المناضل والمرتزق… والدولة والنظام/ أ. لخضر لقدي
لا يختفي المرتزقة الذين يترصدون الغنائم، ويبتغون التعويض المادي فوق أجرتهم المستحقة، إلا عندما نميز بين المناضل والمرتزق، فنقصي من حياتنا السياسية المرتزقة والمنافقين وبطانة السوء، ونمكن لأكثرية تناضل صدقا وحبا في الوطن .
ورغم أن الانتخابات قد تأتي بنتائج لا نريدها، ولكنها الوسيلة الوحيدة والأفضل لاختيار الحاكم، وممثلي الشعب.
ولا يمكن لرئيس أن ينجح ما لم يحط نفسه بصالحين، ويبعد عن محيطه المرتزقة والمنافقين، ويعتمد الشورى في جوانب الحياة المختلفة مع أهل الرأي والمشورة والاختصاص، فلا خاب ولا ندم من استشار.
والحاكم ينبغي أن يعتبر نفسه خادما لأمته باذلا جهده من أجل تحقيق العيش الكريم للمواطنين والذود عن المسحوقين وعن المغلوبين على أمرهم .
والاستبداد هو تصرف فرد أو جمع في حقوق القوم بالمشيئة وبلا خوف تبعة، وهو صفة الحكومة المطلقة العنان، فعلاً وحكمًا، والتي تتصرف في شؤون الرعية بلا خشية حساب ولا عقاب، ودون خضوع لقانون أو قاعدة أو رقابة أو تحقيق من سلطة قضائيّة أو تشريعيّة أو انتخابيّة ودون النظر إلى رأي المحكومين.
وهو أسوأ أنواع الإدارة السياسية وأكثرها خطراً على الإنسان، وتأخيراً للعمران، وتمزيقاً للأوطان، فلا أمن مع الاستبداد والظلم، ولا استقرار مع العبث بمقدرات البلاد.
وعلينا أن نفرق بين الدولة والنظام، فالنظام السياسي هو طريقة إدارة باسم الدولة بحيث تصبح قادرة على إلزام الأفراد باحترام قوانينها وتحافظ على وجودها وتمارس وظائفها لتحقيق أهدافها. الدولة، والحكومة: هي الفرع التنفيذي في النظام السياسي، مهمتها الإشراف على الإقليم ومن يقيمون عليه (الشعب) وتمارس سلطتها وسيادتها.
والدولة هى الوطن، وهي ما يأمل الإنسان من تحقيقه من خير وعدل، وهي المجتمع، وهي أنت وأنا وهم وهن، وهي جغرافيتنا الواسعة، وتاريخنا المشترك، وماضينا العريق، وبيتنا المشترك.
أما النظام السياسي فسلطة ورموز وآليات، ويمكن تغييرها بالانتخاب، أما الدولة فمسؤولية الجميع الحفاظ عليها.
وعندما يأت الاستبداد ويتعايش معه المجتمع، فكثيرا ما تبتلع السلطة التنفيذية الدولة.
وينبغي أن تسود الثقافة التي لا تعتبر أي نقد لممارسات نظام الحكم ومؤسساته نقداً للدولة وانتقاصاً من هيبتها، وخدمة لأعدائها.
وإنما شعار الحاكم الصالح أن يقول: أنا خادمكم، فأعينوني، وفي الخير أطيعوني، وإن قصرت فبالصندوق غيروني.
لا أن يقول أنا فوف السلطة، ولما أتكلم أنا تسكت أنت:
ينسب للملك الفرنسي لويس الرابع عشر قوله :(أنا الدولة)L’État, c’est moi)) (I am the State ) وأمر ببناء قصر فرساي وجعل مكان كرسيه فيه في المنتصف لكي يراقب كل شيء يدور حوله، ويُزعم أن لويس الرابع عشر قالها عندما كان عمره 16 عاماً، وتراجع عنها وهو يُحتضر فقال: سأذهب أنا، وستبقى الدولة!
حَصِّنْها بالعدل، ونَقِّ طرُقَها من الظُّلم؛ فإنَّه مَرمَّتُها:
تَروي لنا كُتُب التَّراجم والتاريخ والسِّيَر أنَّ بعض وُلاة الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رحمه الله كتب إليه كتابًا جاء فيه:” أمَّا بعد، فإنَّ مدينتنا قد خربت، فإنْ رأى أميرُ المؤمنين أن يقطع لها مالاً يَرمُّها به، فعل.
فكتب إليه عُمر:” أمَّا بعد: فقد فهمتُ كتابك، وما ذكرت أنَّ مدينتكم قد خربت، فإذا قرأتَ كتابي هذا؛ فحَصِّنْها بالعدل، ونَقِّ طرُقَها من الظُّلم؛ فإنَّه مَرمَّتُها، والسَّلام”[حِلْية الأولياء].
وغد الجزائر أفضل إن شاء الله