ما قل و دل

دين الطهر/ محمد الصالح الصديق

سئل (جرمانوس) المجري: من حبب إليك الإسلام؟ فأجاب: أحببه إلى شيء واحد هو “جوهر كل شيء”، إنه دين الطهر، دين النظافة، نظافة الجسم، والنفس، والسلوك الاجتماعين والشعور الإنساني؛ ولا تستهن بالنظافة الجسمانية، فهي رمز ودلالة، لها قيمتها المعنوية، ولها أثرها العميق. كما أن للنظافة شأن عظيم، لأن لها تأثيرا كبيرا في صحة الإنسان، وسلامته من الأمراض، ولأن لها أيضا تأثيرا كبيرا في كرامة الشخص، ورفع منزلته في نفوس معاشريه ومخالطيه.

وقد اتضح مما قرره الأطباء أن كثيرا من المكروبات، تصيب الإنسان بطريقة اختراق الجلد، والغسل المتكرر من أهم الواقيات البسيطة، بالإضافة إلى أن النظافة تبعث في الإنسان النشاط والخفة، وتحببه إلى سائر الناس، وتحمله على التحرز في أعماله، والأوساخ تعوق الإنسان عن مبتغاه، وتنفر الناس منه، وتجعله بينهم مثار السخرية والانتقاد والازدراء. والنظافة الباطنة هي تنظيف النفس وتطهيرها من أوثان الشرك، والشك، والحقد، والحسد، والغل، والغش، والطمع، والنفاق، والعجب، والرياء، وغيرها من الخصال الذميمة والسجايا القبيحة، وذلك بالإخلاص، واليقين، والصداقة، والنزاهة، وحب الخير لعموم الناس، والسعي في نشر الفضيلة، ومحاربة الرذيلة.

وللنظافة الظاهرة علاقة كبيرة بالنظافة الباطنة، ذلك أن الاهتمام بالظاهر تطهيرا وتجميلا قد يكون داعيا للاهتمام بالباطن كذلك!

والغالب في الناس أنه من يتعهد ظاهره بالتنظيف، لا يقصر في باطنه، وأن من يهمل ظاهره يكون لباطنه أكثر إهمالا… ولا يخفى على اللبيب أن السعي وراء تطهير القلب مما ران عليه من الأوساخ والأكدار أصعب جدا على المرء من السعي وراء تنقية ظاهره وتنظيفه، وكلاهما واجب التنظيف. فإذا كانت الأوساخ الظاهرة تعوق المرء عن نيل مبتغاه، وتنفر الناس منه، فكيف بالأوساخ العقلية، والأمراض القلبية، التي تحط بالإنسان إلى حضيض المكانة، وتحجب عنه ضياء الفضيلة؟

ولمكانة النظافة في الإسلام، كانت الحمامات من أرقى مظاهر التحضر العمراني الإسلامي، ولقد تعلم الأوربيون نظام الحمامات من أهل الأندلس، وانتشرت الحمامات في البلدان الإسلامية بصفة تثير الدهشة أحيانا.. وفي كل بلد إسلامي، أو فتحه المسلمون، توجد الحمامات بصفة تثير الانتباه، وتدعو إلى الإعجاب بهذا الدين، دين النظافة والطهارة والنقاء.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com