ما ذا يـراد لنا ؟/ أمال السائحي
طيبة القلب في اللغة: تعنى الطهر والنظافة والأمن والخير الكثير، والذي لا خبث فيه ولا غدر ومن هذه المعاني نفهم المراد بالرجل الطيب، والزوجة الطيبة، والبلدة الطيبة، والقول الطيب، والذرية الطيبة، والريح الطيبة، والحياة الطيبة. وكلها معاني طهر وعفة وصفاء ونقاء، وهذا حال صاحب خلق (الطيبة).
أما عن الخبيث فقد قال الحكماء في تعريفه: (اللَّئيم كذوب الوعد، خؤون العهد، قليل الرِّفْد، وقالوا: اللَّئيم إذا استغنى بَطِر، وإذا افتقر قنط، وإذا قال أفحش، وإذا سُئِل بخل، وإن سأل ألحَّ، وإن أُسْدِي إليه صنيعٌ أخفاه، وإن استُكْتِم سرًّا أفشاه، فصديقه منه على حذر، وعدوُّه منه على غرر).
وإن العديد من الأحداث المؤلمة الدامية الإرهابية التي جرت عبر السنوات الماضية في كل بقاع العالم، تفرض علينا الكثير من التساؤلات المحقة، حول ماهية هذه الأحداث ومن يقف وراءها فعليا، والملفت للنظر أن مسرحها كلها العالم الإسلامي، وأصبح يشار إلى المسلم بالبنان، وروجت هذه الأحداث للحروب التي أكلت الأخضر واليابس في بلدانه، وأعادت دوله إلى القرون الوسطى، في كل المجالات
وما قام به الغرب ضد الأسرة العربية والمسلمة التي باتت تتحكم فيها الأمم المتحدة، خير دليل في عرف الأمم المتحدة، من يدفع يملك ويحكم، فالدول الأوربية وكندا وأمريكا هي التي تصيغ المواثيق الدولية الساعية لهدم نظام الأسرة العربية المسلمة، بغية إزالة كل العوائق والعقبات التي تقف في طريق العولمة، فتلك القوانين والاتفاقيات ترمي إلى القضاء على قدرة المجتمع على مقاومة أي غزو خارجي، والصمود في وجهه والتصدي له، وكذا ضرب الاستقلال السياسي للمجتمع وذلك لعرقلة أي تنمية اقتصادية يمكن أن تتحول إلى رافعة تساعد المجتمع على تغيير أوضاعه السلبية وتجاوزها، والأخذ بيد المجتمع نحو ما يصبو إليه من تقدم وازدهار.
كما أنها تريد للأسرة المسلمة التي تحمل كل معاني الحب والإخاء والتضافر والتلاحم فيما بين عناصرها، أن تكون على شاكلة الأسرة الأوروبية التي حرفت دينها، وجعلت من أبنائها باسم الحرية يحيون في فوضى لا ضابط لها، ولا يعرفون أين تبدأ الحرية وأين تنتهي.
في حين أنهم هم أنفسهم يعانون اليوم وبشدة من تحلل النسيج الأسري، وتفسخ الروابط بين أفراد أسرهم، كما اكتشفوا أن إطلاق الحرية الجنسية والانحلال الأخلاقي والشذوذ قد سببت لهم مشكلات خطيرة في مجتمعاتهم، وكونهم يريدون فرض نظمهم علينا، فمعناه أن قلوبهم مملوءة حقدا على الإسلام والمسلمين، وما يستخدمونه من ضغوط ضدنا لتطبيق وتنفيذ هذه الاتفاقيات ما هو إلا مؤامرة ضدنا.
وهذه الدكتورة صفية الودغيري تحذرنا من الانسياق وراء كل التأثيرات الوافدة التي يمكن أن تضلل عقولنا وتفسد تفكيرنا وتشوه وعينا فتقول: “الزمن لا يغيِّر الحقيقة ويحوِّلها لوهم، ولا الوهم لحقيقة، بل هي أفكارنا تنمو بأرحام عقولنا، وتولد وتتغذَّى من دمائنا وتتنفس نسيم هوائنا، وتنمو وتنضج، والأحداث تتغيَّر، والمواقف لا تستقر على حال، والستارة تنزل وترتفع، والموج يعلو وينخفض، ونحن بين مدٍّ وجزر، وبُعْد وقُرْب، وفهم وجهل، فتعمى عنَّا الحقيقة تارة ونبصرها تارة أخرى، وتولد بداخلنا فكرة وتموت فكرة، وترتدي لكلِّ مرحلة ثوبها، وتنطق بلسانِها، وتترجم لغاتها وتفُكُّ ألغازها، وتكشف أسرارها. ..
من نقطة أفكارنا وانشغالاتنا نترجمها إلى أفعال على أرض الواقع، بالعلم الذي نكتسبه، وبالتجارب التي تجعلنا ننضج لتترجم إلى حقائق ايجابية وفعالة، وهذا ما يحتاجه الوطن العربي المسلم اليوم فعلا، نعم إنه يحتاج إلى الوعي والذكاء والعمل والتلاحم والتضافر فيما بين شعوبه ودوله حتى يتمكن من تفويت الفرصة على المتربصين للانقضاض عليه…
وما يحتاج إليه أكثر هو: أن يتيقظ للقوانين التي تقترح عليه، والاتفاقيات التي يجر إليها جرا، والتي لا هدف آخر لها، إلا إضعاف لحمته،و تشتيت شمله، وكسر شوكته، وخاصة تلك التي تخص أحكام الأسرة والطفل، أو التي تتعلق بالأقليات العرقية والدينية، إذ أن من أهم ما ترمي إليه، هو إثارة الاحتراب الداخلي في المجتمع الواحد، ليغدو فريسة سهلة لا يتطلب الإجهاز عليها مشقة، ولا يكلفه القضاء عليها مجهودا يذكر…و إذن علينا أن نتحلى دوما باليقظة، ونلزم الحذر، حتى لا نكون وقودا لحروبهم، أو أدوات لملء خزائنهم وجيوبهم…