أقلام القراء

عن أي إرهاب تتحدثون…؟ أين أنتم مما يحدث في أراكان /بقلم الأستاذ: محمد العلمي السائحي

إن ما يتعرض له مسلمو ماينمار في مقاطعة أراكان من قتل وتشريد وتهجير، لأمر تعجز الكلمات عن وصفه، وإن الصور التي نقلها إلينا الإعلام لصادمة، وهي شاهدة على أن عصاية بورما تشن على المسلمين هناك حرب إبادة وتصفية عرقية، تغذيها نزعة دينية متطرفة، والعجب كل العجب أن العالم الأوروبي وأمريكا التي تزعم أنها تتصدى للإرهاب وتحاربه يصمون آذانهم عن صيحات الاستغاثة التي أطلقها ويطلقها المسلمون هناك، ويغمضون أعينهم عما يتعرض له سكان أراكان من تنكيل وتعذيب، وكأنهم لا يرون في ذلك إرهابا، ولعل ذلك متولد من ربطهم بين الإسلام والإرهاب، مما جعلهم لا يرون في العنف الصادر عن أي جهة من الجهات غير المسلمة إرهابا، لأن الإرهاب عندهم ما يصدر عن المسلمين والمسلمين وحدهم، وهذه الفكرة التي استقرت في أذهانهم هي عينها التي دفعتهم إلى السكوت عما ترتكبه إسرائيل في حق الفلسطينيين، مما جعلها لا تتورع عن قتل حتى الأطفال والنساء والشيوخ، وتفجر مساكنهم، وتجرف مزارعهم، وها هي اليوم تغتصب الأراضي الفلسطينية في النقب، لتقيم عليها مستوطنات لليهود، ومع ذلك لايحتجون وإذا احتجوا فإنما يفعلون ذلك على استحياء…

والعجب العجاب أن الوليات المتحدة الأمريكية التي نصبت نفسها شرطي العالم، تسعى لاستصدار قانون يخول للمواطنين الأمريكيين المتضررين من أحداث 11 سبتمبر مقاضاة السعوديةباعتبارها داعمة للإرهاب، وهذا إيمانويل ماكرون جعل من أولى أولويات فرنسا محاربة الإرهاب الإسلامي…

والأمر الذي يدعوا إلى الدهشة والاستغراب، أنهم جميعا لا يتحدثون عن  المجازر البشرية التي ارتكبها التحالف الأوروأمريكي في العراق، و في سوريا، ولا ينبسون ببنت شفة عن القصف الروسي في سوريا الذي أودى بحياة الآلاف من السوريين…

وهذا يبين أن تعريفهم للإرهاب غير موضوعي ولا حيادي وإنما توخوا في صياغته، ما يحمي مصالحهم، ويكرس سيادتهم على العالم العربي والإسلامي…

إنَّ الإرهاب هو في الأساس صناعة أمريكية أوروبية، ولا علاقة له بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد، فهم الذين شنوا في الماضي حربا صليبية على بلاد الإسلام، وهم في العصور الحديثة الذين غزوا البلاد العربية والإسلامية واحتلوا أرضيها ونهبوا خيراتها، وهم الذين يدعمون الأنظمة الاستبدادية شرقا وغربا، ويمنعون الشعوب من تحرير نفسها وتقرير مصيرها، وهم الذين يقفون إلى جانب إسرائيل، ويجمونها ويمدونها بالمال والسلاح، ويمنعون الشعب الفلسطيني اليوم من تحرير أرضه واسترداد ما سلب منه، وهم الذين صنفوا حركة المقاومة الفلسطينية حماس حركة إرهابية، لمجرد أنها حركة إسلامية بينما لميصنفوا بقية حركات المقاومة الفلسطينية حركات إرهابية، وهذا دليل آخر يؤكد تحيزهم ضد الإسلام، وهم الذين يسكتون اليوم عن ذبح المسلمين في أراكان، فلا يحدثوننا عن الإرهاب، فنحن أعرف به منهم…

إن الأولى بهم أن يراجعوا مفهومهم الإرهاب، ويصوغوا له مفهوما جديدا وصحيحا ينطبق عليه ويحظى بموافقة وتصديق المجتمع الدولي، فليس من المعقول أن ننسب الإرهاب للإسلام وحده، ولا نعتبر ما يقوم به

بوذيو بورما إرهابا، وليس من المعقول أن لا نعتبر ما تقوم به إسرائيل في جق الفلسطينيين إرهابا، وليس من المعقول أن ما يقوم به الروس وأمريكا وغيرهم من الأوروبيين في سوريا والعراق وليبيا، وما تقوم به فرنسا في بعض الدول الافريقية إرهابا، إذن لابد من تصحيح مفهوم الإرهاب حتى يتفق الجميع عليه، ويتحمل كل منا مسؤوليته في التصدي له ومحاربته، وإلا فلا تحدثوننا عن الإرهاب…

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com