الموضوع: حكم النوم والأكل داخل المساجد./ محمد مكركب
السؤال/
قال السّائل: صليت الظهر في المسجد مع الجماعة، وبعد الصلاة، صليت ركعتين نافلة، ثم أردت أن أتكئ قليلا، في المسجد، فجاءني إمام المسجد، ونهاني عن ذلك، وقال لي:
“جعلت المساجد للصلاة، وحلقات العلم، وليس للنوم والأكل”.
وسؤالي هو: هل يحرم النوم في المسجد؟
وهل يجب أن تغلق المساجد بين الصلوات؟ مع العلم أنني كنت مسافرا؛ وجزاكم الله خيرا.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: قال الله تعالى:﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ﴾ [النور:36]، والمراد بالبيوت في هذه الآية، هي: المساجد المقامة للصلوات، و{أَذِنَ اللهُ} أي: أمر ببنائها، والذكر فيها، {أَن تُرْفَعَ}: أي أن تعظم، وتطهّر عن الأنجاس، وعن اللغو، من الأقوال، والأفعال. {يُسَبِّحُ}: أي ينزّه ويقدّس، الغدو والغداة: أول النهار، {والآصالِ}: واحدها أصيل وهو العشي: أي آخر النهار.
ومن واجب الداخل إلى المسجد: المحافظة على الأدب والقيم المعظمة لبيوت الله تعالى. ومنها:
أ/ النظافة، والصمت، وعدم إيذاء من يراجع أو من يتلو القرآن، أو يصلي، أو يذكر.
ب/ أن يكون الداخل طاهرا. ولذلك يحرم على الجنب والحائض دخول المسجد، وفعلا كما قال لك الإمام، فالمسجد ليس للنوم، ولا للأكل، ولا للبيع والشراء، وإنما للذكر وإقام الصلاة. ودليل ذلك: عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ، الثُّومِ – وقَالَ مَرَّةً: مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ ] (رواه مسلم. كتاب المساجد).
والله تعالى أعلم.
ثانيا: لا يجوز أن يؤذي المسلم أخاه بتضييق قاعة الصلاة في المسجد، أو بالصوت، حتى ولو كان برفع الصوت بالقرآن في المسجد، والناس يصلون. ففي الحديث قال: [أَلَا إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ، فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ»، أَوْ قَالَ: «فِي الصَّلَاةِ] ( أبو داود. كتاب قيام الليل) قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج:32].
ثالثا: نعم، الحكم الفقهي، أنه لا يحرم النوم في المسجد، ولكن ليس من الأدب اتخاذ المسجد، كمرقد للقيلولة. فإن ذلك مكروه.
والله تعالى أعلم.
رابعا: أما سؤال السائل عن غلق المساجد بعد كل صلاة، ولا تفتح حتى يحين وقت الصلاة، فهذا ليس مشروعا، وإنما المشروع أن تفتح بيوت الله لعباد الله في كل أوقات الله، من قبل صلاة الفجر، إلى ما بعد صلاة العشاء. ولكنها تُسَيَّرُ من قبل الإمام بضوابط شرعية.
والله تعالى أعلم.
خامسا: يجب أن نميز بين القاعة المخصصة للصلاة في المسجد، التي هي المكان الأصل الذي يسمى المسجد للصلاة، فهذه القاعة لا يصح أن تتخذ للنوم، والأكل، ولا لتوضع فيها الحقائب والأغراض. كما يجب أن تكون نظيفة، مرتبة، مهيأة لمن يدخل للصلاة، أو يجلس في صفوف منتظمة، ويقرأ القرآن، أو يذكر دون رفع الصوت، وهو ينتظر الصلاة، وأن نميز أيضا بين هذه القاعة، وجوانب أخرى تابعة للمسجد. كما كان أهل الصفة، في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيجوز للمسافر أن يستريح في جانب من المسجد، ولا يكره له ذلك.
سادسا: إنَّ الواجب في الضيافة والتكافل في مجتمع المؤمنين؛ أن يكون في كل مسجد مركزي، في مدينة أو قرية، بيت السبيل. للمسافرين، وأن تحتوي هذه البيوت على أماكن للراحة، حمامات لائقة نظيفة، ومياه كافية.
والله تعالى أعلم وهو العليم الحكيم.