شعاع

قناة دعوية تربوية … فريضة واجبة الأداء(*)

حسن خليفة

 

في كثير من فعاليات وملتقيات جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الثقافية والدعوية والتربوية والدينية أسمع دائما ـ كما يسمع غيري من الحضورـ الحديث الصريح الواضح عن أهمية، بل ضرورة سعي الجمعية إلى إطلاق فضائية متخصصةـ موضوعاتية بخلفية دعوية دينية تربوية..

ويسوق المتحدثون من أهل العلم، بمن فيهم رئيس الجمعية نفسها الأستاذ الدكتور عبد الرزاق قسوم، أو الأستاذ محمد الهادي الحسني أو الشيخ الداعية محمد مكركب.. وغيرهم من العلماء والدعاة والمهتمون، الكثير من الحجج والمبررات.. ويفعل مثلهم الكثير من الإخوة والأخوات، من شرائح مختلفة منادين بأهمية أن تسرع الجمعية في هذا الشأن؛ لأن الوقت من ذهب.. ولا داعي لإضاعة وإهدار بقية الوقت في الانتظار الممقوت الذي لا مبرر له.

وأحب أن أسوق، مساهمة مني في إيضاح أهمية هذا الأمر وبيان ضرورته، بل وواقعيته بعض الملاحظات التي تفيد بأهمية هذا الأمر بل ووجوب الإسراع فيه:

أـ تزخر الجميعة بعشرات، إن لم أقل بمئات من الدعاة والعلماء والأئمة والأساتذة المتخصصين، ومن هذه الناحية فإن الإشكال الأساسي وهو “العنصر البشري” ذو الكفاءة والاقتدارغير مطروح؛ حيث بإمكان الجمعية أن تغطي الكثير من الحقول التربوية، والإيمانية، والمعرفية، والتربوية بأعضائها والمحبين والمناصرين بعد ذلك، وما أكثرهم، مبدئيا في مجالات محددة، ثم تتسع الدائرة بعد ذلك لتشمل حقولا أخرى.

ب ـ أن الجمعية جمعية تهذيبية علمية دعوية، وكل أولئك ـ التهذيب والتعليم والعلم والدعوةـ لا سبيل إليها في الغالب الأعم إلا بوسائط ووسائل من: صحف، ومجلات وكتب وإذاعة وقنوات.. وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وأوجبها وأكثرها تأثيرا وقدرة على الإبلاغ والإيصال في الوقت الحاضر هو القناة الفضائية المتخصصة في مجالات المعارف الدينية والعلمية والدعوية والتربوية، فهي ضرورة قائمة.

ج ـ إن الجمعية من حيث هي جمعية شاملة الاهتمام ولكنها تهتم في مقام الصدارة بالتربية والتعليم، وكثير من أبنائها وبناتها من المشتغلين في حقل التربية والتعليم، وهذا موقع يمنحها شرف الإسهام في هذا المجال الحيوي الاستراتيجي، والمقصود أن تقوم بدور مهم، على الأقل بما يرفع عن كاهل المنظومة بعضا من المشكلات المؤرقة كـ”الدروس الخصوصية”، و”التجارة” القائمة بشأن التعليم مما يتعاطاه الكثيرون والكثيرات (للأسف)؛ من الذين أغرتهم الظروف وسمحت لهم بحفر هذا الخندق العميق في نظامنا التعليمي والذي يَعدُ بالكثير من الكوارث!!..

في إمكان وقدرة الجمعية أن تسهم من خلال القناة التربوية بدور متين في هذا المجال، ولا بأس من التعاون مع الهيئات المختصة والوزارة الوصية؛ بالإمكان إيجاد أساتذة متميزين وتسجيل دروس في المواد والمجالات المهمة وسيسمح ذلك تدريجيا برفع المستوى، وتجنيب تلاميذنا محنة “الدروس الخصوصية” ومتابعة التعليم المعلب بذلك الشكل المهين، في”مرائب” بلا تهوية وبأكداس تصل إلى 40 و50 وربّما أكثر في الفوج الواحد بمقابل وصل إلىى 1200 دج، وربما يصل إلى 3000دج لـ”الرأس” كما يقول الباعة في سوق هذه الدروس الكارثية.

د ـ إن القوانين الخاصة بهذا الشأن الإعلامي لا تمثل عائقا؛ وهناك اليوم عشرات من القنوات الفضائية بين إعلانية وشبه موضوعاتية وعامة. ولن يكون من الصعب الحصول على ترخيص في هذا الشأن خاصة وأن الجمعية محل تقدير كل الجهات والهيئات.

هـ ـ ستنتفع الجمعية ذاتها في التعريف بنفسها وأنشطتها وفعالياتها وعلمائها وتاريخها ورجالها وبكل ما يجب وما ينبغي وما يُستحب؛ لأن القناة ستنقل أخبارها وأفكارها ورؤاها إلى عشرات الآلاف، وفي ذلك ربح في حد ذاته من ناحية العمل الجمعوي المتميز الذي تقوم به، والعمل التوعوي التهذيبي الذي هو أصل من أصول وجودها وملمح من ملامح عملها ونشاطها، وستجد تلك الملتقيات المتميزة التي تقوم بها شعب جمعية العلماء في كل مكان صداها الإعلامي والتبليغي، وفي ذلك الكثير من الخير.

وـ إن التكاليف الخاصة بإنشاء قناة موضوعاتيه: تربوية دعوية، مهما كانت فهي  ليست كبيرة ولا مُعجزة أو فوق الطاقة ..بل إن العمل في إطار الإيمان والدعوة وأخلقة المجتمع وترشيد طاقاته يهون بجانبه كل مبلغ يُحتاج إليه، وإن على المجتمع ـ ذاته ـ أن يرتقي في سبيل توفير الأدوات التي تعزز حصانته وتكفل صفاءه وترعى أخلاقه والنشء الصاعد فيه .

وحسب آراء المتخصصين .حسبُ المسألة أن تعدّ ميزانية تقديرية سنوية تُراعى فيها كل الأمور الأساسية، تغطي ما يجب من حقول الإرسال إلى تكاليف كوادر القناة ومسيّريها، وعناصرها البشرية: من منتجين وإعلاميين ومنشطين ومخرجين ومصوّرين الخ ..

فأين الخلل في هذا الأمر تحديدا؟ ولمَ هذا التأخر في إنجاز عمل حضاري علمي كهذا ظاهر الأولوية لكل ذي عقل؟. بل، وللحقيقة والتاريخ، نقول: إن  هناك عروضا هامة عُرضت على الجمعية في هذا السبيل، ليكون للجمعية موطيء قدم فضائي، ولكن …التردد والتعثر، وكثرة الآراء وربما أمور أخرى، ولا نريد أن ندخل في التفاصيل، للأسف الشديد أهدرت الفُرص وربما بقية باقية منها يتم السعي فيها في الوقت الحاضر…

إن مما ينبغي الصدع به بوضوح: أن تجعل الجمعية هذا الأمر أولوية، كما فعلت الجمعية زمن طبعتها الأولى، حيث نظرت إلى الإعلام كمسألة ذات أهمية وخصوصية، وسعت في إنشاء المطابع والصحف والمجلات والنوادي والمدارس… وكل الوسائل التي تحمل دعوة الجمعية إلى الناس وتوصل إليهم مبادئ الدين الحق ومعارفه وثوابته وحقائقه.

أرى أن تبادر الجمعية إلى إنشاء فريق متخصص يكون عمله الأساس إنجاز كل ما يتعلق بالإعلام، في مختلف حقوله وأنواعه، وبالإعلام الفضائي خاصة . آن للجمعية أن تشبّ عن الطوق وترسل نظرها إلى البعيد ..القريب. قناة فضائية موضوعاتية متنوعة باهرة، بالتعاون مع الأخيار، إعلاميين وأهل فكر وخبرة وصادقين أمناء والله المستعان .

*سبقت الدندنة حول هذا الموضوع في كتابات ولقاءات ومداخلات في رحاب الجمعية وخارجها .

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

مرحبا بكم في الموقع الرسمي لجريدة البصائر

 

تفتح جريدة “البصائر” صفحاتها للأساتذة الجامعيين والمؤرخين والمثقفين، لنشر إسهاماتهم في شتى روافد الثقافة والفكر والتاريخ والعلوم والأبحاث، للمساهمة في نشر الوعي والمبادرات القيّمة وسط القراء ومن خلالهم النخبة وروافد المجتمع الجزائري.

على الراغبين والمهتمين إرسال مساهماتهم، وصورة شخصية، وبطاقة فنية عن سيرهم الذاتية، وذلك على البريد الالكتروني التالي:

info.bassair@gmail.com