رسول الله وخاتم النبيين/ د . إبراهيم نويري

المطلع على التراث الإنساني الفكري والأدبي والفلسفي والتاريخي ونحوه يقع بصره على الكثير من آراء ومقولات عدد هائل من المنصفين ممن قالوا كلمات مشرقة منصــفة في إمام الأنبياء والمرسلين – صلوات الله وسلامه عليه- ولا شك أن المسلم الصــادق المـحب لنبيّه لا يسـعه إلا أن يهشّ ويحتفي بهؤلاء النـاس الذين صـدرت عـنهم تـــلك الكلمات والشهادات الطيّبة.. أولاً لأن الإسلام نفسه أمرنا بردّ الحسنى وعدم إنكار المســـالك الراشدة لأهــل الفضـل من الخلائق .. وثانياً لأن هؤلاء الناس ترفعــوا عن التعصّـب المقيت الذي يتمثله أو يدعــو له لفيفٌ من أتباع بطرس الناسك في الغرب النصراني بإيعاز من الصهيونية العالمية، فجاءت كلماتهم تلك معبّرة عن احترامهم المجرد لضمائرهم ولحقائق التاريخ .
وبما أن جنسيات هؤلاء كثيرة متعددة، فإننا نحاول في هذه الأسطر الوقوف على ما سطره بعض الفرنسيين في الإشادة والإعجاب برسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول المستشرق “إميل درمنغم” في كتابه عن حياة محمد في شتى مراحلها:” لقد نهض محمد يدعو قومه إلى دين الواحد الأحد، نهض لينبّه آسيا وإفريقيا، وقد كان قرآنه هو المعجزة، وكان محمد يتحدى الإنس والجن بأن يأتوا بمثله، وكان هذا التحدي أقوى دليل على صدق رسالته، ولا يستطيع أحدٌ أن يشكّ في إخلاص محمد، فحياة محمد مهما تكن وجهة النظر فيها شاهدة على صدق اعتقاده بالدعوة التي حمل أمانتها الثقيلة ببطولته.
أما الفيلسوف القانوني الكبير “جان جاك روسو” فقد بهرته عظمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فكتب يقول:” لم يرَ العالم حتى اليوم رجلاً استطاع أن يحوّل العقول والقلوب من عبادة الأصنام إلى عبادة الله الواحد إلا محمداً.
إن الرجال أمثال محمد ممن تؤهلهم السماء، يملكون كلّ أمور الحياة، لأنهم يصنعون الحياة السوية، لذلك نجح محمد في رسالته، واستطاع أن يُقنع بني قومه، الذين تميّزت عقولهم بالصلابة وقلوبهم بالقسوة، بأن خالق هذا الكون واحدٌ لا شريك له.
أما المؤرخ وفيلسوف الحضارة “غوستاف لوبون” فقال:” أيّ شخصية كان يملكها رسول الإسلام؟! لقد كان ذا حضور غير عادي، انفرد بهذا الحضور قبل البعثة، واستطاع به أن يحلّ مشكلة وضع الحجر الأسود، لهذا استحق محمد أن يكون على لسان المسلمين في صلواتهم وهم يوحّدون الله ويعبدونه. إنه بالتأكيد من عند الله، ودليل ذلك أن الإسلام لم ينتشر بالسيف، وإنما انتشر بالدعوة وحدها.
أما “الكونت هنري دي كاستري” الذي أحبّ الإسلام ونبيّه، وألف كتاباً بعنوان ( الإسلام ) فقد كتب يقول :” لسنا بحاجة إلى إثبات صدق محمد إلى أكثر من أنه كان معتنقاً الرسالة الحقيقية، التي تأكّدت صحة حقيقتها، لأن الغرض من تلك الرسالة في الأصل، عبادة إله واحد بدلاً من عبادة الأوثان التي كانت عليها قبيلته مدّة ظهوره. ولم يكن محمد يقرأ أو يكتب، ويستحيل أن يكون الاعتقاد الذي رسّخه قد وصله عن طريق قراءته للتوراة أو الانجيل، إذْ لو قرأ تلك الكتب لردّها لاحتوائها على مذهب التثليث وهو مناقض لما جاء به.
ويقول الفيلسوف والمستشرق “جاك بيرك”:” لا شكّ أن الإسلام الذي اختار الخالق له محمداً كان جديراً بمحمد، وكان محمد جديراً به، ولا شكّ أن دراسة الداخلين إلى الإسلام من أوروبا لحياة رسول الإسلام سوف تكون كلّ كلمة في حياته لهم، إضاءة لطريقهم. وساعة أن يعرف هؤلاء الإسلام ورسوله، فإني أضمنُ دعاةً للإسلام على مستوى لائق بالإسلام، وأرى أن هذا اليوم آتٍ.
إن الإسلام ضرورة ستفرض نفسها ذات يوم، لأن الإسلام هو الدين الحق، الذي جاء بسيطاً في تعاليمه، قوياً في تنفيذ هذه التعاليم..
إنني لا أريد أن أطيل على القارئ الكريم ولو شئت الاسترسال في هذا السبيل لتوفّرت على كتاب كامل لكن حسبي أن أتساءل: ماذا عسى هؤلاء السفهاء من المستهزئين وناشري الرسوم المسيئة لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم أن يقولوا لو يتسنّى لهم الاطلاع على أقوال وشهادات كبار أدبائهم وفلاسفتهم في هذا النبي الإنسان، العطوف الرقيق الذي أُرسل رحمة للعالمين؟
قناعتي أن هؤلاء لم يقرأوا عنه شيئاً، وأن ما بلغهم مجرد روايات ودعايات نشرها بعض الصهاينة الخائفين من الإسلام ومن المكانة التي بات يسكنها في القلوب والنفوس في ديار الغرب خاصة.
وقد قرأ العديد من الفلاسفة والأدباء والمؤرخين هذا المستقبل، كما مرّ بنا من كلام “جاك بيرك”، وكما استشرفه الفيلسوف الفرنسي المسلم الراحل ( روجيه غارودي) رحمه الله في كتابه المشهور “الإسلام يسكن مستقبلنا “.
بأبي وأمي أنت يا خير الورى** وصلاة ربي والسلام معطّرا
يا خاتم الرسل الكرامِ محمدا ** بالوحي والقرآن كنتَ مطهّرا
لك يا رسول الله صدق محبّة ٍ** وبفيضها شهد اللسانُ وعبّرا
وصلى الله وسلم على المصطفى الهادي البشير صلاةً غير منقطعة بل دائبة آناء الليل وأطراف النهار إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها .