لماذا يعارضون قمة كوالا لمبور؟!/ محمد العلمي السائحي
قد يستغرب الناس من موقف المملكة العربية السعودية المعارض لقمة كوالا لمبور، التي انعقدت في ماليزيا بدعوة من رئيس وزرائها السيد محمد مهاتير، تلك القمة التي أراد الداعي لها أن تلتقي فيها القوة الاقتصادية ممثلة في إندونيسيا، والقوة العسكرية ممثلة في باكستان، والقوة العلمية ممثلة في الكفاءات العلمية العالمية المدعوة لها، لمناقشة علاقة التنمية بالسيادة، تلك القمة التي كان ينتظر أن تكون خماسية لكنها تحولت إلى ثلاثية لأن السعودية استطاعت أن تقنع كلا من باكستان وإندونيسيا بالامتناع عن حضورها، وذلك بعدما أقنعتها القوة التي تحركها من وراء ستار أن ماليزيا تريد أن تسحب البساط من تحت قدميها وتحل محلها في قيادة العالم الإسلامي، تلك القيادة التي تحرص عليها كل الحرص وإن كانت مجرد قيادة شكلية لا تقدم ولا تؤخر، وتلك القوة الكبرى التي تعارض قمة كوالا لمبور وتؤلب السعودية عليها، وتدفعها إلى بذل مساعيها لإفشالها، لا تريد للمسلمين أن تظهر فيهم قوة تأخذ على عاتقها مسؤولية التغيير، والقيام بعملية البناء والتعمير عن طريق حسن التخطيط والتدبير، لأن ذلك سيفسد عليها مخططاتها التي وضعتها لتدمير العالم الإسلامي الذي صنفته باعتباره العدو رقم واحد الذي يهدد أمنها القومي، بعد أن تخلصت من النظام الشيوعي الممثل في الاتحاد السوفياتي، ولذلك نجد هذه القوة بالذات وراء كل الفتن والحروب التي اتخذت من البلاد العربية والإسلامية مسرحا لها، متخفية وراء محاربة الإرهاب، الذي هي صانعته وراعيته في العالم أجمع، وذلك باعتراف قادتها وساستها أنفسهم، وإن معارضة هذه القوة الكبرى لهذه القمة دليل على أن الداعين لها قد وضعوا رجلهم على الطريق الصحيح، ودليل على تخوفها من أن تسند القمة قيادة هذه القوة الناهضة في العالم الإسلامي إلى القيادة الماليزية التي أثبتت للعالم أنها قيادة رشيدة تحسن التدبير والتسيير، كما تتوجس خيفة من اجتماع القوى الثلاث المشار إليها أعلاه وتلاقي جهودها في النهوض بالعالم الإسلامي، مما يجعل منه رقما صعبا لا يمكن تجاهله، وينبغي أن يحسب له حسابه في السياسة الدولية.
إن هذه القوة التي لا تريد لقمة كوالا لمبور أن تنعقد، تسعى من خلال المؤتمر المسيحي اليهودي المنعقد مؤخرا في إيطاليا هذه الأيام إلى إنشاء تكتل عالمي يأخذ على عاتقه محاربة ما يسمى بالإسلام السياسي، والإسلام السياسي هو مصطلح ابتدعته القوى الكبرى المعارضة لعودة الإسلام للتأثير في الحياة والفعل الحضاري كما كان العهد به في الماضي.
إذن من الطبيعي أن هذه القوة التي تخطط لضرب الإسلام السياسي أن تعارض كل مسعى يرمي إلى تمكين الإسلام من استرجاع قوته والعودة إلى الحياة من جديد، وطبيعي أن تستعين بخونة اليوم مثلما استعانت في الماضي بخونة الأمس في التسلل إلى أرض الإسلام…