حتى يمكن للانتخابات القادمة أن تحسم ما بيننا من الخلافات القائمة…/ أ. محمد العلمي السائحي

من الواضح لكل الناس أن السلطة تبني آمالا عريضة على الانتخابات القادمة، وتعول عليها كثيرا لإخراج البلاد من عنق الزجاجة التي انحشرت فيه، وترى أن الإسراع في إجرائها سيسهم في تقليص عمر الأزمة القائمة وسيعجل بإعادة الأمور إلى نصابها، وسيضع حدا لكل التجاذبات السياسية التي إن طال أمدها سيتسبب دون شك في تعفين الوضع وسيزيد من تأزمه.
فعلا يمكن للانتخابات المنتظرة أن تحقق ذلك كله وزيادة، لكن شريطة أن تكون شفافة، ونزيهة، وذات مصداقية، و ذلك يتطلب الوفاء بما تستلزمه من شروط، وأن يتم الإعداد لها بما يتناسب مع أهميتها، وما ينعقد عليها من آمال، ويعلق عليها من رجاء.
من ذلك أن يتم التدقيق في ملفات المترشحين، بحيث يتسنى استبعاد كل المترشحين للرئاسة الذين صدرت في حقهم أحكام قضائية تقدح في أمانتهم، أو يثبت في حقهم خدمة المصالح الأجنبية، أو معارضتهم للإسلام، أو ازدرائهم للغة الشعب وثقافته.
أن تكون عضوية هذه الهيئة بالانتخاب لا بالتعيين، لأنه مظنة التلاعب والمحاباة، كما يمكن أن يستغل لتوظيفه في خدمة حسابات معينة، وإن استحال ذلك وكان لابد من التعيين، يتحتم عندها إيجاد طريقة لضمان حيادية أعضائها، حتى لا يطعن في موضوعية نتائجها.
الكل يتفق على أنه ليس مطلوبا من الانتخابات الرئاسية القادمة أن تفرز لنا رئيسا كيفما كان، وإنما المطلوب منها هو: أن تمكن الشعب من انتخاب رئيس شرعي ذي مصداقية يفرض على الجميع احترامه والتجاوب معه ويضمن له تعاون الجميع معه واحترام قراراته، ودعمه في مواقفه التي يتخذها في الداخل والخارج.
و المطلوب منها أن: تتمخض نتائجها عن رئيس قادر على أن يفرض احترام الدولة الجزائرية على الصعيد الداخلي والخارجي، وأن يستعيد للجزائر دورها على المسرحين الإقليمي والدولي، وأن يسترجع لها هيبتها.
و أن يكون هذا الرئيس قادرا بالفعل على خدمة حاضر الجزائر ومستقبلها، ومساعدتها على تجاوز مختلف الأزمات التي تعانيها في مختلف المجالات، بما يجعلها تتمكن من التحرر من التبعية للغير صديقا كان أو شقيقا.
كما أن المطلوب منها أن: تعيد إلى الشعب ثقته في الدولة والسلطات التي تمثلها، وأن تشعره بأنه قد تخلص من النظام القديم، وتحرر نهائيا من ممارساته المنافية للديمقراطية، تلك الممارسات التي كانت ترمي إلى التلاعب بإرادة الشعب والتمويه عليه.
وأن تؤكد له أنه قد انتقل بالفعل إلى عهد جديد، العهد الذي تقدس فيه الإرادة الشعبية، وتحترم فيها كل الاحترام، ولا يتلاعب بها أو يلتف عليها، العهد الذي استعاد الشعب فيه وعيه وأدرك أن الضمان الأكيد لخدمة جميع المصالح يكمن في تقديم المصلحة العليا للبلاد و إيثارها على جميع المصالح الأخرى، وعليه إذا استطعنا أن نجعل انتخاباتنا القادمة تتمخض عن مثل هذه النتائج، عندها فقط ستسهم فعلا في حسم جميع خلافاتنا القائمة…