مستقبل جمعية العلماء المسلمين الجزائريين … مشاريع مفتوحة في الأفق… يعلو بها صوت الجمعية/ حسن خليفة
ونحن في ظلال هذا اللقاء السنوي الأخوي الإيماني الجامع أردتُ التذكير ببعض المسائل ذات الصلة بمستقبل الجمعية في عهدها الراهن، وما يمكن أن تطمح إلى تحقيقه خدمة لدين الله تعالى ثم للوطن.
وأبادر إلى القول: إنّ الجمعية حققت الكثير من الانجازات في مسيرتها الكبيرة خلال العقود الماضية، على الرغم من المثبطات والمعوّقات والمشكلات والمحيط المعادي (سلطويا) بصفة عامة.. والمأمول مع القادم من السنوات أن تكون الأمور أكثر انفتاحا، وأن يكون لرجال الإصلاح والدعوة والعمل الديني والثقافي المزيد من الحرية في الحركة والاجتهاد …وبالنسبة للجمعية أتصور أن من المسائل المهمة ذات الأثر الطيب والتي ينبغي العكوف عليها ،والتخطيط لتحقيقها وإنجازها ..بعض مما يلي:
ـ بناء مؤسسات تربوية راقية نموذجية، ولا أقل من 20 مؤسسة ـفي مختلف أطوار التعليم ـ في السنوات القليلة القادمة، تكون نماذج مضيئة للجمعية وبيانا لمنهجها في التربية والتعليم الجامع في مزيج رائع بين مناهج الدولة ومنهج الجمعية في التزكية والتربية والأخلاق والآداب.
ـ إنشاء كليات ومعاهد تضم الحافظين والحافظات لكتاب الله تعالى وهم في تزايد ولله الحمد، كما تضم الراغبين والراغبات في الاستزادة من العلم الشرعي والتكوين التحصيلي المناسب له.ولا أقل أيضا من عشرة 10 معاهد بإشراف أساتذة وأستاذات أهل اختصاص واقتدار، وبرعاية علماء ودعاة في هذه المنطقة أو تلك من وطننا.
ـ إنشاء مراكز للاستشارات في العلم الشرعي (فتاوى وغيرها) ـالاجتماع ـ علم النفس.. وذلك للرد على الحيارى والحائرات وأصحاب المشكلات الدينية والحياتية، وما أكثرهم وما أكثرهن. ومثل هذه المراكز يستعمل البعض لجني الأموال وتحقيق الربح، ولكن الجمعية يمكن أن تنقل بها عملها إلى حقل مجتمعي واسع وتفتح الأبواب لإيصال الحق والحقيقة وبيان محاسن الدين والوعظ الجميل والنصح الخ مما يخفف عن الناس ما هم في فيه من رهق وضيق وتردد. يحتاج الأمر توفّر كفاءات ذات قدرة وعلم واتفاق مع الجهات الوصية في سلطة البريد والمواصلات ولديهم كل الاجابات عن مثل هذه المراكز المتخصصة. وبتوفيق الله تعالى يمكن تحقيق أهداف نفسية دينية اجتماعية دينية كبيرة من خلال هذا المشروع الذي يمكن أن تتكفل به بعض الولايات الكبيرة ذات الشعب المتوفرة على الكفاءات من الرجال والنساء والشباب القادرين على تقديم ما ينفع الناس في مضمار التوجيه والإرشاد المتكامل.
ـ إنشاء دار نشر وتوزيع… مما يعلمه الجميع أن إنتاج علماء وأعلام وأساتذة الجمعية قديما وحديثا من الغزارة والتنوع والنفع ما يجعل هذا الميراث حقيق بالاهتمام والتطوير والإشراف، وإذا كانت نصوص قوانين الجمعية (المادة الأولى من القانون الأساسي) تؤكد على أن هذه الجمعية الحاضرة هي امتداد للجمعية التاريخية فذلك يعني ضرورة الربط بين الماضي والحاضر، وضرورة الاهتمام بتراث الجمعية طبعا ونشرا وتسويقا وتوزيعا وتعريفا. وليس أقل من دار نشر تتكفل بذلك، وتعمل عليه، بالتعاون مع دور نشر أخرى، أو مؤسسات بحثية وعلمية وتاريخية .وحتى مع دورنشر في الخارج، لنشر تراث الجمعية وإيصال صوت علماء الجزائرإلى كل الأصقاع.
ـ أيام للدعوة والدعاة: مما ينبغي أن تحرص عليه الجمعية في تقديري المتواضع ـ إحياء الدعوة إلى الله تعالى وترسيخ “خط الإصلاح المجتمعي” ويقتضي ذلك إحياء مظاهر الدعوة ومبادئها وأفكارها وأساليبها، بل وإحياء فكرة الدعوة نفسها كوسيلة من وسائل أخلقة المجتمع وترقيته والسمو به، في جميع الميادين وبما له صلة بكل الشرائح الاجتماعية، رجالا ونساء، شيبا وشبابا وفتيانا. ومن شأن هذا الأمر أن يجعل الدعوة حاضرة في حياة الناس قائمة في شؤونهم رفيقة لهم في مسالك حياتهم فيكون المجتمع كله أقرب إلى الله في كل وقت، وليس في مواسم كرمضان فحسبُ.
ـ الاهتمام بالتأهيل الأسري ببعض أكاديمية متخصصة في هذا المجال تشرف عليه نساء الجمعية من العالمات المتمكنات والمثقفات ذات القدرة والكفاءة، وإنزال ذلك في أرض الواقع ببرامج وورشات وأمسيات وسواها من صيغ التعليم والتكوين والتحصين التي تحفظ للمجتمع قاعدته الأساسية (الأسرة) وتعين على نشر ثقافة الأسرة والعائلة والتماسك والتضامّ وتجاوز الخلافات وطلب رضوان الله تعالى في كل أمر عائلي وأسري.وللجمعية تجارب جيدة في هذا المجال تحتاج إلى تطوير وإعادة بلورة وتنسيق وتعميم على المستوى الوطني.
ـ ترسيخ شعيرة التعاون في مجال العمل الدعوي والإصلاحي مع كل الجهات رسمية ومجتمعية وجمعوية، بأن يكون شعار الجمعية الكبير “تعالوا نتعاون” وتقصد كل الجهات في هذا الأمر، وتطرح برامجها السنوية وتدعو إلى التعاون فيها، كما تساعد الغير على ما يعرضه من برامج وأنشطة، وبذلك تأخذ الجمعية قصب السبق في هذا المجال فتجعل الجميع شركاء في العمل وشركاء في الخير وفي النتائج. وهذا الأمر يقلل من العبء ويضاعف النتائج، ويبثّ الخير في النفوس ويترك انطباعات جميلة ونبيلة في المجتمع عندما يرى أهل الخير يتعاونون على الخير وأهل الفضل يعرفون القدر لبعضهم البعض.
إنّ كلّ الأبواب مفتوحة.. وليس على رجال ونساء الجمعية سوى التحرّك لطلب التعاون وتقديم العروض الخاصة بمجالات التعاون المشتركة. وبعون الله سيجدون كل خير..
ـ قناة فضائية… من الأمور التي تكرر فيها الكلام على مدار أزمنة هو مسألة الإعلام وخاصة الإعلام الفضائي… وسعي الجمعية لسد هذه الثغرة سيكون له شأن في رفع أسهمها في المجتمع، وفي القدرة على إيصال صوتها إلى النّاس في كلّ مكان. وليس الأمر صعبا كما قد نتصوّره، ولكنه في حاجة إلى تدبّر وتفكر وتخطيط واستشراف، وهو في حاجة أكبر إلى تصوّر وإرادة تنفذ.. خاصة وأن لدى الجمعية أكثر من طرف يمكن التعاون معه في نطاق واسع، وبما يرضي كل الأطراف، كقناة الأنيس الفضائية التي ينبغي أن نشير هنا أنها فتحت المجال للجمعية، في أي صيغة وبأي شكل، للتعاون والتشارك في صناعة الخير.. وربما كان لبعض الظروف التي مرت بها الجمعية من تضييق ومحاصرة ـغير معلنة ـ ما جمّد هذا الأمر ولكنه الآن أقرب ما يكون للتحقق والإنجاز، إن تمّ الاجتهاد فيه على نحو سليم وصحيح وبمنهجية تدرجية تراعي مختلف الظروف القائمة.
ـ ربما ألحقنا في مجال الإعلام.. ما يتعلق بقناة إذاعية إلكترونية الجمعية في أمس ما تكون له اليوم يديرها شباب بإشراف من الأساتذة والإعلاميين تقدم الانموذج الإعلامي في المجال المسموع. بفقرات وبراهج هادفة ذات نوعية .وبحسبان الوفرة في أعداد أعضاء الجمعية الذين يمكن أن يقوموا بهذا الأمر فإنه(الأمر) يبدو غير ذي صعوبة. وإنّما يحتاج الى معرفة بالمسائل التقنية والبرامجية وبعض الأمور ذات العلاقة بالبث الإذاعي الإلكتروني. وأذكر أن هناك مجموعة اجتهدت قبل سنتين في سطيف في هذا الأمر وقدمت عملا جيدا في المجال الإذاعي لكن ـللأسف لم يكتب له الاستمرار ـ لظروف خاصة.
إن مراعاة الموهبة والميل وحب العمل الإذاعي هو المنطلق في هذا الأمر، وأما باقي الأمور كالبرامج والفقرات والحصص فستكون في تطور مستمر مع الوقت. ولكن الأمر يحتاج إلى تحمل وصبر وتوطين وتخصص، وأن يتمحض من يقوم بهذا الأمر له ويتخطى جميع الحواجز والمصاعب.
ثمة أمور أخرى أرجئها إلى وقت لاحق وربما عدت إلى التفصيل في بعض مما سبق.
وبالله التوفيق