الطالبة الجامعية بين قداسة العلم وتحديات العفاف-بقلم/ أسماء كعلول

لا يختلف اثنان على أن من أكبر الأماني التي تراود الآباء والأبناء على السواء هو اجتياز عقبة امتحان “البكالوريا” والتوسم بلقب طالب جامعي، لما لذلك من رفعة معرفية وثقافية ومكانة اجتماعية متميزة. وعلى هذا الأساس لطالما ارتقت صورة الطالب الجامعي إلى مصاف النخبة ومثلت الأنموذج والاقتداء.
لكن وفي الآونة الأخيرة لطخ بياض تلك الصورة الناصعة المشرفة إساءات كلامية جارحة وإدعاءات “لا أخلاقية” خطيرة تدور تداعياتها بالتحديد حول بنات حواء الجامعة، وللأسف الشديد غذت تلك الأقاويل نسبة الفساد الأخلاقي والسلوك الانحرافي لبعضهن، واحتمالية انتشار العدوى بصفة سريعة وغير متوقعة إلى درجة أنه أصبحت كل جامعية لا أخلاقية بالضرورة، فهل تخول النسبية حكم التعميم والمطلق دائما؟ وهل تكفي النماذج السلبية للحديث عن شبهة عرض؟
وإذا كان من المفروض أن يكون للطالبة الجامعية مراكز وهيئات تحميها وترقى بكيانها الإنساني فأين هي تلك الجهات وسط كل هذا؟ وماذا تفعل الاتحادات الطلابية هنا؟
ولما لم يدرك بعد كل واحد منا أن الكلمة التي يتلفظها ولا يلقي لها بالا تقع موقعا كارثيا على الآخرين؛ فتعميم الحكم على أساس فئة صغيرة يحدث الأثر البليغ ليس فقط على فتاة شريفة ملتزمة، بل يتعدى ذلك إلى عائلتها أيضا، فبين الأخ المتعصب الخطيب ضعيف الشخصية والوالد الحائر بين قداسة العلم وقدسية العرض، تبقى الطالبة الجامعية تحت وطأة رواسب حقيرة لبعضهن، فإلى متى كل هذا؟
وهل حقا نحن في زمن عدلت فيه كل قوانين الدنيا فأصبحت كل بنات الجامعة متشابهات يحاسبن على نجاحهن بشبهات؟
الثقة المفقودة والاتهامات جاهزة:
قيل وقال، أخذ ورد، مد وجزر، وأحاديث لا تنتهي؛ المهم في ذلك أن لا غرض منها سوى تشويه صورة طالبات دفعن مقابل النجاح وسهر الليالي الطوال غرامة غالية. هي-بلا شك – أقاويل يعقلها كل واحد منا لذا ما كان يجب علينا كإعلاميين إزاءها إلا بحث وتقصي الموضوع بكل موضوعية ومهنية.
توجهنا إلى الحرم الجامعي – ولو أنّي هنا أضع مائة سطر تحت لفظ “حرم”، فمن جهة صارت الجامعة قبلة لمئات الدخلاء الذين لا يعرفون عنها سوى أنها فضاء حر للاختلاط بين الجنسين وإقامة العلاقات، ومن جهة أخرى أن قداسة الجامعة دنسها أبناؤها أنفسهم، فلا احترام لأستاذ ولا توقير حتى لمكان يفترض به منهل الأدب والعلم على سواء.
التقينا بالطلبة والطالبات لنسألهم عن الموضوع، وكيف هي صورة الفتاة داخل وخارج أسوار الحرم الجامعي؟ ولا أخفيكم سرا أنني أحسست نفسي في مكان آخر غير الجامعة! فبرغم تخرجي منذ مدة قصيرة إلا أنّي تفاجأت بالأحوال الغريبة لدى الكثيرات.
(زينب) وصديقاتها كن أولى قبلة لي دردشت معهن في الأمر، فأكدن لي أن الواقع يثبت فعلا أن هناك نسبة انحراف وفساد أخلاقي عالية وسط الطالبات، ودليلهن الملموس ما وقع يوم تأهل المنتخب الوطني للمونديال والمظاهر المزرية التي اكتستها الجامعة كتعبير عن الفرحة.
وقد أرجعت محدثاتنا الأسباب وراء ذلك إلى البعد عن المنزل والحرية خارج البيت، وغياب الحس بالمسؤولية والانفتاح الزائد على عالم الوهم والخديعة. والسبب في كل تلك الشبهات التي تتداول هو في الأساس بنات الإقامة -كما أضفن أنه إذا كانت المساومة بين العلم والعرض فالاختيار أكيد للعلم؛ لأنه لا يعوض، أما تهديدات الناس أو حتى الخطيب فكلها مقدور عليها تركت زينب وزميلاتها وفي ذهني سؤال واحد: إذا كانت هذه هي صورة طالبة عند طالبة فما هي صورتها عند الجنس الآخر يا ترى؟ لم أكد أقلب السؤال في ذهني حتى صادفت طالبين يبدو عليهما أنهما جديدين على الوسط، وانتهزت الفرصة ودخلت معهما في نقاش “رابح” و”زكرياء” طالبين بالسنة الأولى سألتهما في البداية ماذا كانا يسمعان عن الجامعة قبل الالتحاق بها؟ فأكدا لي أنهما لطالما سمعا عن الصورة السلبية لبناتها، لكن ما وجداه أكبر بكثير، لدرجة أنهما خجلا كثيرا وهما يسردان المعايشات اليومية للجامعة. وعن الأسباب وراء ما آلت إليه الأوضاع أوضحا أن غياب رقابة الوالدين وضعف شخصية الفتاة في مقدمة الأسباب ولتحسين الأوضاع اقترحا ضرورة منع الاختلاط بين الجنسين في الدراسة، بالإضافة إلى تدخل الإدارة في لباس الطالبات والرقابة من طرف أعوان الأمن، لكن الحل الأجدر يبقى داخل كل إنسان.
وأخيرا تمنى رابح وزكرياء إدراج مادة التربية الأخلاقية والدينية في كل التخصصات. برغم التأسف الكبير لما قاله الطالبان إلا أنني تفاجأت كثيرا بدرجة الوعي التي يمتلكانها، وقلت في نفسي لعلي أجد رأيا آخر يفند سابقيه؟ فكان الحديث مع طالبين آخرين لهما خبرة ومعايشة أكبر بالجامعة “عبد الستار” و”فاتح” بالسنة الثالثة. ابتدأ عبد الستار بالقول عن صورة الطالبة بالجامعة هي الفتنة والوسواس بالنسبة للجنس الآخر، كما أكد فاتح أنها بالفعل الصورة الحقيقية لهن؛ لكن الحكم ليس على الكل فهناك قلة شريفة والتفريق بين طالبة وأخرى يعقله فقط أهل الجامعة. أما من هم بالخارج فيحكمون بالإطلاق، ولذلك الصورة بحاجة إلى تصحيح لأولئك فقط والأولى بالذكور تولي هذه المهمة والدفاع على شرف زميلاتهم.
استدرجني الحديث مع عبد الستار وفاتح إلى مفارقة عجيبة جدا فمن جهة يرفض الكثير-جراء ما يقال-الارتباط بجامعية ومن جهة أخرى يشترط هؤلاء أنفسهم شريكة حياة مثقفة وذات مستوى رفيع؟ أليس من المفروض بكل من تمتلك نسبة من الثقافة أن تمر بمرحلة الجامعة؟ أنسي من يطلب فتاة ذات منصب أنها جلست يوما بمدرجات الجامعة في الغالب؟ ألم يتمنى كل واحد من هؤلاء أولادا وبنات يوصلهم إلى الجامعة؟
غادرت الجامعة وأنا مثقلة بتساؤلات وانشغالات كثيرة أهمها: هل فعلا تلك هي الحقيقة والأصل في الجامعة؟ أم أن الأمر موضة وحداثة طالت حرمة المكان والأشخاص أيضا؟
فكانت “هدى” التي دخلت الجامعة منذ ست سنوات مفتاح الانشغال هنا تحكي تجربتها قبل وبعد وأثناء الدراسة فتقول: “أكيد أن أي طالبة بمجرد نجاحها في البكالوريا وحتى قبل مباشرتها الدراسة تنطلق عليها الأقاويل بأنها ستنحرف ولا يرون في الجامعة إلا الشيء السلبي. وعليه يوضع خط أحمر على بنات الجامعة.كما ساهم الشباب “اللامسؤول” في رسم تلك الصورة القاتمة، وأنا شخصيا برغم أخلاقي وتربيتي مستني الإساءات من طرف جيران وحتى أصدقاء قدامى”.
بالمقابل سردت محدثتنا الواقع المر لأخريات إذ تقول: “رأيت بعيني البنات كيف دخلن وكيف أصبحن؟ لدرجة أنني صدمت في بعضهن ولم أتوقع منهن ذلك إطلاقا، حتى بعد تخرجي-بزياراتي للجامعة – من تركهن لم أجدهن ووجدت معاكسات لهن. والغريب أن الانحراف غالبا ما يكون في السنة النهائية، فتنعكس الشريفات في لحظات ليدخلن بعدها عالم مافيا الجامعة ولا يرجعن إلى منازلهن بعد ذلك”.
سجن أم سكن؟
لا شك أن كل تلك الآراء بقدر ما تؤلم وتحزن بقدر ما تعكس ما هو معاش وواقع. فهذه”دلال”
أسطورة مغامرات بنات الجامعة قصة طالبة كانت قمة في الأخلاق والتربية لباس شرعي ملتزم وبرقع يستر حتى ما لا يجب ستره جاءتها الحماسة ودفعها الفضول لخوض تجربة فريدة من نوعها في محاولة منها للنصح ولم لا إصلاح بنات المافيا بالحي الجامعي. حذرنها صديقاتها من خطروة ما تفعل -لكن دون جدوى- بدأت بالتردد المرة تلو الأخرى على غرفهن، حتى صارت لا تغادرها إطلاقا، ويوم خرجت منها كانت بلباس العار وزي الفاحشة. حينها صار كل شيء مباح المخدرات خرجات الليل وما لا يخطر على بال إلى يوم ألقت مصالح الأمن القبض عليها في موقف “لا أخلاقي” والمصيبة أن والد دلال ضابط بالشرطة! فما كان من ذلك الأب المسكين إلا الانتحار هروبا من الفضيحة، فمن كانت ترفع رأسه بعلمها أردته منتحرا بفظاعة عملها كما فقدت الأم المسكينة عقلها لتدخل –دون سابق إنذار- عالم اللاوعي. وبذلك تحطمت عائلة بأكملها .
يقال اليوم أن دلال عاوت العهد مع التوبة، أعادت البرقع وتعيش الآن مع خالتها حاملة معها رواسب ماض أليم نتمنى لها الاتعاظ منه ومعاودة الأمل من جديد.
أكدي أن الداعي من هذا العرض المؤسف هو العبرة وأخذ الاحتياط لا غير، فغلطة دلال أنها رأت في الجامعة فرصة لتجريب كل شيء وحسبت أنها محمية بالكامل وأن وضع حدود صارمة يأسر حريتها، وهذا للأسف ما لمسناه في “مريم” التي تقول في السياق ذاته: “السكن الجامعي ميزته التشدد والصرامة، إذ يحضر علينا التأخر عن الإقامة بعد الساعة الثامنة مساء إنه أمر مزعج حقا لأنه ثمة أمور كثيرة تحتاج إليها الطالبة بالليل مثل الإنترنت والاستجمام وتغيير الروتين اليومي وحتى القيام بالزيارات”.
الطالبة الجامعية عز وعوز:
إذا كانت تلك هي النماذج والآراء فأكيد للعملة وجه آخر وللقصة تتمة، فالطالبة الجامعية بالمقابل إنسانة راقية مثقفة وصورتها فتاة قائمة على الاقتدار والاختيار وتلك النظرة السوداوية لا يحملها إلا متعصب جاهل وضعيف شخصية.
فالأولى بمن هم داخل وخارج الجامعة احترام وتقديس كيان اسمه “طالبة جامعية” فهي بكل بساطة رهان المستقبل وأمل الرقي والترقي.
مهلا لا تتعجبوا فالكلام ليس كلامي بل جاء على ألسنتهم :فهذا محمد 27 سنة –بعيد كل البعد عن أجواء الجامعة- يقول “صحيح أن الادعاءات الحالية منها ما هو صادق لكن حكم التعميم ظلم وجور، فبنت الجامعة ما دامت وصلت لذلك المستوى الرفيع فهي أكيد تمتلك شخصية قوية ومبادئ سامية تصاحبها رفعة أخلاقية أيضا، ولا مانع عندي أبدا من الارتباط بجامعية بل العكس سأطمئن على مستقبل أولادي أكثر معها”، والملفت للانتباه أيضا أن الفئة المراهقة ترى الايجابي والمميز في الطالبة الجامعية، ومنهم رضا 15 سنة إذ يقول”بنت الجامعة مثل أي فتاة عادية بل وحتى مثل أي طالب جامعي كل يحاسب على ما يفعل هو فقط”.
أما “رندة” طالبة مقيمة بالجامعة فتقول “يوجد بالإقامة خصوصا والجامعة عموما نماذج كثيرة من الشريفات العفيفات يضعن نصب أعينهن الدراسة وثقة الوالدين والحفاظ على شرف العائلة. وأنا شخصيا لو كانت المساومة بين العلم والعرض لاخترت العرض فالعلم -مع تطور التكنولوجيا- يعوض بينما الشرف إذ مسه أي شيء لا يعوض طوال العمر”.
ولن يفوتنا هنا اللجوء إلى الخبرة والتي تفيدنا بها “السيدة نعيمة” والتي تستحق بالفعل مع آلاف الأمهات التقدير والتبجيل، فقد عايشت مع كلا من ابنها وابنتها حيثيات الجامعة إذ تحكي “البنت الجامعية أكثر حرصا ومسؤولية على سمعتها من الولد لأنها بمجرد انتقالها من منزل والديها تدرك الفرق الشاسع بين عز المنزل وعوز الإقامة وتلك المعاناة تجعلها تدرك جيدا قيمة الوالدين وتسعى لإرضائهما ورفع رأسهما وما يقع من انحرافات سببها أولا وأخيرا تأثير المادة. وعليه فإن الطالبة الحقة هي من تعرف أن المستقبل المشرق يساوي تضحية بالنوم الهانئ تنازل عن اللباس الجميل وعليه الأولى بكل بين جامعية التنازل عن كل تلك الامتيازات فمهما كانت متعتها تبقى مؤقتة لا غير”.
آه لو تدركون:
هن أربع طالبات يقطعن مئات الكيلومترات للدراسة بجامعة قسنطينة، وجئن من ولايات سطيف، سكيكدة، المسيلة وبوسعادة رتبت القدرة الإلهية جمعهن في غرفة واحدة بينهن تقارب فكري واضح وعلى مبادئ رصينة كأنهن عائلة واحدة، جو حميمي ينسي مرارة فراق الأهل والأحبة سلوكهن اهتمام نصائح وحرص على أداء الصلوات ولو كنت هناك وقت صلاة الفجر لذهلت للمنظر، تسابق تعاون وإشراك للجارات والصديقات، جلسات فضفضة عن الآلام والأحزان سهرات للمذاكرة وحتى للمناقشة في كل المواضيع.
هي –بلا شك- واحدة من آلاف غرف الإقامات الجامعية ودليل صارخ لكل من يستبيح حرمات الولايا وآه لو جربت يا من تتكلم هكذا فقط حرقة وأنين بيت لا ترى والديها وأقربائها إلا بعد شهر أو شهرين وربما أكثر؟
الاتحاد الطلابي شهادة علمية وأخرى أخلاقية:
بتواجدي داخل أسوار الجامعة لم تفتني فرصة الوقوف عند جهة مسؤولة من المفروض أن تشكل درع الوقاية على كل ما يمس كرامة الطالبة إنه الاتحاد الطلابي”وحدة – حرية – عمل” وحول دور الاتحاد في حماية سمعة الطالبات تقول إحدى الناطقات الرسميات باسمه “الاتحاد الطلابي الحر يتغلغل في الأوساط الجامعية” يلاحق الظواهر التي تمس بالجامعة في محاولة منه للارتقاء بالمستوى العلمي للطالبة متخذا من المحاضرات الصالونات ومختلف النشاطات وسائل توعوية، وهي ملفات كبرى تناقش على مستوى المكتب الوطني هذا فيما يخص الجانب التعليمي، أما بالنسبة للآفات الاجتماعية وخصوصا مسألة العفاف فلا داعي للتفريق بين الطالب والطالبة، فالمجتمع لا يرحم كليهما وهنا يتولى الاتحاد مهمة التوعية بالأخلاق التي جاء بها الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم- وشعارنا كتنظيم الشهادة العلمية والشهادة الأخلاقية وتكريسا لهذا لدينا وسائل كبرى من محاضرات ومعارض وكتب وندوات ودورات تكوينية توعوية بالإضافة إلى النشريات والمجلات زيادة على تلقي مشاكل الطالبات داخل الإقامات ومحاولة إيجاد وضعية سكنية ملائمة لتفادي انتشار العدوى”.
علم الاجتماع وغياب الرقاب:
إن كل ما سبق يؤكد أننا أمام ظاهرة اجتماعية تستدعي الالتفات ودراسة الأسباب في محاولة للبحث عن حلول لتوضيح الصورة ورفع اللبس، وتبعا لكل هذا وذاك كان لقاؤنا بأستاذ علم الاجتماع بجامعة فرحات عباس السيد”درويش توفيق” الذي أفادنا – مشكورا- بأبجديات علم الاجتماع في هذا الصدد، وفي البداية أوضح “أن لكل مجتمع عادات وتقاليد تتحكم في سلوك الفرد داخله ففي المجتمعات الصغيرة سلوك الفرد وظيفي في الغالب فالطالب طالب والمعلم معلم، أي الدور هنا دور عضوي، أما المجتمعات الكبيرة التي لا يوجد فيها تعارف أو تضامن فالفرد فيها يفتقد للرقابة الاجتماعية ويختبئ داخل أسوار الجامعة.
أما بالنسبة للطالبة الجامعية التي فقدت الرقابة بابتعادها عن الأسرة والجماعة والتي ما تكون عادة في مرحلة المراهقة وللخروج منها تسعى إلى فرض النفس وتحقيق الذات وسلك سلوكات من القناعة الخاصة بها وليس من ثقافة المجتمع والأسرة، ويدخل هنا بقوة دور وسائل الإعلام والأسرة وبالخصوص الأم التي تطالب ابنتها الجامعية بالبحث عن عريس في الجامعة متأثرة في ذلك بالأفلام والتمثيليات العربية والمصرية بالخصوص”.
وعن اختلاف الوضعية بين المقيمة وغير المقيمة يضيف الأستاذ درويش “هناك فرق شاسع بين المقيمة وغير المقيمة فالأولى تتحرر كلية من رقابة الأسرة والعرف فتصبح بضاعة تباع وتشترى داخل الحي الجامعي وخارجه، برضاها أو حتى دون علمها، أما الثانية فعلاقتها بالجامعة علاقة صداقة فقط”.
وعن الإجراءات الواجب اتخاذها لتحسين الوضع أكد الأستاذ أنه “لا توجد طريقة للتحسين إلا إذا حسنت البنت صورتها بنفسها, وكثير من الفتيات لديهن صورة حسنة، كما ينبغي أن يكون للجامعة نظام صارم من يخطئ يعاقب أو يقصى ليكون عبرة”.
وختم الأستاذ كلامه برسالة قال فيها “أدعوا كل الأمهات إلى نصح بناتهن بالحشمة والعفاف وأدعو الطالبة إلى الاحترام في اللباس وعدم الإكثار من المخالطة”.
الدين ورمي المحصنات:
ولأن القضية تتعلق بالعرض والشرف بالدرجة الأولى، كان من الواجب بما كان أخذ رأي الدين في الموضوع ليكون اللقاء بالأستاذ “إبراهيم بودوخة” إمام مسجد العتيق بسطيف، حيث أفاد في مستها كلامه أن “أقاويل الناس يجب النظر إليها على أنها نسبية وليست أحكاما صحيحة على سبيل الإطلاق، وذلك لأن الناس يختلفون في الإطار والزاوية التي ينظرون من خلالها في التقويم والنظر إلى الآخرين وبخصوص الطالبة الجامعية فلا يصح القول بأن جميع الطالبات لا يقدمن صورة حسنة من حيث السلوك الأخلاقي، وذلك أنه توجد طالبات كأنهن ملائكة من حيث الأخلاق والتربية والهمة العالية في التحصيل الدراسي والعلمي، وحقيقة يلاحظ في الآونة الأخيرة تدهورا في القيم الأخلاقية والعلمية في الوسط الجامعي والسبب في ذلك هو تأثر الجامعة بأمراض المجتمع وهذا أمر يؤسف له لأنه يفترض أن تكون الجامعة دواء لهذه الأمراض.
كما أضاف الإمام أن “هناك حساب كبير على الجامعيين وأنا من بينهم فالجامعة لها وظيفة تعليمية وعلمية وكذا قيمية وحضارية ولابد من بذل الجهود مهما كانت الصعوبات لآداء هذه الوظيفة”.
وعن الحلول المقترحة لتحسين صورة الطالبة الجمعية أضاف محدثنا “ينبغي على الطالبة أن تبتعد عن أماكن الشبهات وعن صحبة أهل السوء وعن التواجد في أوقات محرجة فإن هي فعلت ذلك وحافظت عليه فإنها تحافظ على سمعتها فلا يستطيع أحد أن يمسها بسوء”.
وكنتيجة مختصرة لجولاتنا عبر ربوع الجامعة تلمسنا حقيقة المفارقة الصعبة التي تقع فيها الطالبة والتحديات الأصعب لإثبات العفاف وصون الشرف، لكن يبقى لكل من العلم والعرض مبلغ الوجود لدى أي فتاة، فالأول غذاء للعقل والثاني غذاء للروح وتزاوجهما هو الحل الأمثل لترميم صورة الطالبة الجامعية داخل القلوب والعقول.