الموضوع: من هم العاملون على الزكاة الذين يصرف لهم منها؟ وكيف؟/ محمد مكركب
قال السائل: يقول الله تعالى:﴿إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها﴾ من هم العاملون عليها الذين تعطى لهم الزكاة؟ وكيف نعرفهم؟ وما هو صنف المال الذي يعطى منه للعاملين عليها، وما مقدار ذلك؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: الآية التي يسأل عنها السائل هي قول الله تعالى:﴿إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾[التوبة:60] ورد في الآية ثمانية أصناف تعطى لهم الزكاة، وهم: الفقراء، والمساكين، والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب، والغارمين، وفي سبيل الله، وابن السبيل. فالزكاة تصرف في هذه الأبواب الثمانية في كل باب بقدر الحاجة، إلى أن يغنى المعنيون وفق حجم الصدقات التي يتصدق بها المزكون.
1 ـ الفقير: هو المحتاج الذي لم يستغن عن مساعدة الغير، مقابل الغني الذي استغنى عن غيره، ويطلق مصطلح الفقير على كل من لم يملك حد نصاب الزكاة.
2 ـ والمسكين: هو الضعيف الذي يحتاج إلى من يساعده ولو كان له مصدر رزق، كأن يملك أرضا ولا يستطيع زرعها لضعفه وقلة درايته، هو الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يُتَفَطَّن له لكونه يظهر للناس أنه يملك، فلا يتصدقون عليه.
3 ـ والعاملين عليها: وهم السعاة والجباة الذين يقومون بالسعي على جمع أموال الزكاة من الأغنياء، هم الذين يخرجون إلى التجار والفلاحين والموالين وأصحاب الثروات والمصانع والمعادن والمناجم والمحاجر وكل موارد المال، ويقومون بالحسابات والتقديرات ويجمعون المال من الذهب والفضة وما يقوم مقامهما، و(الأنعام والحبوب والغلال، والثياب، والسلع. تجمع الزكاة في مكان يسمى [بيت مال الزكاة] ويقوم العاملون عليها بإحصائها وتوزيعها بما تقتضيه الأحكام الشرعية على من يستحقونها. ويشترط في العاملين عليها أن يكون الموظف متفرغاً للعمل في مجال الزكاة وحينها يجوز صرف رواتبهم من مال الزكاة الذي يجمعونه فلا يكون للعامل على الزكاة أجرة أخرى، أو وظيفة أخرى. والعاملون عليها هم الذين ينفذون أمر الحاكم المسلم الذي يعمل بقوله تعالى:﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[التوبة:103]. وقال أبو بكر:(والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة) فالعامل على الزكاة يخرج إلى أصحاب الأموال ويأخذ منهم مقادير الزكاة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه:[ إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك، فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب]( مسلم:19) فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعين من يقومون بجمع الزكاة وتوزيعها. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: الواجب على ولي أمر المسلمين، الخليفة، أو الأمير، أو الرئيس، أن يعين هيئة من العلماء الأمناء المتخصصين في فقه الزكاة، يختصون بجمع كل ما يُخْرَجُ منه الزكاة، وبحسابات دقيقة وشاملة وفي سجلات مضبوطة لكل مصدر مال، ويتصلون بصاحب المال مهما كان، ويَحْسُبون ما يجب عليه أن يخرج من الزكاة، من الإبل، أو البقر، أو الغنم، أو المعز، أو الحبوب والغلال، أو العروض التجارية وغير ذلك من المصانع والمزارع والمعادن والمناجم والمحاجر ومؤسسات الخدمات، وبواخر الصيد البحري. وهؤلاء العاملون على جمع وتوزيع الزكاة يأخذون أجرتهم من الزكاة بقدر ما يناسب المهام والأتعاب التي يقومون بها. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: قال السائل:[وكيف نعرفهم؟ وما هو صنف المال الذي يعطى منه للعاملين عليها، وما مقدار ذلك؟] ليس صاحب المال هو الذي يعطي للعاملين عليها إنما المسئول عن ذلك أمام الله تعالى ثم أمام الأمة هو ولي أمر المسلمين، إنما المسلم يقدم الزكاة بنية وطيب خاطر للسعاة، المسلم يقدم زكاته لهم أو لصندوق الزكاة، وهم شأنهم مع من كلفهم. وقلنا إن تعيين العاملين على جمع الزكاة فرض واجب على ولاة المسلمين على إمام الأمة، وإذا لم يعين ولي أمر المسلمين الجباة الجامعين للزكاة، والمسلم الغني الذي تجب عليه الزكاة إذا لم يأته العاملون عليها وجب عليه إخراجها للفقراء والمساكين في وقتها وبقدرها. ولاَ تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلاَ لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ، إلا للعاملين عليها ولو كانوا أغنياء فإنهم يأخذون من الزكاة أجرهم على العمل، وليس لاحتياجهم. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.