المقاومة تستعيد مواقعها/ أ. محمد الحسن أكيلال
“ترمب”.. يخسر كل أوراقه
منذ اليوم الأول لإعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية في بلاده وهو يصارع كل من يعتبره خصما له وللتيار السياسي والعقائدي الذي قرر أن يمسك بأذيال ثوبه متزلفا متملقا متوسلا أن يمكنه من الفوز في هذه الانتخابات والانتخابات التي تليها للعهدة الثانية؛ التيار كما هو معروف في أمريكا هو التيار الصهيوني الذي جعل من دولة الكيان الصهيوني من ضمن المصالح العليا للولايات المتحدة الأمريكية.
ككل متعجرف متغطرس متسرع لا يلقي بالا للبرمجة والترتيب والتصنيف، بل راح يهاجم كل من يدلي برأي يخالف رأيه داخل بلاده قبل الآخرين خارجها، فقد استعدى الصحافة ووسائل الإعلام الكبرى منذ البداية لأنه يحس في قرارة نفسه أنها تناصبه العداء لكونه ليس أهلا لتولي مسؤولية رئاسة بلاده مثلها مثل أنصار الحزب الديمقراطي المنافس الذي يقاسمه عمليا تأييد الحركة الصهيونية في بلاده.
المهم بالنسبة إليه أن يظهر لناخبيه من العنصريين مثله والمتطرفين اليمينيين أنه الأقوى والأجدر والأكثر عداوة للعرب والمسلمين والملونين والمتمسكين بالنظام العالمي الذي أصبح عنده يتناقض مع مصالح بلاده الحيوية.
خارجيا لم يجد بُدًّا من المبادرة بعقوبات اقتصادية ضد الدول الغربية الأوروبية الحليفة التقليدية لبلاده كخطوة استباقية لمنعها من الوقوف أمام العقوبات الصارمة والشديدة القسوى ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية ثم الصين الشعبية وروسيا الاتحادية؛ في حين اختار أن يعاقب الدول العربية الغنية الحليفة الاستراتيجية أيضا مثل المملكة العربية السعودية بطريقة الابتزاز المالي القذر مع الإهانة والإذلال بتصريحاته الوقحة ضدها حين يكرر دائما أن على العربية السعودية أن تدفع المال مقابل الحماية.
هكذا اختار أن يبدأ عهدته بمهاجمة الجميع لاعتقاده الراسخ أنه الأسلوب الأنجع لاستمالة الناخب الأمريكي الذي ما زال مؤمنا بمبدأ “القوة فوق الحق” وأن أمريكا المنتصرة في الحرب العالمية الثانية لوحدها هي التي تنفرد بحكم العالم. لقد ظن أنه انتصر فعلا على كل الخصوم بما في ذلك أشدهم وأقواهم ذكاء ودهاء مثل الصين وروسيا.
هكذا لم تمض على عهدته ثلاث سنوات حتى وجد كل أوراقه تتساقط من بين أصابعه الواحدة تلو الأخرى، صراعه في الداخل أوصله إلى فتح تحقيق من طرف الكونغرس لعزله، وفي الخارج ظهر أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية أقوى مما يتصور تكنولوجيا واقتصاديا وعسكريا وأمنيا ودبلوماسيا، حيث بزته في داخل أروقة الأمم المتحدة في دورتها الأخيرة الرابعة والسبعين، حيث وجد الحاضرون في طرحها الصدق والمصداقية والموضوعية والاحترام الصارم للمواثيق والاتفاقيات الدولية عكس بلاده التي تنصلت في عهده من الاتفاق النووي من جانب واحد.
إيران تتربع على عرش المقاومة
بعد سلسلة من اختبارات القوة التي قامت بها دولة الكيان الصهيوني ضد المقاومة في فلسطين وجنوب لبنان ثم في سوريا وتلك التي قامت بها المملكة العربية السعودية والإمارات في اليمن وكلها بالوكالة عن أمريكا، وبعد اختبارها هي – أمريكا نفسها – ضد إيران من خلال محاولتها بالطائرة المسيرة وجد “ترمب” نفسه أنه كان يراهن على أحصنة هزيلة تعاني الكساح وفقر الدم وكثير من الإعاقات الحركية.
إنه من دون شعور منه كان بتصريحاته وتغريداته وسكوته عن التي يرتكبها حلفاؤه على غرار تلك التي ارتكبها النظام السعودي باغتيال “جمال خاشقجي” وكثير من الدعاة والمفكرين والتعذيب الذي يمارس ضد النساء في سجون المملكة أو تلك التي ترتكبها دولة الصهاينة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، كل ذلك أصبح يشكل أسلحة أعطاها من دون أن يدري لخصومه وأعدائه.
إنه أعطى الاتحاد الأوروبي الضوء الأخضر لإعادة تمويل “الأونروا” التي أوقف هو تمويلها لإخضاع اللاجئين الفلسطينيين للأمر الواقع الإسرائيلي، كما أنه أعاد العلاقات بين حركة “حماس” والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى سابق عهدها، وجعل من المملكة العربية السعودة مهزلة أمام العالم حين استطاعت قوات الحوثيين قصف أكبر قواعدها البترولية في وسط المملكة، ثم الهزيمة لحقت بحليفه وصديقه “نتانياهو” في الانتخابات التشريعية الأخيرة، والانسداد الذي لحق بدولته جراء ذلك بتساويه في الأصوات مع منافسه زعيم حزب “أزرق أبيض”، وآخر الانتكاسات التي يتلقاها ماليا في التحقيق الذي يجريه الكونغرس ضده باتهامه بإدخال الدول الأجنبية في الشؤون الداخلية الأمريكية، التحقيق الذي يستهدف عزله من منصبه قبل نهاية العهدة بعد أن كان يطمع في عهدة ثانية.
المقاومة تضع الرتوش الأخيرة للاحتفال بالنصر
أمام كل هذه الأحداث والحوادث بقي لمحور المقاومة أن يقوم بترميم المواقع التي استرجعتها خلال هذه السنوات القليلة الماضية وتضع الخرائط والخطط للمعركة القادمة قريبا ضد العدو الصهيوني وحليفته أمريكا والتي لا شك أنها ستكون الأخيرة التي تعلن فيها المقاومة انتصارها الساحق أمام العالم وتسترجع بعدها نهائيا الأرض السليبة فلسطين من العدو الصهيوني الغاشم.
إنه الأوان لوضع اللمسات الأخيرة للاحتفال بالنصر المؤزر بإذن الله بعد قرن ونيف من الاحتلال والعذاب والتشريد في الشتات بقرار مجحف من الأمم المتحدة وتفرج كل العالم على الظلم دون أن يحرك أحد ساكنا بما في ذلك الدول العربية والإسلامية التي أصبحت في السنوات الأخيرة تعلن تحالفها مع دولة الكيان الصهيوني باعتبارها دولة صديقة لأنها عدو لإيران العدوة، وهذا دون خجل ولا وجل.