، كما لست معنياً بتحليل مجريات هذه الزيارة، لكن الذي يعنيني منها، روح المسؤولية التي تميّز بها الرئيس تبون رغم التشويش الذي تمارسه خلايا الذباب الالكتروني الذي جعل من الخليج مصدر الانطلاق حتى رأينا في الجزائر استجابات لهذا التشويش، وجملة من الأكاذيب يرددها المثقف قبل العاميّ، كما يعنيني سمو ومكانة الأخوة الإسلامية التي يقدمها الزعيم التركي دائماً عندما يتعلق الأمر بالعالم الإسلامي، فالرجل كان بالأمس فقط يقف إلى جانب رجال الإنقاذ في الزلزال الذي ضرب منطقة الأناضول بتركيا، وشوهد وهو يبكي على ضحايا الزلزال، ويساعد في حمل جثامينهم أثناء الدفن، وها هو اليوم يصل الى الجزائر استجابة لدعوة الجزائر والتي جاءت –غالباً- لمعالجة الملف الليبي، الذي يعني الكثير للسياسة الجزائرية بحكم الجوار والأخوة الدينية والقومية، كما يعني أيضا الأتراك بحكم الرصيد التاريخي المشترك والأخوة الدينية التي كانت إلى فترة قريبة تجمع أشتاش العالم الإسلامي في جسد واحد، ثمّ العلاقات الجديدة التي تمّت بين الحكومة الليبية المعترف بها دولياً، والحكومة التركية والتي اقتضت منطق الدفاع بين الطرفين.
قد يكون هناك تباين في الرؤية الجزائرية والتركية حول الملف الليبي، لكن روح المسؤولية التاريخية -عند الطرفين – ربما ستكون المنطق الذي يخضع المصالح الآنية لتصور جديد ورؤية متزنة بعيدا عن تلك الرؤية التي سطرها قادة المشاريع الاستعمارية وخدامهم من بعض الدول العربية التي تمارس الفجور السياسي بصفاقة وقلة مروءة، والتصور الأوّلي الذي ستخرج به الزيارة هو الذهاب الى المصالحة بين الأطراف وهذا ما تريده الجزائر، رغم أن الأطراف التي تتحرك خارج الشرعية لا تقبل به، إلاّ أنّ هذا الحل إذا وفقت عليه تركيا ودعّمته وتخلّت عن منطق الحل العسكري الذي كانت تلوح به –طبعا في حال عدم توقف حفتر على الهجوم على العاصمة طرابلس- لأن تركيا في الأخير ليس من مصلحتها التدخل العسكري المباشر في أراض خارج بلدها، ولذا من المحتمل جداً قبول تركيا بما ستقترحه الجزائر باعتبارها أقرب جغرافيا لليبيا وأكثر استعاباً للملف الليبي ليس فقط منذ سقوط نظام القذافي بل منذ سنوات طويلة.
ربما ستكون هذه الزيارة فاتحة خير في معالجة القضية الليبية، بعيداً عن الأطراف التي أصبحت جزءاً من الملف لاعتبارات استعمارية وأخرى اقتصادية، وربما نعود لقراءة في الموضوع بعد أن تتم الزيارة.