قضايا و آراء

إذا كان الخلاف هو المرض، فإن الحِوار هو الدّواء/ د. موسى عبد اللاوي

استسمح المفكر طه عبد الرحمن أن أقتبس منه هذه العبارة كعنوان لمقالي، فالحوار أسلوب حضاري وواجب شرعي وحتمية اجتماعية  في المجتمعات الراقية التي تحتكم للعقل والعلم، فأول من حاور الله سبحانه وتعالى إبليس وهو من ألد  أعدائه، فكيف لا يحاور الإنسان أخاه  الإنسان،

فالحوار نقاش بين مجموعة من الأشخاص الذين يمثلون اتجاهين متخالفين، غايتهم من الحوار الوصول إلى حلول  من خلال عرض الأفكار ووجهات النظر.

يقول الله عز وجل:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}[سورة الحجرات الآية:13].

ومن ثمار الحوار ما يلي:

1/ التآلف بين الناس ونشر المحبّة بينهم، ممّا يُساهم في وجود مجتمعات صالحة؛ لما يولّده الحِوار من راحة للناس، والقدرة على التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم ضمن بيئة آمنة.

2/ الجوار هو المنهج الأصوب لتفادي الحروب والكوارث؛ فلولا التحاور العقلاني لكثرت الحروب، واقتتل الناس فيما بينهم، ولهاجت أفعالُ الجاهلية، وحرب البسوس خير شاهدٍ على ذلك، فبعد أن اقتتلت قبيلتا داحس والغبراء مدّة أربعين سنة كاملة لم ينتجْ عنها إلا الدماء والقتل والتنكيل، فلّما جلَسوا للتحاور الهادئ أصلح الله بينهم، ولو جلسوا للحوار قبل بدء الحرب لما وصلوا إلى ما وصلوا إليه من القتال.

3/ بناء المجتمعات، فعن طريق الحِوار الفعّال يتبادل أفراد المجتمع الأفكار والمعلومات، ويُقيّمونها، ويُعيدون بناءها، ممّا يساهم في تطوير المجتمع والأفراد.

4/تبادل المعلومات والثقافات والخبرات بين الناس، فلا يمكن تعلّم الخبرات وتبادلها إلا بالحِوار، ممّا ينعكس إيجابيًا على رُقيِّ المجتمعات وتقدّمها.

5/ الحِوار يفتح المدارك على الطرق المختلفة المُؤدّية إلى الحقيقة؛ فالطريق إلى الحقيقة ليس واحداً، بل هناك عدّة طرق، وإذا حصر الإنسان نفسه في أفكاره فسَيحرِم نفْسه من الطرق الأخرى التي تؤدّي إلى الحقيقة، والحِوار يردم حدّة الخلاف القائمة بين الأفكار، فمع تبادل الأفكار والحِوار تتقلّص الفجوة بين الطّرفين المختلفين، بل قد يتطوّر ذلك إلى تبنّي أفكار الآخر المُخالِف، واستعمالها كأدلةٍ جديدةٍ لأفكاره .

6/ إقامة الحجة: إنّ الغاية من الحِوار هي إقامة الحجّة ودفع الشبهات وبيان الرأي الفاسد من الرأي الصائب، ويكون ذلك بطريق الاستدلال الصحيح والاستشهاد بالشواهد المُناسبة حتى يتمكّن المتحاوران من الوصول إلى الحق، من أهمِّ ثمرات الحوار تضييق هوّة الخلاف بين المتحاورَين، وتقريب وجهات النظر بينهما حتى لا يبقى في صدورهما شيءٌ ضدّ بعضهما؛ حيث يُمكن من خلال الحوار الهادئ الوصول إلى حلِّ وسطٍ يرضي جميع المتحاورين ويُقنعهم إن كان الخلاف بين جماعتين أو شخصين في فكرة ما، وبالتحاور يُستبدل التباغض والتناحر إلى تحاببٍ وتواد.

7/  إنّ الحوار السليم يكشف الشبهات ويردّ على الأباطيل فيوصل المُتحاورين إلى كشف ما يُلصق بالأفكار والمُعتقدات من شبهات وأباطيل اختلقها أعداء المَنطق لإرضاء رغباتهم، ممّا يوصل بالنتيجة إلى إظهار الحقّ وبيانه، وإبطال الباطل وإزهاقه.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com