نشاطات الشعب

رحيل حاضنة من حاضنات الصحوة

بمزيد من التأثر والرضى بقضاء الله تعالى وقدره، تلقت مؤسسة السننية التي يشرف عليها الشيخ الطيب برغوث، نبأ وفاة والدة الأخ العزيز الأستاذ حسن خليفة اليوم 08/01/2020 برأس العيون، عن عمر ناهز السادسة والتسعين سنة.
وبهذه المناسبة الحزينة ندعو الله تعالى أن يتغمد الوالدة الكريمة بواسع رحمته، وأن يسكنها الفردوس الأعلى من الجنة، وأن يلهم الأخ العزيز الأستاذ حسن خليفة وجميع أفراد العائلة الكريمة المزيد من الصبر والسلوان، والرضى بقضاء الله تعالى وقدره، فالمؤمن دائما يحمد الله تعالى ويشكره على كل حال، فالحمد لله تعالى على ما أعطى وعلى ما أخذ.

اللهم لا تحرمنا أجرها ولا تفتنا بعدها.
وبالمناسبة أذكر للتاريخ أن هذه السيدة الكريمة، كانت تستضيفنا في بيتها أيام الصحوة المباركة في سبعينيات القرن الماضي، عندما كنا نذهب إلى بيت الأخ العزيز سي حسان حفظه الله أو سي داود رحمه الله، لنعمل حلقة دراسية ونقوم الليل معا هناك، بعيدا عن أنظار الفضوليين والمتحسسين من أنشطة شباب الصحوة والمتربصين بهم في تلك الفترة، فكانت رحمها الله تعالى تكرمنا وتحضر لنا الأكل والمشروبات المتنوعة، وتتفقد الأجواء المحيطة بالبيت، محافظة علينا وعلى نشاطنا التربوي والاجتماعي، الذي كانت تدرك مدى أهميته لنا كشباب خاصة وللمجتمع عامة، رغم أنها سيدة أمية، ولكن حسها الإيماني والوطني الفطري الرفيع جدا، جعلها تقدر قيمة ذلك الأمر، رغم أنها كانت تدرك تماما المخاطر التي كانت تحيط بكل من تشتم منه رائحة الدعم للخوانجية، كما كان يقال في تلك الفترة الصعبة والجميلة في الوقت نفسه!
وما أكثر الشباب الذين انتفعوا بتلك الجلسات واللقاءات المباركات، التي كنا نقيمها في بيوتنا خوفا من الملاحقات والأذى، وكانت عائلاتنا تدعمنا وتبارك نشاطنا، وتعمل كل ما في وسعها من أجل حماية بذور تلك الأعمال التي آتت أكلها بإذن ربها، وتحولت منطقة رأس العيون إلى محضن مهم من محاضن الصحوة الراشدة المباركة، كغيرها من المحاضن الأخرى على المستوى الوطني.
والأستاذ حسن خليفة وأخوه داود خليفة رحمه الله، نموذجان من هذه النماذج الكثيرة جدا، التي أنجبتها تلك الجلسات المباركات، والتي ستكون في ميزان حسنات هذه السيدة وكل من أحاطنا بالرعاية والدعم والحماية، إن شاء الله تعالى.
فاللهم جاز هذه السيدة الكريمة عنا وعن الصحوة المباركة خير الجزاء، واغفر لها، وأكرم نزلها، وألهم كل السيدات رشدهن، ووفقهن لاحتضان الأعمال الصالحة النافعة للعباد والبلاد، وبارك لهن في ذلك عاجلا وآجلا. وقد قال رسول الله عليه الصلاة والسلام في فضل وأجر من فعل ذلك:( من دعا إلى هُدَى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً)[رواه مسلم].
وفي الحديث كذلك:(إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم. قال:” فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا . قال: فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم: ما يقول عبادي؟ قال يقولون: يسبحونك ويكبرونك، ويحمدونك ويمجدونك. قال: فيقول: هل رأوني؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوك. قال: فيقول: كيف لو رأوني؟ قال: فيقولون:” لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيدا، وأكثر لك تسبيحا. قال: فيقول فما يسألون؟ قالوا: يسألونك الجنة، قال: يقول: وهل رأوها ؟ فيقولون: لا والله يا رب ما رأوها قال:” فيقول: فكيف لو رأوها؟ ” قال:” يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا، وأشد لها طلبا، وأعظم فيها رغبة. قال: فمم يعوذون؟ قال: ” يقولون: من النار” قال:” يقول: فهل رأوها؟ ” قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها؟ قال: يقولون لو رأوها كانوا أشد منها فرارا، وأشد لها مخافة. قال: فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم. قال:” يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة. قال: هم الجلساء لا يشقى جليسهم)[رواه البخاري].
اللهم اجعلنا وأياها وسائر السيدات والسادة المحبين للخير والداعمين للصلاح والمصلحين، ممن يشملهم هذا الحديث العظيم.
وإنا لله وإنا إليه راجعون
الأستاذ الطيب برغوث

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com