أنتِ المسؤولةُ عن تثبيت الهوية، حماية للوحدة الوطنية…./ أمال الساائحي
إن الإنسان يشهد عدة تطورات و تغيرات و على جميع الأصعدة؛ و هذا كله له الأثر الكبير، و هذا ما نلاحظه أرض الواقع، حيث نرى ميلا و انجذابا متزايدا من طرف فئات شبانية نحو الأخذ بالأفكار و النظريات و النظم و المنهجيات الغربية، فبات الكل يقلد الغرب في أبسط الأشياء مما أدى بهم إلى الابتعاد و الانسلاخ عن تراثهم و دينهم و قيمهم و هويتهم لوطنهم الأم ؛مما تولد عنه تراجع رهيب في التربية و الأخلاق و في التعامل، حتى وصل الأمر إلى تشتت الهوية الوطنية و مسخها مسخا كاملا.
و من هذا المنطلق فإن تأثرنا بانتمائنا الحضاري في المجتمع سيكون سلبيا كلما زادت الهوة الثقافية، و قل التفاعل الاجتماعي بين بعضنا البعض ؛ و هذا ما يجب أن تعمل عليه المنظومة التربوية و الأسرة المربية نقصد بها الوالدين، عبر السنوات المقبلة لتجذير الشعور بالانتماء عند شريحة الشباب، و ترسيخها في نفوس الأطفال و تنشئتهم على حب الوطن و روح الاعتزاز بالانتماء إليها، و كذا تعلقهم بالوحدة الوطنية و رموز الأمة، مع تقوية الوعي الفردي و الجماعي بالهوية الوطنية، من خلال التركيز على التاريخ الوطني.
إن المدرسة هي وسيلة المجتمع الأولى للتنشئة الاجتماعية و الثقافية و السياسية، خاصة بعد التطور الذي شهده عالمنا اليوم، من تدهور و اضمحلال، لدور مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأخرى؛ فأصبح للمدرسة الدور الكبير البارز، في إتمام دور المجتمع في تنشئة أبنائه و تشكيل شخصياتهم، و نقل تراثه من أجل البقاء و المحافظة على كيانه و مكانته بين الأمم و المجتمعات.
فالمدرسة باعتبارها مؤسسة تربوية اجتماعية، تساهم في عملية التنشئة الاجتماعية و التطبيع الاجتماعي، و إعداد الشباب للمستقبل، و إكسابهم معايير و قيم مجتمعهم، و تعمل على توثيق الصلة بين المجتمع و المدرسة، من خلال توجيه التلاميذ إلى التأثر بالمجتمع و التأثير فيه، و ذلك بتمكينهم من المساهمة في الخدمة الاجتماعية، و تعمل على نقل التراث الاجتماعي و الاحتفاظ به و تطويره و تبسيطه و تطهيره، و تساعد على صهر التلاميذ في بوتقة واحدة و تذيب الفروق الاجتماعية بينهم.
و أهم وظيفة لها هي الوظيفة الاجتماعية، و تتمثل هذه الوظيفة في العمل على تعريف التلميذ بالمجتمع تعريفا واضحا، يشمل تكوينه و نظمه و قوانينه، و المشاكل و العوامل التي تؤثر فيه، و مساعدة التلاميذ على فهم الحياة الاجتماعية التأقلم معها، و المشاركة فيها.
إن قضية الهوية الوطنية من الأهمية بمكان، لأنها تشكل القاعدة الأساس التي تنبني عليها الوحدة الوطنية، تلكم الوحدة التي تعول عليها الدولة في رعاية الصالح العام، و حماية الأوطان و التصدي لأي عدوان… و لذا وجب أن توليها مؤسسات التنشئة الاجتماعية في بلادنا فائق العناية، و بالغ الرعاية، خاصة مؤسسة الأسرة و ذلك لأنها الأقدر من سواها على التأثير في الفرد حيث تدخل في علاقة معه جد مبكرة، و علاقتها به أطول و أدوم من سواها، و للأم دور بارز فيها، و هي من أكثر عناصر الأسرة مساهمة في التربية و أقواها تأثيرا، و لذلك قيل:” وراء كل عظيم امرأة” و غالبا ما تكون هذه المرأة التي صنعت لنا ذاك العظيم هي الأم بذاتها، نعم أخواتي إننا نحن اللواتي نصنع للأوطان من أبنائنا رجالا أبطالا ، أو جبناء أنذالا، فلنع ذلك، و لنقم بدورنا خير قيام، ليسلم الوطن و يبقى على مدى الأيام…