“الملف الأسود” لليمين الفرنسي المتطرف وثورة نوفمبر 1954-1962/ سعدي بزيان
لا تزال ثورة الجزائر التحريرية تلقي بظلالها على الرأي العام الفرنسي، رغم مرور 57سنة من استقلال الجزائر وطرد أوروبىي الجزائر الذين كانوا جزءا من تركة الاستعمار الفرنسي الثقيل والذين كانوا دوما في موقف عداءي شرس ضد أي إصلاح يصلح من أحوال المسلمين الجزائريين، فكانوا وبالا وشرا مستطيرا على شعبنا إلى أن غادروا بلادنا مكرهين ومجبرين حاملين معهم الكراهية الشديدة لشعبنا الذي أرغمهم على الرحيل بلا إياب –فوجدوا في جاليتنا الخصم اللدود- فكانوا حربا عليها إعلاما وسياسيا وممارسة، ونحن معروفون بذاكرة ضعيفة يغشاها النسيان سريعا “لومند” الفرنسية تذكرنا بأيام سوداء عاشتها جاليتنا في فرنسا 1979 أي بعد مرور 40 سنة عن هذه الأيام.
عرفت مرسيليا في صيف 1979 صيفا حارا ساد وضع جاليتنا في هذه المدينة التي تعتبر أول مدينة استقطبت الرّواد الأوائل من المهاجرين الجزائريين، وهي البوابة إلى مدن فرنسية أخرى.
الحادثة التي ألهبت الرأي العام الفرنسي المعادي للجزائريين
عاشت مرسيليا وباقي المدن الفرنسية في صيف 1979 على وقع حادثة كان وراءها رجل جزائري مختل العقل أقدم على ذبح سائق حافلة عمومية في قلب مرسيليا، وتأكد بعد التحقيق أن هذا الإنسان الجزائري فعلا مختل العقل وإلا ما قام بمثل هذا العمل، فقد رافق هذا الجو المكهرب غيوم سوداء كانت تغطي سماء مرسيليا وضعها اليمين الفرنسي المتطرف، وجعل منها جريمة العصر، فقد دفعت جاليتنا بهذه المناسبة حوالي 10 قتلى كثأر لمقتل شخص فرنسي واحد.
أحد أقطاب بقايا “الجزائر الفرنسية” يردّ بعنف وبأسلوب بدائي لا يرقى إليه إلا رجل معتوه مثله.
اشتغل رئيس تحرير جريدة “لومند ديونال” غابريال دومينيغ من اليمين الفرنسي المتطرف ونائب سابق في البرلمان الفرنسي عن الجبهة الوطنية التي كان يرأسها جان ماري لوبان والتي ولدت في سنة 1973كرد فعل على خروج أوروبي الجزائر من الجزائر واستقلال الجزائر ومارس التعذيب ضد الوطنيين الجزائريين، ووجد غابريال دومينيغ رئيس تحرير لوميرو ديونال فرصة ثمينة لبث سمومه بأسلوب لا يرقى إليه شخص يحمل لقب عضو برلماني ورئيس تحرير لجريدة كبيرة في مرسيليا، وكتب هذا الرجل الذي ظل يسكنه الحقد والكراهية ضد الجزائريين وذنب هؤلاء الجزائريين أنهم استردوا وطنهم المغصوب من عدو وافد من خارج الحدود، فاستبد بالبلاد والعباد وساده الاعتقاد بأنه سوف يظل خالدا أبدا فوق هذه البلاد وكأنها أرض بلا شعب تعطى لشعب بلا أرض، وهو شعار صهيوني استعمله الصهاينة لتبرير احتلالهم لفسطين “لومبير يدونال” وغابريال دومنيغ وحملات شرسة وأوصاف ضد الجزائريين لم يقل بمثلها أحد من قبله فكتب قائلا: أي كفى 3 مرات اللصوص الجزائريون، العهرة الجزائريون، القتلة الجزائريون، وأوصاف أخرى مثل “كفانا من هؤلاء المهاجرين المتوحشين الذين يمارسون أنواعا شتى من الفساد والقادمين من وراء المتوسط.
ديسمبر 1973، قامت منظمة تحمل اسم “شارل مارتال” بعملية انتقام ضد الجزائريين فكانت القنصلية الجزائرية في مرسيليا هدفا لهذا التنظيم فكان الحصاد مقتل 4جزائريين 20 جريحا، بلدية مرسيليا تتجاهل 100 ألف جزائري يعيشون فيها وتسعى لتخصيص شارع يحمل اسم غابريال دومينيغ من اليمين المتطرف متجاهلة في ذلك أصوات عديدة من شخصيات جزائرية وفرنسية والقفز فوق الذاكرة التاريخية للجزائريين وقد طالبت السناتورة سماية غالي من غودان عمدة مرسيليا وهو المعروف بالمناورة همه الوحيد الخلود كرئيس لبلدية مرسيليا، طلبت منه ألا يجره معه إلى محيطه الملوث في حين نرى اليمين المتطرف يرفض إطلاق اسم إبراهيم علي من جزر القمر الذي اغتاله المتطرفون من اليمين الفرنسي على أحد شوارع مرسيليا تخليدا لشخص ذهب ضحية التطرف وأعداء المهاجرين فرفض اليمين المتطرف، ووسط هذه الأجواء التي سادها العنف وغذاها الحقد الدفين لدى الشخصيات الفرنسية التي لم تهضم عملية استقلال الجزائر وخروج أوروبي الجزائر منها والذين سادهم الاعتقاد بأن “الجزائر فرنسية” إلى الأبد. ألم يقل بورجو وهو أحد أعمدة أقطاب أوروبي الجزائر وأكبر مالك للأراضي الجزائرية وهو سويسري الأصل والقائل “إن الجزائر نحن أوجدانها وحولناها إلى أرض صالحة للعيش ونحن باقون فيها”.