قضايا و آراء

الحق المُستبان…. من أفواه خمسة فرسان/ جمال نصرالله

 كلام جد جميل سمعه الجميع من حناجر الخطاب السياسي الآني. والذي مرده أن الجميع شمّر على سواعده بغية القضاء النهائي على كل أوجه الفساد الذي طال مفاصل الدولة منذ فجر الاستقلال…ومنه فلا أحد يمكنه أن يرفض هذا التوجه السليم بل يعانق صاحبه ماشيا برفقته يدا بيد على طول السكة….فهذا المترشح يقول بأن المال الفاسد هو الذي أوصل الشباب إلى رمي أنفسهم إلى الهلاك في البحار. مؤكدا بأن ما فعله هؤلاء الفاسدون عندنا لم يفعله حتى أكبر الأثرياء في أوروبا ؟! وأن الطبقية التي خُلقت في الجزائر لا تمت بأية صلة للرسالة التي استشهد من أجلها الشهداء… الذين استشهدوا  في سبيل دولة ديمقراطية  اجتماعية وليس من أجل  أن يعيش الجزائري في الأكواخ، ويصارع الحياة من أجل لقمة العيش، إضافة إلى أن أفكاره ليست شيوعية ولا اشتراكية ومن جهة لا يعارض وجود رجال أعمال. بل  هم مرحبُ بهم فقط سيكونون تحت سلطة قانون الدولة يدفعون الضرائب ويحتكمون للقانون وليس صناعة ثروة طائلة بطرق ملتوية ـ وإن صح عنهم أي تشبيه فهم  بالكاد العصابة عينها ـ خاتما حديثه من أمام الميكروفون بأنه لن يترك كوخا واحدا في الجزائر؟! أما المترشح الثاني فراح يقول بأن الحل السياسي يكمن في الانتخابات الرئاسية دون سواها، وأن سيادة الشعوب هي الأساس وليس سيادة الحكام الفاسدين، مضيفا بأن الجزائر دولة مستقلة وقادرة على حل مشاكلها ثم أوضح بأن الدبلوماسية بُنيت منذ الثورة التحريرية، وهي علاقة دولة بدولة وليس مرتبطة بالأشخاص وأنها توالت إلى غاية السنوات الأخيرة حين استولت العصابة على مراكز صنع القرار، حيث ربطت علاقات مشبوهة مع حكام في الخارج من أجل مساعدتها على البقاء في السلطة على حساب الشعب الجزائري، مسردا بأن القوى غير الدستورية كانت تسيطر على مراكز صنع القرار، متحالفة مع قوى جزائرية لا تريد الخير للجزائر إلى غاية أن تحولت إلى عصابة أرادت زعزعة استقرار البلاد وأفسدت الميزانيات المالية (لذلك فهو يقول) بأن المال العام مقدس وأن تسييره بمثابة الإمامة في الإسلام، حيث يكون القائم عليها أمينا صادقا، ملمحا أنه سيتصدى لتغلغل المال في السياسة. أما الثالث فراح يقول بأنه يحلم ببناء جزائر تكون قاطرة لإفريقيا والعرب اقتصاديا وصناعيا، وكذلك من حيث المواقف والقيم. ثم بناء الإنسان الجزائري أخلاقيا؟! ولمّح بأن الحراك لو طال أكثر سوف تُباع الجزائر في المزاد العلني، مضيفا بأن محاولة البرلمان الأوروبي التدخل هو إحدى المناورات التي يقف من خلفها بعض المرتزقة وسفراء بعض الدول الأوروبية. وفي حديثه عن الجانب الفلاحي قال بأن الجزائر أضحت تستورد بذورا معدلة جينيا وهي التي تسبب السرطان، بدلا من انتجاها محليا، واعدا بأحقية الاستثمار في الطاقات البشرية من خبراء وأساتذة في هذا المجال، مع توفير الظروف الملائمة لعملهم. أما رابعهم فقد رفض العفو عن الفاسدين القابعين في السجون حاليا، وأن العصابة ما زالت قوية وموجودة في كثير من المؤسسات، وتعمل جاهدة لإجهاض العملية الانتخابية ـ أو

تزويرها ـ منددا في ذات السياق بمظاهر التهميش والمشاريع غير المكتملة، وأنه سيقوّي المعارضة لتقوم السلطة المضادة في إطار النهي عن المنكر وتكريس حرية الإعلام كي يقوم بكشف الحقائق كما هي. وعند تطرقه للتعليم فقد قال بتطوير أداء المدرسة وتسليح جيل الغد بالمعارف التي تؤهله لصناعة التنمية الشاملة، وإبعادها أي المدرسة عن التجاذبات السياسية. ثم عاود شعوره بالخوف من تزوير النتائج لأن ذلك سيعمق الأزمة ويضيّع فرصة الرقي والتطور .

أما آخرهم فقد قال بأن احتجاجات الشباب على مواقع التواصل لم تأت من فراغ، وإنما نتيجة ظروف اجتماعية قاسية، وأنه حان الوقت لمكاشفة ومصارحة هذه الفئة المهمة زيادة على إنشاء مجلس أعلى للشباب دون نسيان عمال الشبكة الاجتماعية الذين طالهم الظلم، معرجا عن أن الحلول التي تأتي من الخارج جلها مرفوض، مبينا لمخططات اقتصادية في الأفق هدفها تحقيق توازن جهوي وعدالة اجتماعية في توزيع الثروة، مضيفا بأنه سيدعم الفلاحين الحقيقيين وليس المنتفعين، وأن القطاع الفلاحي معطل عندنا بسبب البيروقراطية؟!  الأكيد هنا بأن كل ما سبق ذكره يشفي الغليل وما خفي أعظم طبعا؟! لأن الجزائريين في مواعيد انتخابية سابقة سمعوا نفس الأسطوانة مع اختلاف طفيف في الأحداث بحكم أن كل ما يقابل هذا في ذهن المواطن هو أن الوعود الكاذبة هي فوبيا مرضية لعدد كبير من مسؤولينا على مختلف مشاربهم؟! وأنها مجرد أحلام وتمنيات سرعان ما تصطدم بواقعية هي أكبر وأقوى منها بسنوات ضوئية (لكن هناك قائل يقول) ما العمل. وماذا تريدونهم أن يقولوا فبالطبع يجب أن يقربوا الجنة من أقدام المواطن…وإلا فهي لا تُسمى سباقا انتخابيا محموما، لأن جل ما قاله هؤلاء المرشحون هو حق مستبان..يحتاج إلى مراحل كبرى أي أزمنة وتضحيات، بل إلى تحولات جذرية في الداخل والخارج حتى يتحقق على أقل تقدير النصف الأكبر منه…نسأل الله تعالى فقط بأن يفهم (وهم كذلك) معي جل الجزائريين بأن الحل ليس في قضية انتخاب الرئيس من عدمه، وهذا لا يعني أننا  ندعو لعدم إجرائها  ـ بل بالعكس ـ وإنما  الخلل الأعظم في منظومة بشرية كاملة  سوف تحيط بهذا الرئيس أو ذاك.. هي من ستكون صانعة القرار، آملين ألا يكرر التاريخ نفسه عندنا في الجزائر الحبيبة لأن حجم الوعي كبُر وصار الجميع يفهم في اللعبة السياسية  كثيرا (وهذا هو الزبد الأصيل الذي أنتجه الحراك) بدءا من تلميذ في إحدى المؤسسات التربوية إلى إسكافي في حي شعبي .

 

شاعر وصحفي جزائري

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com