” دار الحديث في ذكراها الثانية والثمانين تحتفي بالدكتور عمار طالبي”

أ .محمد الهاشمي/ أ.قدور قرناش.

 

 الجلسة الأولى:
———————
الرجال الأعلام هم أعمدة البلاد وعلى كاهلهم يشيد العز والسؤدد، ومن هؤلاء الأفذاذ فضيلة الدكتور عمار طالبي الذي ارتأت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بتلمسان أن تكرمه، وهو أهل لذلك، بالنظر إلى منجزاته ومؤلفاته وبصماته في رحاب الجامعات والمؤتمرات، ومن محاسن الصدف والتوفيق أن يتزامن هذا التكريم مع الذكرى الثانية والثمانين لافتتاح مدرسة دار الحديث، حيث التقى الماضي بالحاضر، والأبناء بالآباء الأكابر، لمواصلة السير على نهج السلف الصالح الذين لهم فضل السبق والتأسيس لصرح جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وتجدر الإشارة إلى أن من أبرز الأعمال التي توج بها الأستاذ الدكتور عمار طالبي حياته العلمية “مختصر التحرير والتنوير للعلامة الشيخ الطاهر بن عاشور” الذي أنجزه خلال ثمان سنوات فمهد السبيل ويسر العسير لمن شاء أن يغترف من بحر التفسير، وقد انطلق الحفل بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم تلاها الشيخ إسماعيل جدور، وجاء النشيد الوطني متبوعا بنشيد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وبعدها مباشرة كانت كلمة المكتب الولائي التي ألقاها الأستاذ محمد الهاشمي، والتي رحب فيها بالحاضرين مذكرا بدور جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في حماية الدين واللغة والوطن، دون أن ينسى دور السيد والي ولاية تلمسان الذي لم يأل جهدا في دعم ومساعدة الجمعية في مشاريعها التعليمية والتربوية والتكريمية، وبعدها كانت كلمة المكتب الوطني لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي ألقاها الشيخ قدور قرناش نيابة عن رئيس الجمعية الشيخ عبد الرزاق قسوم الذي غاب عن الحفل لأسباب صحية نرجو من الله الشفاء العاجل له .
وقد تحدث الشيخ قدور قرناش عن الدكتور عمار طالبي وعن إنجازاته الكبيرة في مجال التعليم والتأليف وعن دار الحديث في ذكراها هذه، وقد اعتبر الشيخ قدور قرناش حدث اليوم هو ثبات على نهج الماهدين الذين أسسوا هذه الدار على تقوى من الله ورضوان، ثم جاءت كلمة الشيخ الفاضل بن يونس آيت سالم الذي تحدث عن تاريخ دار الحديث قديما وحديثا ومستقبلا، وعن الرجال الذي دافعوا عن الوطن من طلبتها إذ بلغ عددهم حوالي 82 شهيدا، وعرج على تاريخ العلماء المغاربة الذين اشتغلوا بتفسير القرآن الكريم، وقد نشط الحفل الشيخ عبد الله غالم رئيس المكتب الولائي لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين الذي أجاد وأفاد.
وبعد الاستراحة وتقديم إكرامية للحاضرين عاد الحاضرون إلى القاعة ليستمعوا إلى تدخل الأستاذ عبد الله عثامنية بكلمته الطيبة التي شكر فيها أهل تلمسان على كرمهم وحسن ضيافتهم وعلى حبهم وخدمتهم للعلم والعلماء، ثم انتقل ليتحدث عن أستاذه الدكتور عمار طالبي الذي عده خزان العلم ومرجع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وحمد الله على الدور العظيم الذي قام به رجالات جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أثناء الاستقلال إذ ضحوا بكل ما يملكون من أجل نصرة الدين واللغة والوطن، وبفضل جهودهم استطعنا الآن أن نسمع صوت الحرف العربي يتردد صداه في كل القاعات، وتحدث عن بعض أعمال الشيخ عمار طالبي الذي يعد من الأوائل الذين ساهموا في وضع برامج التعليم وأول من قام بتعريب كلية الآداب على مستوى الوطن، وساهم في ملتقى الفكر الإسلامي بكل قوة وحيوية .
أ. محمد الهاشمي./ أ.قدور قرناش.

الجلسة الثانية:
———————-
الجلسة الثانية من الحفل والتي كانت عبارة عن ندوة جمعت الشيخ عمار طالبي والشيخ محمد الهادي الحسني والدكتور مالك سونة بوعمرة والشيخ السعيد معول من تنشيط الشيخ الفاضل بن يونس آيت سالم، وكان الفضل بداية للشيخ السعيد معول الذي تحدث عن القرآن وعن السنة وعن حياة النبي حيث قال:”هذا القرآن يتجدد ولا يتبدد فيه خبر ما قبلكم وما بعدكم، إنه النور الذي يهدي به الله من يشاء وهو الأمانة التي تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمة الإسلام بدون القرآن لا قيمة لها ولا حياة “، وتحدث قائلا:” إن الجزائريين من أسرع شعوب الأرض احتضانا لعقيدة التوحيد .”
وبعدها مباشرة تحدث عن الكلمات المظلومة لغة ككلمة استعمار والأصح أنها استدمار أو استكبار كما سماها القرآن الكريم، ثم تحدث عن دور الاستدمار الفرنسي الغاشم في محاولاته طمس الهوية الجزائرية الإسلامية، وكانت كلمته طيبة أثرت في الحاضرين فبكى وأبكى القاعة بأكملها، وقد لخصت هذه الدموع كل ما يقال .
وجاءت بعدها كلمة الشيخ محمد الهادي الحسني التي دارت حول جهود علماء المغرب العربي في كتابة تاريخ العلماء الذين اشتغلوا بتفسير القرآن الكريم وأن المغاربة كان لهم السبق في ذلك، فقد ذكر من بينهم الشريف التلمساني، وتوجه بالشكر للعاملين بدار الحديث الذين نرجو منهم أن لا يقطعوا هذه العادة التي تجمعنا من حين لآخر والتي تدفعنا لتكريم العلماء كما هو الحال هذه السنة مع الدكتور عمار طالبي، ثم تحدث عن تردي الأمة الإسلامية والذي أرجعه إلى عدم فهمها القرآن الكريم أو أنها لم تعر بالا لفهم القرآن الكريم، وذكر بالمفكر الجزائري مالك بن نبي وببعض نظرياته كالفكر الميت والفكر القاتل والفكر الحي المحيي، وختم قوله عن الشيخ بن باديس الذي فهم القرآن فرفعه ليبقى ذكره بين الأجيال.
وجاءت كلمة الدكتور سونة بوعمرة الذي تحدث فيها عن تفسير التحرير والتنوير لفضيلة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ومكانته في حركة التجديد وعن تفاسير بعض علماء الجزائر هذا التفسير الذي رأى النور قبل 59 سنة مرت، وركز على امتياز تفسير التحرير والتنوير الذي عده من أفضل التفاسير التي اطلع عليها منها أن تفسير الطاهر بن عاشور لم يتقيد بأقوال السابقين، وأن من يستطيع أن يكتب منجدا فسيجد ذلك في تفسير ابن عاشور، كما أننا نجد فيه علوما ونكتا وحتى العناية بالجغرافيا، وختم قوله بأنه تفسير بديع ورائع، أما الكلمة الختامية فكانت للمحتفى به الشيخ الدكتور عمار طالبي الذي نوه بهذه الالتفاتة الطيبة من الجمعية، وقال: إن تكرمونني اليوم فأنتم تكرمون العلم الذي يبقى ذكر الإنسان به بعد موته ثم سلمه الشيخ بن يونس هدية المكتب الولائي لتلمسان وهدية السيد والي الولاية تقديرا وتكريما له فشكره الدكتور عمار طالبي على عنايته ورعايته للعلم والعلماء في ولايته، وختمت الجلسة بدعاء للحاضرين وللوطن .

Exit mobile version