قضايا و آراء

العنف الرمزي أو رمزية العنف/ أ. د. ليلى محمد بلخير

المساواة وما أدراك ما المساواة، أكبر كذبة وضعتها المنظرات  النسويات وصدقها العام  و الخاص هي  الاصرار على التماثلية الكاملة، وإلغاء الفوارق بين المرأة والرجل وكل أشكال التمييز ، ولكن ماذا بعد ذلك؟ لم تستفد النساء من المساواة إلا الشقاء، وكل عام يزداد عدد الراكضات وراء وهم المساواة والتميز و الاحتفال بالانجازات ، حتى انشغل الكل بتفخيم وفخامة الأنثى، خارج المكان الطبيعي لها، وانقلب الوضع وحلت المحن والمفاسد، رغبت في التحرر من قهر مطمور فقهرت نفسها بالعمل المضني، إنه وهم المساواة، يجعلها تتحدى طبيعتها ،لتلعب كل الأدوار مرة واحدة ، تبرع في تحطيم كل الأرقام القياسية  ، وتنغمس بكل مشاعرها في آداء دور المرأة الخارقة  ، ولم تستفق  إلا وقد فات الأوان،  لقد ضاعت و ضيعت  رحيق عمرها في إثبات جدارتها بأدوار الرجولة ونسيت دورها الأساسي كأنثى، وللأسف هذا أقسى شكل من أشكال العنف ، إنه العنف الرمزي ، ولن تملك له صدا ولا ردا، لأنه  خفي مضمر وأثره فتاك .

ركزت المشتغلات بالشأن النسوي في ظاهر الأمر على تحسين أوضاع النساء في العالم  ، من خلال صياغة  قوانين صارمة واتفاقيات ومواثيق لمناهضة كل أشكال العنف ضد المرأة ، ولكن ورغم ذلك العنف في تفاقم وازدياد ،بسبب تلك التوصيات المغرضة المؤججة للصراع ، أي (بقاء المرأة ،رهين بتدمير الرجل)،أي تركيز صورة المرأة الخارقة المنتصرة على جميع الرجال ، كنموذج حديث ومتطورمعاد لكل أشكال الأنثى التقليدية الخانعة ،  وفي ذلك تقول المنظرة النسوية سارة جامبل في كتابها  النسوية و ما بعد النسوية “إن النسوية أضاعت حق المرأة في أن تكون جذابة جنسيا وفي أن تلهو وتتمتع بنعيم الحياة المنزلية، وأنها دمرت الأسرة وتركت الأطفال ينشئون بلا ضوابط أخلاقية سليمة، وأنها أدت إلى العنف ضد  المرأة وحوادث قتل النساء” ص 81

من أهم شعارات النسوية الغربية قولهم :  لابد أن   “نفكر عالميا  و ونتصرف محليا ” الشق الأول يركز على ضرورة توحيد الجهود في هيئات عليا كونية من أجل  التخطيط والتنظيم ومد جسور التواصل بين كل الباحثات الأكاديميات لعولمة الأفكاروالقيم في حوار عابرللثقافات،  الشق الثاني و (نتصرف محليا ) هو السعي لمد أذرع كبيرة في كل الميادين والمجالات، وإيجاد مناشط لتطبيق التوصيات والمقررات من خلال تسخير الوسائط التكنولوجية وثقافة الصورة لممارسات التضليل والعنف،  في الأخبار والإشهار والمواد الترفيهية، والمسلسلات والمسابقات وحتى في الرسوم المتحركة و البرامج الثقافية والسياسية ، وفي عروض الأزياء ووصفات التجميل ووجبات الطعام ،   في الحقيقة لا نبتاع من السوق المعروضات التافهة والرديئة ظنا منا أننا وقعنا في فخ الدعاية الكاذبة .. لأننا في الحقيقة نشتري مع السلعة أسلوب الحياة .  فلكل سلعة معروضة نمط العيش الذي انحدرت منه  والذي تؤديه بأمانة فائقة.

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com