الأسئلة المشروعة والأجوبة الممتنعة أو الممنوعة/ لخضر لقدي

ما أظن أحدا مهما بلغت فطانته أو مكانته يمكنه أن يتصور جرجرة جزءا من العصابة إلى المحاكمة والمحاسبة، وما أظن عاقلا منصفا لا يعترف للجيش بحسن فعله حينما جر هؤلاء إلى سجن الحراش.
لقد كان من تدبير الله سبحانه وتعالى أن عاقب بعض الفاسدين المفسدين الفاشلين بنقيض قصدهم، وسوء فعالهم، وقبيح خصالهم، فأنهى مبكرا مستقبلهم السياسي وهو أكبر إنجاز، وأذاقهم خزي الدنيا قبل عذاب الآخرة، وشفى صدور قوم مواطنين عمليا، لطالما قيل عنهم: جوع كلبك يتبعك، واستكثر عليهم أكل الياؤورت، ولم تضع حرب كلمة “فقاقير” أوزارها بعد.
لقد كان ظلمهم حرقة في القلب، ومرضا سرطانيا انتشر بسرعة في المجتمع فأثر عليه سلباً، وكنت تقرأ غالباً في قسمات وجوه المظلومين حزناً، وتسمع من فلتات لسان الصالحين ألماً، وترى الغيورين يعلوهم الكدر ويبتعد عنهم الصفو، وتنضح آنيتهم بما فيها.
لقد أشعل النظام البائد السائد في صدورنا جميعاً نيران ظلمه؛ فسرق الأقوات، وظلم العباد، وأفسد البلاد، وفرق بين الأخ وأخيه، وانتهك حرمات البلاد بالمصادقة على معاهدة رهن السيادة المسماة زورا بغير اسمهما (اتفاقية الصداقة والتعاون والدفاع)، وأمضى على الاتفاقيات المجحفة اقتصاديا، والسالبة للخيرات اقتصاديا، والمكبلة للإرادة أمنيا وتخابريا.
أليس من حق كل غيور أن يسأل: أين كبيرهم؟ وما خبر شركائهم الذين ما زالوا في مناصبهم؟ فما زال مداد اتفاقية الأمن والتخابر المسماة تبادل المعلومات لم يجف؟ ومن أمضاها حي يرزق يأمر وينهى ويخطط فينفذ.
أليس لنا أن نتساءل: هل هؤلاء وحدهم من أفسد البلاد، وأمرض الأجساد، وأعمل آلة البلطجة الرهيبة التي أفسدت حياتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، التي ما زالت امتداداتها وارتداداتها وسترونها عما قريب، إلا أن يشاء ربي شيئا.
أليس من حق كل عاقل أن يسأل ويتساءل هل يكفي أن تزج ببعض الفاسدين اقتناعا أو انتفاعا أوانتقاما لإصلاح الحال وضمان حسن المآل؟.
لست غبيا لأقول أنها ليست خطوة جيدة، ولا حاقدا لا يعترف بفضل من صنعها، وشجاعة من ضمن وصول أويحي وسلال ومن معهم لقاعة المحكمة مهما كان منطوق الحكم، كما أنني لست أحمقا لأعتقد أنها نهاية الطريق.
لقد قرأت لشيخ دعاة العصر كلاما أثلج صدري وأزاح الغم عني: لقد خيل للبعض أنه يمكن السطو على الحكم بطريقة ما ثم يتحول هذا السطو إلى وجود مشروع عندما يقيم هذا الحاكم بعض شرائع الحدود والقصاص!.. قلت لأحد المعجبين بهذه الطريقة إن ذلك معناه أن اللص الكبير يقطع اللص الصغير. [محمد الغزالي الطريق من هنا].
أو كما يقول الحسن البصري: سارق السرّ يقطعه سارق العلانية!.
عندما كنت صغيرا كنت أعتقد أن أكبر الخيانات هي سرقة قطعة الشوكولا، فلما شاهدت فصولا من المحاكمة علمت أن ما خفي أعظم، وأن مثل الذي خان وطنه وباع بلاده مثل الذي يسرق من مال أبيه ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه ولا اللص يكافئه.
هذه أسئلتي التي أراها مشروعة، وأريد جوابا لا ممتنعا ولا ممنوعا، أما مخاوفي فكثيرة ليس أقلها خوف من انتكاسة أو ارتكاسة، وأشد مخاوفي ما جاء في المثل: إذا تصارعت الثيران فالحشيش هو الذي يعاني.
اللهم اجعل يوم الجزائر خيرا من أمسها، واجعل غدها خيرا من يومها.