العالم الإسلامي

المسلمون المنسيون في فرنسا آلاف من أبناء المسلمين في سجون فرنسا منسيون ولا نعرف عنهم شيئا/ باريس من سعدي بزيان

أين يقبع هؤلاء المسجونين وكم عددهم ومن لهم؟

لا أعرف كتابا ولا دراسة قانونية عن هؤلاء المنسيين في تاريخ الوجود الإسلامي في فرنسا ومنذ شهور قلائل أهدى إليَّ محمد عبد الرحمن سوالمية كتابه؛ وهو أحد المرشدين في سجن فران Fresne الواقع في ولاية Issone 91 جنوب باريس، وهذا السجن من أقدم سجون فرنسا، ولطالما استقبل عشرات من المناضلين الجزائريين أو شخصيات فرنسية من أنصار الثورة الجزائرية، مثل هنري كوريال وجاك شارلي، ومن الجزائريين محمد البجاوي وبشير بومعزة والدكتور أحمد طالب والذي دون فيه رسائله من السجن وهي بعنوان Lettre de prison

يقول صديقنا محمد سوالمية في كتابه المزدوج 1961-1957 بالعربية والفرنسية في مقدمة كتابه هذا “السجون سجون أينما تكون ليست بالحل الأنجع وقد دون تجربته في التعامل مع السجناء المسلمين حيث كان يرشدهم ويعلمهم قواعد الإسلام وفق الكتاب والسنة باللغة العربية والفرنسية وقد وضع تجربته في كتاب هو الأول من نوعه يضعه كاتب مسلم، ووضع فيه نموذجا من دروسه التي كان يلقيها عليهم طيلة فترة عمله في هذا السجن كمرشد وواعظ Aumonier relegieux

وقد أكد في كتابه بأن السجون ليست حولا وكل الدراسات التي تناولت واقع هؤلاء السجناء تؤكد أن عدد أبناء المسلمين الموجودين في السجون الفرنسية يشكلون نسبة عالية تتجاوز نسبتهم العددية، ولاشك أن العديد منهم وجد نفسه في السجون الفرنسية لأسباب تافهة ولا يجدون من يدافع عنهم ولا من يدفع عنهم تكاليف المحامين، ولا تحركت نقابة المحامين في الجزائر بالتنسيق مع نقابة المحامين في فرنسا للنظر في أمور هؤلاء التي ضاقت بهم السجون الفرنسية. ويذكر صديقنا محمد عبد الرحمن سوالمية الذي سبق له وأن عمل معنا في جريدة الشعب سنة 1964 أن هناك حسب إحصائيات 2011 -65ألف شخص في السجون الفرنسية جلهم من أبناء المسلمين وأكثر هؤلاء ينتمون لطبقة عمالية ذات الدخل المحدود لا تستطيع تحمل تكاليف المحامين للدفاع عن أبنائهم، في حين نجد السجناء الفرنسيين يتكونون من أصناف مختلفة أطباء ومهندسون وكتاب وعلماء اللسانيات، وقد اهتم الفرنسيون بواقع هؤلاء السجناء ونشرت حولهم دراسات عديدة في حين لا نجد أمامنا في إعلامنا ولدى كتابنا دراسة ولا اهتماما في هذا الموضوع ويبدي الكاتب أسفه لوجود هذه السجون بكثرة والتي لا يراها حلا فالتقدم التكنولوجي والعلمي يطرح علينا حلولا تتجاوز وضع الناس أمام القضبان الحديدية، وهل هذا حل وهل لا توجد حلول إنسانية لواقع هؤلاء الناس الا يتعارض هذا الواضع مع حركة وحقوق الإنسان في عصر العلوم والتكنولوجية ويقول الصديق الراحل محمد سوالمية أن أهم كتاب قرأته هو

Fermer les prisons

أي أغلقوا السجون وكاتبه أمريكي يدعىDennis Brigg  أستاذ علم النفس وعلم الاجتماع وهو خلاصة لتحقيق في سجون أمريكا وبريطانيا، والحلول التي تم التوصل إليها والتي تؤكد كلها أن السجون ليست حلولا، ورأيه أن السجون في أوروبا لم تقدم حلولا تذكر فلا المؤسسات العقابية ولا مصلحة السجون في جميع أنحاء العالم قدمت حلولا لإشكالية أناس لأسباب ما وجدوا أنفسهم أمام القضبان الحديدية وها هو صديقنا محمد سوالمية يحاول من خلال تجاربه وثقافته العربية والإسلامية.

أن يقدم قبسا من الدين الإسلامي عله يضيء الدرب أمام شبان مسلمين تائهين فلا هم فرنسيون ولهم حقوق الفرنسيين ولا هم مسلمين بأتم المعنى لهم في دينهم ما يروي ضماهم ويغذي عقولهم ويذهب عنهم الأسى والحزن فهم لا إلى هؤلاء ولا لأولئك وقد بذل صديقنا محمد عبد الرحمن سوالمية جهودا معتبرة استحق عنها ميدالية الشرف لإدارة السجون الفرنسية بقرار من وزارة العدل والحريات الفرنسية بتاريخ 16/2/2012

تجربة محمد سوالمية مع مصلحة السجون دامت أكثر من 10سنوات

وخلاصتها هذا الكتاب باللغتين الفرنسية والعربية وتقديرا منه واعترافا له بالاهتمام بواقع المسلمين لا في فرنسا بل في الغرب عموما أهدى إلي هذا الكتاب، واعتبرته أهم كتاب قرأته لكاتب مسلم عن واقع السجناء المسلمين في أقدم سجونه في ضواحي باريس وهو سجن فران الذي طالما ورد في كتاب احمد طالب الإبراهيمي الذي كان وهو سجين في هذا السجن خلال حرب التحرير يبعث برسائل على أصدقائه وإلى العديد من الشخصيات الفرنسية والعربية بعنوان –رسائل من السجن، وترجم الكتاب إلى العربية، والمرشد المسلم في السجون الفرنسية حيث يقبع آلاف السجناء من المسلمين يدعى بالفرنسية Aumonier relegieux

فهذه المهمة ليست منتشرة ولا معروفة بالنسبة لفرنسا وإنما فرضها تنامي عدد المسلمين وحضورهم بقوة في المجتمع الفرنسي ويشكل سجناء سجن فران نسبة تفوق 60بالمائة وقد بلغ مجموع سجناء السجون الفرنسية حوالي 64000 شخص حسب إحصائيات 2011 وتساءل الكاتب ألا توجد حلول تنقذ هؤلاء من قضاء جزء من عمرهم وراء القضبان في حين كان يمكن اللجوء إلى طرق أخرى تجعل من هؤلاء أناسا صالحين يعملون لصالح مجتمعاتهم يستفديون ويفيدون وقد تخيل الكاتب ذلك وقد يحدث ذلك في المستقبل.

غياب مصالح وسفارات البلدان العربية والإسلامية

يؤكد المرشد الديني محمد عبد الرحمن سوالمية أنه طيلة عمله كمرشد في مصلحة سجن فران لم يلتق بشخصية ما من قنصليات جزائرية أو مغربية أو فرنسية على الأقل في المناسبات الدينية للإطلاع على أوضاع قومهم في سجن فران ويبدو أن هؤلاء السجناء هم خارج دائرة اهتمام قنصليات المغرب العربي في فرنسا ومن خلال السنوات التي قضاها كمرشد للمسلمين في السجون الفرنسية وارتأى أن يقدم بعض الأفكار لإصلاح السجون حتى لا تكون مجرد مؤسسات للعقاب فقط ولا نقول بغلقها.

بل نطلب بتهذيبها أي إعادة شيء من الكرامة لهؤلاء القابعين في السجون الفرنسية وعدد هام هم من المسلمين أو أبنائهم وخلاصة المقترح هو أن نفكر في إفراغ السكون من طاقات بشرية أغلبها في سن الشباب قد تكون منتجة وصالحة لمجتمعاتها وذلك بعد قضاء فترة من العقوبة والعودة لطريق الصواب والعمل على إدماجهم شيئا فشيئا بهدوء أينما كانوا بكرامة وثقة بأنفسهم ليصبحوا صالحين للعيش والإنتاج في مجتمعاتهم التي هي أحوج ما تكون إلى عضلاتهم وعقولهم وإذا نظرنا بنزاهة ومعرفة لحالة مثل حالة سجن فران او ما يسمى

Maison d’arrêt de Fresnes

الواقعة كما ذكرت في جنوب باريس وفي الولاية 91 Essone وهي من أعرق السجون الفرنسية ومن أهمها ومن خلال تجربتي الشخصية لاحظت تقديرا كبيرا للمرشدين للسجناء سواء الذين هم من ديانة مسلمة أو يهودية أو مسيحية وينشط المرشد المسلم في السجون الفرنسية في المناسبات الدينية في رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى وتتم أداء صلاة العيدين عيد الفطر وعيد الأضحى في كنيسة هيئت خصيصا لذلك كما تقسم التمور على الصائمين المسلمين في سجن فران وما انفك صديقنا محمد عبد الرحمن سوالمية رحمه الله يردد في كتابه “السجون سجون أينما تكون ليست بالحل الأنجع”

ماذا يدرس محمد عبد الرحمن سوالمية المرشد الديني لدى سجن ومستشفى السجناء في فران جنوب باريس لسجناء هذا السجن؟

تتمحور دروسه حول الدين وأركانه وفضائل الإسلام وأخلاق المسلم والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر حياة الرسول وسيرته النبوية، وما نهى عنه الله ورسوله مثل شرب الخمر وتعاطي المخدرات وخاصة قضية المخدرات وظاهرة منتشرة وسط الشباب المسلم في مدن الضواحي حيث تقيم الجالية الإسلامية بكثرة كما يقدم دروسا في الأخلاق كما يأمر بها ديننا الحنيف وفي الأخير تمنى في كتابه هذا ومن صميم قلبه “أن يفرج كربة هؤلاء المسجونين  ويفك أسرهم ويجازيهم عن توبتهم والرجوع على الطريق المستقيم والقيام بصالح الأعمال وهو السميع المجيب، ونحن نتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يجعل كتابه هذا في ميزان حسناته وأن يتغمده الله بواسع رحمته وأن يجازيه على جهوده في إرشاد أبناء المسلمين في أعرق سجن في فرنسا رحم الله صديقنا محمد سوالمية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com