يا خصوم الجمعية … تعالوا إلى كلمة سواء … ماذا يريد الدكتور محيي الدين عميمور …؟/ حسن خليفة

تتتابع “سهام الهجوم” على الجمعية من هنا وهناك، وتأخذ أشكالا متعددة، بكتابات وفيديوهات، وحتى بإشارات عابرة كما فعل الدكتور محيي الدين عميمور قبل أيام قليلة.. نرى في هذا شيئا إيجابيا صحّيا؛ حيث إنه يؤشر على أن الجمعية “قائمة” حية متحركة، مثيرة للاهتمام، وليس النقد سوى صورة من صور الاهتمام مهما كان قاسيا وحادّا، بل حتى ولو كان تطاولا على أي نحو جاء .
آخر من تحركت سهامه هو الدكتور محيي الدين عميمور في لفتة في جداره على “الفايس بوك” .. فماذا يريد الدكتور من الجمعية؟
نخصّ بالذكر هنا الدكتور محيي الدين.. وثمة خصوم غيره، وفيهم أصحاب أقلام وأهل خبرة وسبق في الدعوة والنشاط الدعوي، ولكن نركز حديثنا على الدكتور محيي الدين، فنتساءل:
ماذا يريد الدكتور عندما ينثر “غباره” على جداره في الفايس بوك، بأسلوب جمع فيه القدح والذّم، مع السخرية والاستهزاء، وكله مما ينبغي أن يترفع عنه المسلم، بله المثقف..المفكر..أليس الدكتور مفكرا؟ وكاتبا؟ وسياسيا ومحلّلا تتصل به المؤسسات الإعلامية والقنوات الفضائية، وتستكتبه الصحف والمواقع، ويعطي رأيه في كل ما يُسأل عنه أو لا يُسأل، ولمّا يزل يقدم “رأيه ” وتصوراته في كثير من الشؤون الوطنية سياسية، واجتماعية، وثقافية، بما يعني أن لديه حقولا كبيرة للتعبير وإبداء الرأي، فما الذي حمله على “الإساءة” إلى الجمعية بذلك الشكل في سياق ما يجري في وطننا؟ هل أراد إرسال رسالة ما إلى جهة ما؟ أم أراد أكبر من ذلك وهو أن يقزّم الجمعية، ولمصلحة من يا تُرى؟
كتب الدكتور كلمات في جداره في جملة مكثّفة ذات دلالات ورسائل سلبية، كتب يقول:
“الجمعية بعد عبد الرحمن شيبان هي الجبهة بعد عبد الحميد مهري..”
وفي ذلك ما فيه من الهمز واللمزوالغمز والوقيعة ومحاولة الإزراء بالجمعية من نواح عدة.
نعم من حقّ الدكتور وغيره من الكتاب والمثقفين والإعلاميين المهتمين ..من حقهم أن يكتبوا عن الجمعية أو غيرها، والجمعية ليست فوق النقد، ولكن يجب أن يعلم من يكتب أن الكتابة مسؤولية عظيمة، ورسالة ضخمة، مسؤولية أمام الله تعالى أولا، ثم أمام التاريخ … وتعظم تلك المسؤولية عندما تكون الكتابة من “كاتب” محترف وقامة معروفة وصاحب قلم له تاريخ في الكتابة على مدار عقود طويلة.
وأمثال الدكتور إذ يكتب إنما ينبغي أن يكتب ككاتب واسع الحيلة، عريض القدرة، خبير بما يجري، عارف، كمتابع ـ على الأقل ـ بما تعاني منه الجمعية منذ عقود طويلة من السنين، وهي تجتهد وتعمل وتكافح على كثير من الجبهات يعرفها جيدا، وهو يلتقي معها في ذلك .
وربما كان من الضروري في بعض الأحيان على الأقل، أن يمد ّ هو وأمثاله يد التعاون للدفاع عن القيم والمباديء والثوابت التي دافعت عنها الجمعية بما أوتيت، وهي ثوابت تجمع الجزائريين والجزائريات وتمثل خط الدفاع الأمامي في حياتهم ونمط عيشهم وقيمهم التي جاهد من أجلها الشهداء والمجاهدون المخلصون، ودفعت بلادنا أثمانا غالية في سبيل حمايتها وصيانتها حتى تبقى وترسخ .
لكنه آثر غير ذلك وله ما أراد!
السؤال: لمَ هذه الهمز اليوم، والآن…؟ لمَ هذه “التفنّن” في المساس بجمعية يعلم الجميع أنها حوصرت وهُمشت وضويقت في السنوات الماضيات حتى إن الحصول على “ترخيص” لندوة أو ملتقى يخضع للكثير من الاستفزاز والضغوط وربما الابتزاز… إذ لم يكن يُعطى لها الترخيص إلا في آخر يوم، وقد تأجلت ـ وأحيانا ـ قُوضت ملتقيات دولية، ووطنية، وندوات بسبب من ذلك الأسلوب في التعامل مع الجمعية.
ومن هذا التضييق والمحاصرة أنواع في شؤون شتى وفي حقول عدة .
وأما حقيقة الجمعية بعد الفاضل الكبير عبد الرحمن شيبان فشأنها غير ما أراد الدكتور الإلماح إليه.
لقد اتسعت الجمعية وانتشرت وتعمّقت وغطت كامل تراب الوطن ولاية ولاية، وقريبا بلدية بلدية بعون الله .. واتسعت أنشطتها وتنوّعت، وانداحت فعالياتها:
- من ملتقيات دولية ووطنية وندوات كبرى حتى فاقت 100 خلال السنوات الخمس الماضيات فقط.
- وأما النوادي القرآنية والمدارس والفضاءات التربوية والتعليمية والتكوينية والمعاهد العلمية فلله الحمد والفضل على مننه التي لا تعد ولا تُحصى؛ فهي تتزايد مع الأيام والأسابيع والشهور.. حتى صارت محور اهتمام خاص في الجمعية باسم “محور المشاريع” .
- وأما فعاليات التوجيه والتدريب كالتأهيل الأسري، وتأهيل الأبناء والبنات للامتحانات، وورشات تحفيظ القرآن الكريم (التحفيظ المكثف) فتترجمه قوائم المئات من الحافظين والحافظات … كل موسم دراسي حيث يكرّمون ويكرّمن بما يبهج القلب ويفرحه .
- وأما في مجال الطبع والنشر فمطبوعات وإصدارات الجمعية كالبصائر، والتبيان، والشاب المسلم وصولا إلى مجلة المقدمة العلمية المحكّمة … والمزيد في الطريق بحول الله وحسن عونه ..
- وأما في مجال الدعوة والإصلاح فرجال الجمعية ونساؤها في كل ولاية يجتهدون للإبلاغ والتبليغ والإصلاح والدعوة وصناعة القدوات الصالحات، في المساجد والمراكز الثقافية والمؤسسات العلمية والجامعات الخ .
جهود أثمرت وستثمر، أكثر فأكثر، بإذن الله: استقامة وصلاحا ودينا ووطنية وخيرا وعلما وثقافة، فهل يستحق من يفعل هذا ذمّا ولمزا أم يستحق التشجيع والتعضيد والدعم. - إن أقل ما يمكن في عرف المسلمين الراشدين الأسوياء النّصّح إنما يستحق الدعوة له بالعون الدعاء بالتوفيق والسداد . نسأل الله تعالى أن يمنّ علينا بالفضل والتقوى وحسن الختام.
فيا خصوم الجمعية .. تعالوا إلى كلمة سواء .. نتحاسب فيها إن اقتضى الأمر، أو نتشارك الرأي ونناقش الوقائع والمعطيات والحقائق في الميدان، ونعمل على فهم الأمور على نحو سليم صحيح نقيّ، دون خلفيات، وما ينبغي أن ننخرط في “الذم” والقدح وهناك إمكان لأمور أخرى أجدى وأفضل وأحلى وأكثر ثقلا في الميزان عند الله تبارك وتعالى كالتعاون والتكامل والنصح والنقد البنّاء .