هل يتوقف عدوان الرئيس الأمريكي وإدارته على حقوق الشعب الفلسطيني؟/ أ. د. عمار طالبي
لا قانون دولي، ولا قيمة أخلاقية تمنع عدوان الطائفة اليمينية الإنجيلية التوراثية التي تصرّ على اختراق القانون الدولي الذي وافقت عليه الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها.
فبأي حق تمنح الإدارة الأمريكية القدس عاصمة لدولة الصهاينة، وتمنح الجولان والضفة الغربية وشرعية المستوطنات، ونهب الأرض المحتلة؟ هل القوة والسيطرة يحق لها أن تعتدي على حقوق شعب محاصر، يقتل شبابه يوميا،ـ وتدمر دياره، وتقطع أشجاره من الزيتون وغيره، وتبنى الجدران العازلة؟
إنه عدوان على المجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن نفسه.
إن توقيع 107 عضوا من مجلس النواب على عريضة موجهة إلى وزير الخارجية الأمريكية تعارض ما ذهب إليه هذا الوزير في شأن المستوطنات وشرعتها يدل على أنه لا يوجد إجماع سياسي ولا شعبي على ما يتصف به مزاج اليمين المسيحي المتطرف واللوبي اليهودي الذي يتحكم في شؤون السياسة الأمريكية الخارجية.
وهذا نائب الرئيس الأمريكي يدخل إلى شمال العراق دون إذن ولا إعلام، كأن الإدارة الأمريكية لها السيادة على العراق، إنه احتقار لدولة العراق، وشعبه وسيادته.
فهل يرضى الحكام في العراق بهذا، ويسكتون على ذلك؟ ولعلهم هم الذين جاء بهم الأمريكان ليحكموا العراق نيابة عن الولايات المتحدة الأمريكية.
إن هذا منطق الغطرسة، والقوة، الذي لا يبالي بأي حق، ولا سيادة، ويحتقر الناس في سبيل مصالحه، والعجيب أن جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي صامتتان صمت أصحاب القبور، إنه خذلان، وخيانة للأراضي المقدسة.
لم يبق فيهما عنصر من عناصر الحياة، ولا فعالية سياسية في المجتمع الدولي، فكل عضو له سياسة خاصة، ويعرقل كل حركة في اتجاه مصالح العرب والمسلمين.
ونحن في الجزائر، بالرغم من أننا نمر بأزمة سياسية، إلا أننا لا ننسى ولا نغضّ الطرف عما تتعرض له فلسطين من عدوان أمريكي صهيوني، وتلاعب بمصالح الأراضي المحتلة، وحقوق الشعب الفلسطيني، أن ما يقع في العراق، ولبنان، واليمن، وليبيا، وما انتهت إليه تونس، يجعلنا نتفاءل بأن التغيير قادم، وأن الشعوب أصبحت واعية بحقوقها، ولا تتوقف هذه الشعوب عن إرادتها التغيير، والتحرر من التخلف والضعف.
وأن هذه المشاهد من الشباب المصرّ على التغيير لا رادّ لإرادته، وأن النخب السياسية الحالية أصبحت فاشلة عاجزة عن الاستمرار في الحكم الاستبدادي الفاسد، التابع لسلطات خارجية، تبعية العبد لسيده، والخادم لمخدومه، فعليها أن تعلن فشلها.
كما نعتقد أن هذا الذي يقع في الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الإدارة التي تحكمه ولا تراعي قيمة أخلاقية، ولا حقا ولا قانونا، إنها إدارة عمياء سوى عن الدولار والسيطرة على ثروات الشعوب، إنها إدارة تؤذن ببداية انهيار هذه الإمبراطورية، بسبب هذه المظالم.
كما انهارت الإمبراطورية الرومانية، والإمبراطورية السوفياتية، فهذا قانون التاريخ في سقوط الحضارات إذا تخلت عن كل قيمة سوى السيطرة والعدوان، وتهديد العائلة الإنسانية بالحرب، إنها تؤدي دور الدرك الدولي، والتحكم في مصائر البشر، إنها حاربت في الفلبين، واليابان، وأفغانستان، ودمرت العراق، وقسمته إلى طوائف، وإلى عرب وأكراد.
إنها آيلة إلى السقوط الحضاري بلا شك.