“ما جمعته يد الله لا يمكن أن تفرقه يد الشيطان”/ أ. د. عبد الرزاق قسوم
الكلمة الافتتاحية للجامعة الصيفية السادسة
٭نص الكلمة التي ألقاها رئيس الجمعية في افتتاح الجامعة الصيفية السادسة التي عقدت ببومرداس.
بسم الله الواحد الأحد نبتدئ، وبهديه وتوفيقه نقتدي، و نصلي ونسلم على سيدنا محمد المثل الأعلى في التوحيد والوحدة الذي منه نستلهم وبه نقتدي،
أصحاب المعالي الوزراء.
أصحاب الفضيلة العلماء.
ضيوفنا الأفاضل الأعزاء.
أبناء وبنات جمعية العلماء النبلاء الأصلاء
سلام عليكم في موعد الجامعة الصيفية السادسة، لجمعية العلماء، التي لم تخلف وعدها، ولم تخن عهدها.
لقد دأبت جمعيتكم، جمعية العلماء، منذ ست سنوات، على إحياء هذه السنة العلمية الحسنة، الجامعة للطاقات والكفاءات ، في الجامعة الصيفية ، دأبت على مواكبة الحياة الوطنية،
بكل آمالها وآلامها ومعالجة القضايا المصيرية الحساسة في وطننا كقضية الشباب، وقضية الأسرة، وقضية البناء الهيكلي للجمعية وغير ذلك.
إنها تأتي بهذه القضايا الحساسة لتضعها على طاولة المشرحة العلمية فتشخص الداء، وتصف الناجع من الدواء.
وعلى نفس المنوال، ها هي اليوم، وفي ظل الحراك الشعبي الوطني الأصيل المتواصل وفي ضوء مبادئه النوفمبرية الباديسية التي منها نستلهم مبادئنا العقدية ـ وثوابتنا الوطنية، وقيمنا الإسلامية الإنسانية، هذه المبادئ والثوابت والقيم، التي نأمل أن تبقى نقية صافية النبع والمصب، فلا يسطو على نهرها أي ملوث، ولا يخالط صفوها أي مشوش ومثبط، لقد استلهمت الهيئة العلمية لجمعية العلماء من هذه المبادئ، موضوع الساعة الذي هو الوحدة الوطنية، هذا المبدأ الغالي المقدس الذي يواجه تحديات وتنصب له الفخاخ، والمكائد والعديد من المناورات.
إن هذا الموضوع هو الذي دعت جمعية العلماء لمعالجته ثلة من أهل العلم والاختصاص، لننزع فتيل الكائدين منه، وكشف مختلف التحديات التي تواجهه .
إن جمعية العلماء، قد آمنت منذ نشأتها على يد الإمام القائد الخالد عبد الحميد بن باديس والذين معه بمبدأ التوحيد والوحدة .
وكما عانت الجمعية الأم مكائد الاستعمار الغاشم، بالتشويش على عقيدة التوحيد في ديننا وعلى مبدأ الوحدة في وطنيتنا، تواجه الأمة اليوم بقيادة جمعية العلماء، مختلف مكائد العملاء من شياطين الإنس، في محاولة تهديد وحدتنا، و تشتيت شملنا.
إن الاستعمار – كما تعلمون جميعا هو شيطان، ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً﴾، كما يقول الله سبحانه وتعالى .
إن التوحيد العقدي والوحدة الوطنية هما صمام الأمان والأمن في عملية التشييد والبناء التي نقودها اليوم في ظل الإخلاء والملء.
فبعد النتائج العظيمة، التي حققها الحراك الشعبي الوطني، في إخلاء الوطن من عصابة الفساد، والإفساد والاستبداد للبلاد والعباد، هاهو الحراك الوطني يطالب بالملإ أي تقديم البديل من المواطنين الشرفاء، النبلاء، ليعيدوا الوطن، إلى تحقيق عهد العلماء والمجاهدين والشهداء.
وفي هذا السياق، لابد من إصلاح شمولي، يتجاوب مع منهج جمعية العلماء، ويتجلى في إعادة اللحمة الوطنية، وفقا لثوابت الهوية، والعقيدة، وتفويت الفرصة على المخططات الاستعمارية الصهيونية، والعمالة المحلية.
وهنا يجب أن نذكر بالمقولة الخالدة للإمام عبد الحميد بن باديس والتي هي شعار هذه الجامعة الصيفية : )ما جمعته يد الله لا يمكن أن تفرقه يد الشيطان( .
فقد وحدنا الله بالكتاب والسنة فقال لنا: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ وقال:
﴿لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.
وإن الوحدة لهي القوة والعزة والسيادة.
أما الشيطان فيدعو إلى الفرقة والشتات وإن كيد الشيطان كان ضعيفا، لأن الشتات ضعف، وذل وهوان.
فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون : ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ﴾.
فيا أبناء وبنات جمعية العلماء، يا أيها الشباب الفاعل في الحراك الوطني، إن الوحدة الوطنية أمانة الله في أعناقكم، ووديعة العلماء، والشهداء في ضمائركم، فاحموها من العابثين والكائدين والمفسدين.
﴿ وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
فالله الله في الحراك الوطني، حافظوا على نبعه الأصيل، واحموه من كل دجال أو دساس دخيل.
إياكم والكلمات المظلومة، والمفاهيم المستوردة الموهومة، والمطالب السياسية الملغومة.
أحموا المؤسسات من كل أنواع الشتات وتشبثوا بالحلول النابعة من دستوركم، والحامية لمعتقدكم ، و ثوابتكم و شعوركم.
إن أعداءنا لن يهدأ لهم بال، مادمنا قد استعدنا وعينا المفقود ونبني غدنا السعيد الموعود.
ويا علماءنا، هاهي الأمة قد ولت قبلتها العلمية نحو جامعتكم الصيفية، أملا منها في أن تخففوا معاناتها وتعالجوا علاتها وتحلوا أزماتها .
يجب أن تعوا أن الوطن مكبل بكل أنواع التأزم، السياسي، والاقتصادي، والثقافي والاجتماعي، والأخلاقي، فصونوه من هذه الآفات، وافتحوا أمامه آفاق الأمل، ليتخلص من عواقب ما فات.
كونوا الأكسجين أو المبيد الذي يقضي على كل أنواع الطفيليات التي تحاول أن تلوث وجه وطننا السياسي، ونقاء عملنا الثقافي، و نماء كنزنا الاقتصادي، وصفاء سلوكنا الأخلاقي؛ وتلتزم قيادة الجمعية من جهتها بأن تبقى وفية لمبادئ الحراك الوطني الأصيل طالما لم يحد عن مبدئه النبيل.
كما ستظل تدافع عن مطالب وطموحات شعبنا العميقة في إحداث التغيير نحو الأفضل.
ونطالب قواعد الجمعية من جهتها أن تلتزم بقواعد الانضباط في التعامل مع المؤسسات بعيدا عن عبسية الإعلام الفوضوي، وأن تقيم كل حوار داخل قواعد التنظيم المؤسساتي، هذا لكم عهدي به، فصونوا الأمانة واحفظوها وإلى اللقاء في ميدان العمل الفسيح، وإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
إن المستقبل لكم، وإن البقاء للأفضل والسلام عليكم.
أسأ الالجمحمسني