تاريخنا وغفلة أبنائنا/ أمال السائحي
إن التاريخ يتميز كما يتميز الجسد بذاكرته، وذاكرة التاريخ هي أسطورة شعوب بأكملها، ولذا قد أدى بعض مدوني التاريخ الإسلامي إلى تشويه أحداث التاريخ بسبب اختلاف شكل المرئي باختلاف زاوية الرؤية ولذا فالأوروبي ينظر إلى تاريخنا من زوايا متعددة الأمر الذي يقوده في المسيرة إلى نظرة خاطئة وينظر إلى تاريخنا من مواقف خاطئة متعددة منها:
أولاً – جهل الغالبية العظمي من المستشرقين باللغة العربية مثل قول الزهري: إن الخلفاء قد أمروا العلماء بتدوين الأحاديث النبوية فنرى المستشرقين نقلوا للناس أن الخلفاء أمروا بنقل أحاديث وهنا فرق بين أي أحاديث وبين الأحاديث النبوية…
التاريخ نافذة نطل منها على ماضينا لنبصر مستقبلنا.. والجذور البعيدة تعطي دفعة أو انتكاسة، فكيف بصاحب المجد التليد أن يرتكس بمن ينظر خلفه فيرى سيد الخلق وصحبه الكرام ثم تتبعه كوكبة يسير فيها السلف الصالح ومحمد الفاتح الذي دوخ أوروبا، وقطز الذي دحر التتار وصلاح الدين الأيوبي الذي ضمد جرح الأقصى وطهره.
إن التاريخ هو البذور وكلما نبتت نبتة كان أصلها يرجع إلى تلك البذور فجذورنا ضاربة في أرض الحق وفرعها في السماء ولكن مزوري التاريخ من المستشرقين والطائفيين، أبوا إلا أن يحاولوا بكل جهدهم طمس بريق تاريخنا المشرق فراحوا تحت ظلمة الحقد والتزوير، يحاولون أن يغطوا ما جاء به سيد الخلق محمد (صلى الله عليه وسلم) من رسالة سماوية، ومنهجية عظيمة، وأن يطفئوا نور الكواكب المضيئة أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و تابعيه .. وراح أحفادنا لا يرون من تاريخهم إلا قشورًا زائفة وكأننا أمة بلا أصل وبلا تاريخ!!
إن الكثير من الأقلام المتخصصة المأجورة، ووسائل الإعلام المسخرة لطمس الحقيقة التاريخية و تقديمها للناشئة مشوهة، تجعل الصفحات النيرة من تاريخنا صفحات حالكة شديدة الظلمة.
يقول بعض مؤرخي التاريخ:” إن المستشرقين كان لهم الدور الهام في تزوير التاريخ، فمنهم فريق درس الإسلام عقيدة ونظام الحياة، فعرف فيه الحق الذي يجب أن يتبع، وقاده ذلك إلى إعلان إسلامه والاعتزاز بهدايته، فوقفوا بجوار الإسلام، وأسلموا ومنهم: المستشرق النمساوي – والمستشرق الكبير روجيه جارودي.
ويوجد من درسوا الإسلام وأعلنوا إعجابهم بما درسوا ودافعوا عن الإسلام دفاعاً مستميتاً دون أن يعلنوا إسلامهم، ومن أشهر هؤلاء تولستوي – الأديب الروسي – الذي دافع عن الرسول (صلي الله عليه وسلم) وعن الإسلام دفاع المنصفين، فعاقبه البابا فأرسل الإمام محمد عبده رسالة طويلة يشكره فيها على حسن صنيعه بالإسلام، ومنهم من حارب الإسلام بكل حقد وتعصب، فأعماه حقده ذلك عن الحقيقة البازغة كالشمس في وضح النهار.
ويؤكد تلاعب هؤلاء الحاقدين بتاريخنا تلك الصورة المشوهة التي قدمها المسلسل التركي:”حريم السلطان” الذي يظهر أعظم سلاطين الدولة العثمانية المعروف بـ:”سليمان القانوني” كألعوبة في يد الجواري والمحظيات يصرفنه كيفما شئن، وذلك بهدف تشويه تلك الفترة الزاهية من التاريخ الإسلامي، وضرب رموزها وقياداتها حتى لا تشكل مصدر إلهام لشباب الأمة في بذل النفس والنفيس في خدمة الأمة وابتعاث مجدها، وهذا ما يدعو إلى وقفة للإعلام الهادف من الجريدة إلى الإذاعة إلى كل وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة، للتنبيه للمسلسلات التاريخية التي تعبث بتاريخنا وتعمل على تشويهه تحصينا للجيل الصاعد، الذي لا يعرف عن تاريخه سوى اليسير….