الأسرة بين موقعها وواقعها/ أ.آمنة فداني المقرية.
عن الحسن رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”إن الله سائل كل راع عما استرعاه، حفظ أم ضيع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيتهّ” ابن حبان في صحيحه.
إن صلاح الوالدين له أثر بالغ في نشأة الأبناء وثباتهم على الطريق السوي وقد تأتي البركة بالآباء، حيث يرزق الابن بأبيه ويرزق الأب بابنه، قال تعالى في سورة الكهف 52: {…وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً…}.
فالوالدان لا تبرأ ذمتهم إذالم يحافظوا على وجودهم ويحافظوا على قيم العائلة وتوازنها واستقرارها، ولابد أن يكون على علم بقدسية الحياة العائلية فيبذل كل طرف من جانبه الوسع للاحتواء، يقول المفكر مالك بن نبي رحمه الله:”كل تشريع يهدف إلى تنظيم العلاقات بين عناصر مجتمع ما، يجب أن ينبثق من أسسه الروحية وأن يكون صورة لهدف حياته”، فالأسرة هي الخلية الأولى لتكوين الطفل، فمرحلة هذا الأخير تمتاز بمجموعة من الخصائص بات لزاما على رب العائلة معرفتها ليراعيها عند التعامل فأنتم على ثغرة من ثغور البيت لتحرسوا أبناءكم وتوفروا لهم حاجاتهم قصد أن يتفرغوا هم للدراسة والتعليم، فاستقامة البرعم متوقفة على فعالية التربية ووضوح الإطار المرجعي السليم، فأحسنوا تأسيس بنيانكم حتى لا يهوي عليكم.
إن البناء والهدم توجد بينهما مسافة متقاربة، فالشبل في الأسرة إذا لم يجد ملاذا حنيا والشعور بالطمأنينة قد يصطاده اليأس فيصير خطرا على نفسه وعائلته ومجتمعه، فمن كتم مرضه مات به، ولعل عدم تقدير العواقب ناجم في أحيان كثيرة عن نقصان في التجربة الحياتية وفي مجالات التربية المتكاملة لذا فعلى الوالدين تعلم أساليب التربية المنهجية لأن لكل مرحلة نمو الأطفال خصائص معينة، مع وضع الضوابط اللازمة لهم، من خلاله يوفر النمو الطبيعي ليتمكنوا من الإسهام الإيجابي في البيت، وتُفتق فيه الإرادة، يعرفون المفيد وينكرون تعطيله، وينكرون المؤذي ويشجبون ارتكابه.
إننا كأسر لابد لنا أن نعود لتراثنا العربي الإسلامي في مجالات التربية المجتمعية لأنه فيه ما يشفي وينير، رغم أن ثقافتنا الأصيلة ضعف صمودها بفعل العولمة والانفتاح السلبي على العالم.
يقول المفكر العربي محمد الغزالي”إذا كان هناك أزمة في الفكر الديني فإنما تجيء من سوء الأخذ والاقتباس أو عند التطبيق والتصرف الخطأ خطأنا نحن عندما لا نحسن الفهم أو لا نحسن العمل”.
إن الأصل في الأسرة أن يسودها العدل يأخذ كل فرد فيها حقه فالمولى تبارك وتعالى خلق من الخيرات ما يسد حاجات البشر جميعا.
إن وظيفة رب الأسرة تجاه أبنائه تعتمد على عناصر توجيهية مثالية في التربية السلوكية منها:
*ربط الأبناء بسيرة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ…}[الأحزاب:21].
*تعود الأبناء على التدرج في تحمل أعباء الحياة المجتمعية وعدم الاستعجال في تحقيق المرغوب.
*التوازن بين الحنان والانضباط وذلك من خلال التسامح الزائد حيث يصبح في أحيان كثيرة سببا في تدمير ألبناء ما يعتقدون أن كل شيء مسموح لهم ولا يوجد الممنوع مما يؤدي إلى التمرد.
*تربيتهم على احترام حقوق الآخرين وعدم التعدي على أشيائهم، ومكافئتهم على حسن تصرفاتهم للتشجيع.
* نقل ما تعلموه من فضائل من مجتمعهم الصغير إلى مجتمعهم الكبير فإن النبتة الطيبة بذرتها الأولى من البيوت.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.