كلمة حق

ما شاهدنا وما سمعنا في الانتخابات/ أ. د. عمار طالبي

 تابعت شخصيا عملية الانتخاب في مختلف الولايات، وسمعت الشيوخ والعجائز يقولون:

زيد رجلا صالحا، رجلا يخاف الله، رجلا يتحمل الأمانة، ويخدم الشعب، وخاصة الشباب.

تتوافد الجموع من شباب وكهول، نساء ورجالا، على مراكز الانتخابات، بعضهم يصرح بأنه جاء وفاء للشهداء، ولواجب الوطن، الذي ليس لهم وطن غيره، وبهذا وضح بالمشاهدة أن الذين يصيحون وتكاد أصواتهم تبح أقلية مع احترامنا رأيهم، وحرصهم الشديد على هذا الرأي، وطبّل للإعلام الخارجي وزمّر لهم وكأنهم الممثلون وحدهم للحراك ولا صوت غير صوتهم.

ولكن الذي ينبغي ذكره أن هؤلاء الأقلية لم يحترموا رأي المخالفين لهم، ولم تتسع صدورهم لتحمل من يخالف رأيهم، ولم يكن لهم صبر، ولا سماحة، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، ولجأوا إلى العنف، والشتائم، والضرب أحيانا كما رأينا في فرنسا مثلا.

وهذا يدل أنهم لا يؤمنون بالديمقراطية، ولا بحرية الرأي، ولو أنهم حكمونا، لأصبحوا طغاة، متجبرين، مستبدين، لا يقبلون رأيا من الآراء المخالفة لرأيهم.

وإذا كان الحراك أول أمره حراكا ثوريا شعبيا، فإن هؤلاء الإخوة الأقلية بعد ذلك يتصدرون الحراك ويصرخون، ويرفعون اللافتات، وكأنهم أصبحوا ثورة مضادة، يرفعون شعارها ويضمرون إنكارها، وهذا معناه اللجوء إلى التعيين، ومعاداة الانتخاب، لأنهم يعلمون أنهم لا يقبلون وأن بعض هؤلاء لهم أهداف وأجندات أخرى الله أعلم بها، وكأنهم يسيرون مع من يندد بالجزائر مثل البرلمان الأوربي، أو الذين يهدفون إلى تقسيم الجزائر، الشعب الواحد، والوطن الواحد، وارتكبوا أخطاء مما جعل الناس ينفرون من سلوكهم، وعدوانهم على من يخالفهم بين الجزائريين المقيمين بالخارج، وخاصة في فرنسا.

إن الشعب الجزائري في أعماقه، وبساطته، وطبيعته، وفطرته الوطنية يبغض البغض الشديد من يناصبه العداء من الخارج من الأجانب، ومن الداخل ممن يتبع الخارج أو باع ضميره في الأسواق الخارجية وكان من أنصار التبعية لأسياده القدماء، وما تزال العبودية مغروسة في أنفسهم فما لها من زوال، ولا نسيان، ولا محو لرسوخها التام في أنفسهم.

وأصبح ذلك كله طبيعة من الطبائع، ومن مقومات شخصياتهم ثقافة ولغة عند بعضهم، وليس لنا أن نعمم هذا فالتعميم ظلم فادح.

ولاشك أن بعضهم على نية طيبة، ونزوع حسن، إما لقصر نظر، وإما لغياب كثير من الحقائق عنه، وربما كانت العشرية السوداء من عوامل التأثير في الذهاب إلى هذا الرأي، لأنهم ظُلموا وسُجنوا وقُتّل كثير من رفاقهم، وزملائهم الذين كانوا ضحية طائفة من الجيش ومن أمراء المخابرات وبعضهم اليوم في السجن وآخرون فروا إلى الخارج فرارا من أن يحكم عليهم بما ارتكبوا من جرائم، في حق شباب الشعب الجزائري الذي نفي إلى الصحراء، ودفن فيها بلا ذنب ولا جريمة، وربما نلتمس لهم العذر، فنفوسهم ما تزال تتألم، وتشعر بالظلم الفادح الذي أصابهم بلا رحمة وهو أمر يصعب نسيانه أو التغاضي عنه لأن هؤلاء المجرمين من جيش ذلك العهد كانوا على صلة بالاستعمار وأعوانه، وقد طهر الجيش اليوم منهم والحمد لله (يا ظالم وين تروح).

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com