الموضوع: حكم الرهن في السفر والحضر./ محمد مكركب
قالت السائلة: يقول الله تعالى:﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ فهل في الحضر أيضا يكفي قبض الرهن دون كتابة الدين؟ أم التعامل بالرهن في السفر فقط؟ وما معنى الآية؟ ذلك أنني اضطررت إلى رهن قطع ذهبية مقابل مبلغ من المال من عند تاجر.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا: قال الله تعالى:﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾[البقرة:283] والمعنى المستفاد من الآية الكريمة: إن كنتم أيها المؤمنون في حالة سفر، ولم تجدوا كاتبا إذا تداينتم فالذي تعوضون به الكتابة هو رهن مقبوض لتستوثقوا به، فليأخذ صاحب الدَّيْن رهنا، لكن ليس هذا التعليق (إن كنتم على سفر) هو اشتراط السفر في الإرتهان، أي ربما يفهم بعضهم أن الرهن لا يجوز التعامل به إلا في السفر، بل الرهن يُتَعَامَلُ به في السفر والحضر. ثم ورد في الآية التأكيد على أداء الأمانة لأهلها في موعدها ووقتها تامة غير منقوصة في شَرْطٍ ولا عَدَدٍ. ثم التأكيد على القول بكلمة الحق عن علم في الاشهاد ومن يكتم الشهادة فهو آثم قلبه. وفي الرسالة قال ابن أبي زيد:[ والرهن جائز ولا يتم إلا بالحيازة، ولا تنفع الشهادة في حيازته إلا بمعاينة البينة، وضمان الرهن والْمُرْتَهِنُ فيما يغاب عليه، ولا يضمن ما لا يغاب عليه، وثمرة النخل الرهن للراهن] والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثانيا: ما هو الرهن؟ الرهن شرعا هو حبس الشيء بحق ليستوفى منه عند تعذر وفائه، أي أن الرهن ما يمسكه الدائن يوضع عنده لينوب مناب الدين، وجمع الرهن رِهَانٌ، ورُهُونٌ. وأركان الرهن هي: الراهن، والمرهون، والمرتهن، والشيء الذي فيه الرهن، وصفة عقد الرهن. ( الراهن) وهو الذي عليه حق يؤديه للدائن فيطالبه صاحب الحق برهن شيء ذي قيمة يكفي للوفاء بالحق الذي على الراهن.( الرَّهْنُ) أن يكون عينا، فإنه لا يجوز أن يرهن الدين، وأن تكون العين قابلة للبيع عند حلول الأجل، وأن يكون في يد المرتهن برضا الراهن، وأن يكون قابلا للحيازة. ( الشيء المرهون فيه) أي الحق الذي جعل الرهن لضمانه. يجوز أخذ الرهن في السلم، وفي القرض، وفي كل ماتراضى عليه المتداينون في المعاملات المالية، وفي كل مبادلة زاد بمال. فعن عائشة رضي الله عنها:[ أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى طعاما من يهودي إلى أجل، ورهنه درعا من حديد] (البخاري:2068).(والْمُرْتَهِنُ) وهو الدائن صاحب الحق، فإذا مات الراهن بيع الرهن بواسطة وصيه وقضي منه دينه، فإن شاء الورثة سددوا الدين واحتفظوا بالرهن. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.
ثالثا: قال السائل:( فهل في الحضر أيضا يكفي قبض الرهن دون كتابة الدين؟) كتابة الرهن بالشروط والتفاصيل واجبة: وكل رهن ذي قيمة لابد من كتابته مع بيان شروط التعامل بين الراهن والْمُرْتَهِن. والرهن أمانة في يد المرتَهِن، فإذا اشترط بيع الرهن عند حلول الأجل جاز هذا الشرط، وكان من حق المرتَهِن أن يبيعه. والله تعالى أعلم، وهو العليم الحكيم.