ما هو المصير المرتقب لدول وشعوب العرب…؟/ محمد العلمي السائحي

ليس بخاف على أحد من الناس ممن يحيون في البلاد العربية الممتدة من الخليج إلى المحيط، أن الأوطان العربية تمر بظروف جد حرجة، وأنه ما من دولة من الدول العربية، تستطيع أن تزعم لنفسها أو للغير، أنها تنعم ولو بالقدر القليل من الاستقرار السياسي،وافتقارها للاستقرار السياسي، لا يرجع إلى العوامل والمؤثرات الخارجية وحدها، بل يرتد إلى أسباب داخلية،وهذه الأسباب هي المسؤولة إلى حد كبير عن اهتزاز الوضع السياسي وعدم استقراره، وهي التي تغذي الصراع على السلطة وتنفخ في ناره وقد يأتي في مقدمتها، الطابع الاستبدادي لنظم الحكم القائمة في المنطقة العربية، والتي حالت دون تغذية هياكل الدول بدماء جديدة تغذيها بفكر وأساليب حديثة في تسيير الشأن العام، ثم يأتي بعد هذا السبب، عجز الحكومات عن تحقيق مستوى مقبول من التنمية الاقتصادية التي يمكن أن تضمن لو قدر يسير مستوى من الرفاه الاجتماعي للمواطنين، بما يجعلهم راضين عن السلطة القائمة إلى حد ما، أما السبب الثالث فهو يتمثل في انتشار الفساد بجميع أصنافه سياسي وإداري ومالي بشكل لم تعرفه المنطقة من قبل، وتسبب ذلك في اهتزاز ثقة الشعوب بأنظمة حكمها واستقر عندها أنها أحرص ما تكون على خدمة مصالحها كأنظمة، أكثر من حرصها على تحقيق مطامح شعوبها.
والذي زاد الطين بلة، أن هذه الأنظمة القائمة ضربت عرض الحائط بكل القضايا العربية، التي كانت إلى حد ما تنعش أمال الشعوب، وتجعلها تتحمل قسوة العيش وشظفه، من أجل تحرير فلسطين، وتحقق الوحدة العربية الكبرى، بل أكثر من ذلك، حيث نجد بعضها يحاصر المقاومة الفلسطينية ولا يجد أي حرج في ذلك، وبعضها الآخر يشن حصارا خانقا على دولة لأنها أرادت أن تستقل بقرارها السياسي، كما نجد أن بعض من هم على رأس هذه الأنظمة من القادة يتسببون هم أنفسهم في توتير الوضع السياسي ودفع الناس إلى الثورة والتمرد، لتجرئهم على المساس بثوابت الأمة استجابة لمطالب بعض منظمات المجتمع المدني التي أغلبها تخدم أجندات غير وطنية، فالذي ينادي بتجديد الفكر الديني ومراجعة نصوص القرآن والحديث، لجعل الإسلام يتوافق ويتطابق مع مطالب الغرب فحسب، والذي ينادي بضرورة مساواة المرأة في الميراث مع الذكر ومنحها حق الزواج بالأجنبي ولو خالفها في الدين،إنما يتحدى شعبه ويستعديه عليه، لأنه بتصرفه ذلك يثبت له، أنه لا يحترم دينه، ولا يعتبر تقاليده، ولا يراعي مشاعره.
كما أن بعضهم قد ثبت أنه يحرص على خدمة المصالح الاقتصادية لدول أجنبية، ولوكان ذلك على حساب المصالح الوطنية، مما يحمل شعبه على الشك في إخلاصه لوطنه، ويجعله يفكر في الاستغناء عنه، واستبداله بمن يراه أكثر إخلاصا منه للوطن، وأشد حرصا على خدمة مصالحه.
أما العوامل و المؤثرات الخارجية فكثيرة ومتنوعة، ومن أهمها حرص القوى العظمى على بقاء المنطقة سوقا مفتوحة لما تنتجه مصانعها، وأن تبقى في حالة من الضعف والعوز، بما يحول بينها وبين التمرد عليها والتنكر لسلطانها، ومنها أن المنطقة تتميز بسرعة النمو الديموغرافي لارتفاع نسبة المواليد فيها، مع كونها عاجزة عن توفير أسباب الحياة الكريمة لمواطنيها وشعوبها، مما يدفعهم إلى الهجرة إلى المجتمعات الغربية التي تتوفر فيها فرص العمل والتعليم والأمن الاستقرار، وذلك شكل عبئا على الدول الغربية، مما جعلها تسعى للحد من الهجرة إليها، خاصة أن اولئك المهاجرين أغلبهم من الشباب الذين بقدرتهم على الانجاب قد يتسببون في تغيير التركيبة للشعوب التي تستضيفهم، وبالنظر إلى أن أغلبهم من المسلمين فإن ذلك سيضمن للإسلام أن يبسط سلطانه على تلك الشعوب عاجلا أم آجلا وذلك ما يتخوفون منه أشد التخوف، يشهد على ذلك أن بعض الدول الغربية كانت ترحب بالمهاجرين السوريين من غير المسلمين، بينما ترفض استقرار المهاجري السورين المسلمين فيها.
نضيف إلى ذلك أن القوى العظمى باتت تخوف من قوى صاعدة في المنطقة، فبادرت إلى إشعال فتيل الحروب والفتن في البلاد العربية لتصطاد عصفورين بحجر واحد، أن تسهم تلك الحروب والفتن في تقليص النمو الديموغرافي المتصاعد مما من شأنه أن يقلل من منسوب الهجرة إليها، وفي الوقت ذاته يمنع تلك لقوى الصاعدة من تحقيق نموها وتطورها لتورطها في تلك الحروب والفتن المفتعلة.
إذن هناك أسباب موضوعية تحول دون تمتع المنطقة بالاستقرار السياسي الذي هو شرط أساسي لتمكن الدول والشعوب من تحقيق ذاتها وبلوغ ما تصبوا إليه من أهداف وغايات، ولا حل آخر لشعوب ودول المنطقة للخروج من هذه الورطة إلا بالقضاء على النظم الاستبدادية واستبدالها بنظم وطنية تشرك شعوبها في السلطة وترجع إلى رايها فيما تتخذه من قرارات هامة ومصيرية، ذلك هو المخرج من هذا المأزق وإلا فعلى المنطقة السلام…