لماذا نفشل في الحوار مع أبنائنا/ أمال السائحي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعُول“، ويقول ابن القيم الجوزية في كتابه (تحفة المودود بأحكام المولود): ومعظم الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم.
الكثير من الأمهات والآباء يخبئون أسلوبهم الظريف ليقدموه للغرباء، ولا يقدمون شيئا جميلا لأولادهم الذين هم بين جنبيهم، مع أن أولادهم هم أولى الناس بالكلمة اللطيفة، والتعامل الحسن.
هل ذلك يعود إلى متاعب التربية والروتين اليومي الذي يجعل من تصرفاتنا قاسية ومؤلمة لحد ما مع أطفالنا…؟ أم هي مشاكلنا والضغوطات اليومية التي نعانيها طوال اليوم، تجعلنا نفرغ شحنتنا المكبوتة في وجوه أطفالنا؟
فاسألي نفسك أيتها الأم، هل متاعب المخاض جعلتك تضربين صغيرك حديث الولادة لأنه آلمك..طبعا لا فإنك في تلك اللحظة تحضنينه، وتكونين سعيدة به، رغم الآلام التي سببها لك.
إن تعامل الأجداد والجدات معنا ونحن في سن الصغر، وتعاملهم الآن مع أحفادهم، ينبغي أن يكون هو القدوة لنا، ولابد أن نتأسى به، فطريقتهم في التفاهم مع الأطفال ونزولهم إلى مستواهم هي ما يجعل المسافة بينهم قريبة جدا.
إن من أبرز علامات نجاحنا في التربية أن تكون طريقة حوارنا مع أطفالنا ناجحة، ومحاولة احتوائهم..
كما أنني أرى أن من أبرز ما يجسد فشل الحوار بيننا وبين أطفالنا أمرين اثنين:
1 – أولهما أننا نتكلم معهم ولا نريد أن نسمع منهم شيئا، والدليل على ذلك هو أننا نرسل عبارات (لإسكاتهم)، وكذلك إشارات لنفس الغرض، ومعناه:(أنا يا ولدي أو يا ابنتي لا أريد أن أسمع منك). مثل العبارات التالية: أتركني، ابتعد، أنا مشغولة، اذهب لبابا.
2 – والأمر الثاني أننا نتكلم معهم كأننا نحقق معهم، وذلك أننا نرسل إليهم عبارات ليس فيها أي إحساس، تكون خاطفة، وقصيرة، المهم أننا ننهي الحديث بسرعة، لأن الأم مشغولة. أو مثلا يقول الطفل للأم: “ماما انظري، أختي أخذت مني لعبتي المفضلة”. فتجيب الأم: “هل هذا صحيح؟” ..فترى الطفل هنا يجتهد في الحوار الذي بينه وبين أمه ليحاول أن يقنعها أو يحاول أن يجعلها تصدق أقواله..وهي كأنها في قضية تحقيق، لا تحاول أن تعطي لهذا الحوار بعض المرونة..الحق أقول إننا نخطئ كثيرا في أساليب عدة، ثم أن نقول كيف أصبح ابني يتصرف هكذا؟ ولماذا ابني على هذه الشاكلة؟
فالابن يريد من الوالدين الاهتمام به والتركيز عليه، في أفكاره، وانشغالاته، وأحاسيسه، فلابد أن تكون علاقتنا بأبنائنا علاقة صديق بصديقه، وليست علاقة رئيس بمرءوسه، هذا إذا أراد الوالدان الخروج بأكبر إيجابية ممكنة.
إذا كنت مشغولاً أيها الأب أو أيتها الأم.. أعطِ ابنك أو ابنتك موعداً صادقاً ومحدداً.. مثلاً أن تقول: أنا الآن مشغول، بعد ربع أو نصف ساعة أستطيع أن أستمع إليك جيداً، واجعله بحق موعدا له قيمة عندك حتى يصبح كذلك عند ابنك أو ابنتك، مهم جدا التعامل الصادق بينكما، فإنه سيمكن الطفل أن يعتاد على الصدق والأمانة وقيمة الكلمة..وهذا كله يساعد على الحوار مستقبلا، ويضبط أمورا كثيرة فيما بينكما.
فإن التربية بالكلمة الطيبة، واللمسة الحانية، والقبلة الدافئة، والصبر في بعض المواقف لها تأثيرها على الكبار فما بالك بالصغار..فاجعلي أيتها الأم في قاموسك هذه الأفكار ووظفيها مع أبنائك، واجعليها محور حياتك..فكلما استعملنا شعورا صادقا، كلما جنينا شعورا مثله..فإذا أردنا أن يبرنا أولادنا في الكبر فلابد أن نبرهم في الصغر.