العصابة تخسر الرهان …؟/ عبد الحميد عبدوس
منذ أن أكد الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، يوم الاثنين 2/09/2019 من ورقلة، بأنه “من الأجدر أن يتم استدعاء الهيئة الناخبة بتاريخ 15 سبتمبر الجاري” تسارعت وتيرة التوجه نحو تنظيم انتخابات رئاسية تعد من أهم المواعيد السياسية في تاريخ الجزائر.
وفي افتتاح الدورة البرلمانية العادية لسنة (2019-2020)، يوم الثلاثاء 3/09/2019 قال رئيس المجلس الشعبي الوطني، سليمان شنين بأن:”الوقت يفرض اليوم على الجميع التوجه السريع إلى الشرعية الشعبية من خلال الانتخابات الرئاسية قبل نهاية السنة الجارية”.
ويوم الأحد 8/09/2019، وبعد تقديم الهيئة الوطنية للوساطة والحوار التقرير النهائي للهيئة، والذي يخص لقاءاتها مع الأحزاب السياسية، والمنظمات الوطنية وفعاليات المجتمع المدني، التي يترأسها كريم يونس المكلفة بالبحث عن مخرج للأزمة السياسية في البلاد في إطار توافقي دعت اللجنة إلى ” إجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب الآجال الممكنة”.
ومن جهته أكد رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح يوم الاثنين 9/09/2019 على إثر مصادقة مجلس الوزراء على المشروعين التمهيديين لقانون الانتخابات المعدل، واستحداث سلطة عليا للانتخابات، أنه:” ينبغي أن تتجند السلطات العمومية وكافة الفاعلين في الساحة الوطنية من أجل تنظيم الانتخابات الرئاسية في الآجال الـمطلوبة”.
وفي سياق هذه الديناميكية المتسارعة لإجراء الانتخابات الرئاسية، عاد الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الشعبي الوطني ليؤكد بثقة خلال اليوم الثاني (11/09/2019 ) لزيارته إلى الناحية العسكرية الخامسة بقسنطينة:” كنا قبل الآن نتكلم عن ضرورة الإسراع في إجراء الانتخابات الرئاسية، أما اليوم فإننا على يقين تام بأن هذه الانتخابات ستتم في الآجال المحددة لها، بفضل قوة إدراك الشعب لخفايا أجندة بعض الأطراف المعروفة التي لا تمت بأي صلة لمصلحة الشعب الجزائري، أجندة أمليت عليها من طرف جهات معادية للجزائر قوامها بذل كل الجهود المغرضة من أجل تعطيل الحل الدستوري، أي تعطيل إجراء الانتخابات الرئاسية”.
وبعد مصادقة البرلمان الجزائري بغرفتيه على المشروعين التمهيديين لقانون الانتخابات المعدل، واستحداث سلطة عليا للانتخابات، وتنصيب السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات الذي يتكون حسب مشروع قانون إنشائه على مجلس السلطة من خمسين 50 عضوا، يمثلون 20 كفاءة من المجتمع المدني و10 كفاءات جامعية، كما يتكون المجلس من 10 من العاملين بقطاع العدالة، حيث جرى تقسيم المقاعد العشرة كالتالي، 4 قضاة، محاميان، موثقان، ومحضران قضائيان، كما نص مشروع القانون على تخصيص خمسة مقاعد في مجلس السلطة لكفاءات مهنية، وثلاث مقاعد لشخصيات وطنية، ومقعدين لممثلين عن الجالية بالخارج. بتنصيب هذه السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات تكون كل الإجراءات القانونية والسياسية قد استكملت لتنظيم الانتخابات الرئاسية، التي أكد الفريق أحمد قايد صالح أنها ” ستحمل حتما بين طياتها ما يتيح قطع المزيد من الأشواط على درب إرساء دولة الحق والقانون … كما تشكل ضربة قاضية لمصالح العصابة وأذنابها ومخططاتها في إعادة صياغة المشهد الوطني العام حسب أهوائها ومصالح أسيادها”.
كانت العصابة وأذنابها يرمون إلى إطفاء جذوة الحماس في نفوس الشعب وقتل الرغبة في التغيير بتشجيع الثورة المضادة، ورفع شعارات التخوين ضد من تصدوا لمحاربة العصابة، وإدخال الجماهير في روتين المسيرات التي أصبحت تعمق الخلاف بين أبناء الحراك. وكانت العصابة تنتظر أن يتحول الشارع إلى حلبة للصراع حتى يسود الانطباع أنه ليس في الإمكان أحسن مما كان.
لقد راهنت العصابة وأذنابها من خلال اختراق المسيرات الشعبية ورفع الشعارات التضليلية واستخدام إمكانياتها المالية الضخمة التي سرقتها من خزينة الدولة وأقوات الشعب لشراء الذمم الخربة وتسميم معنويات الشعب بتوظيف الأقلام المأجورة والقنوات المشبوهة والدعم السري والعلني للقوى الأجنبية المعادية لاستقلال الجزائر ونهضتها ، إلى إطفاء جذوة الحماس في نفوس الشعب الذي أشعل في 22 فيفري 2019 شرارة انتفاضة شعبية حقيقية لإزاحة حكم العصابة وتحالف قوى الفساد والاستبداد، ولقتل الرغبة في التغيير، ومن خلال تشجيع مساعي الثورة المضادة، وإدخال الجماهير في روتين المسيرات التي أصبحت تعمق الخلاف بين أبناء الحراك، برفع شعارات التخوين ضد من تصدوا لمحاربة العصابة، وكانت العصابة تنتظر أن يتحول الشارع إلى حلبة للصراع حتى يسود الانطباع أنه ليس في الإمكان أحسن مما كان.
ومن الجدير بالذكر التنويه إلى أنه ليس كل من شارك ويشارك في الحراك الشعبي المتواصل أو في مسيرات الطلبة هم من أتباع العصابة أو من عملاء القوى الخارجية المعادية، فهناك من يعتقد أن هدف القيادة العسكرية من تسريع وتيرة تنظيم الانتخابات الرئاسية هو إعادة إنتاج رئيس مزور ومسير، خاضع لإرادة وتوجيهات القيادة العسكرية ويستشهدون بتجارب دول قريبة منا على غرار التجربة المصرية بقيادة الجنرال عبد الفتاح السيسي، وهؤلاء يعتقدون أن الخطر يكمن في تنظيم الانتخابات وليس في تزوير الانتخابات، وخطأ هؤلاء المواطنين أنهم يجعلون من احتمال لم يقع، وشك قد لا يتحقق مبررهم الوحيد للتجنيد والاصطفاف خلف شعارات العصابة وأذنابها، وهم بذلك يستهينون بإرادة الشعب، ونضج وعي الجماهير التي أسقطت خيار العهدة الخامسة، وهذه الجماهير قادرة على الوقوف مرة أخرى في وجه الذي يزور الانتخابات أو يتلاعب بإرادة الشعب، بل إن هذا الانحراف إن وقع، فسيوحد مرة أخرى إرادة الجماهير الشعبية ضد الفاسدين والمزورين، وهو ما أشارت إليه بوضوح وزارة الدفاع الوطني التي أكدت في افتتاحية مجلة الجيش لسان حال المؤسسة العسكرية الجزائرية أن:”عهد الإملاءات وصناعة الرؤساء قد ولى بلا رجعة” ولذلك فإن الخوف من الانتخابات وبذل كل الجهود لعرقلتها وإيهام الرأي العام بوجود بديل آمن وسلمي عنها هو الخطر على واقع الشعب ومستقبل الوطن. وكل المؤشرات تدل بوضوح أن العصابة قد خسرت رهان بإحداث فراغ دستوري والسطو على الإرادة الشعبية.